أخذني خبر توقف أكثر من 1200 عامل من عمال نظافة الحرم المكي الشريف يتبعون لاحدى الشركات وامتناعهم من العمل حتى يبت في طلبهم برفع أجورهم، وقيام موظفي الرئاسة العامة لشؤون الحرمين من السعوديين بحمل وتعبئة مياه زمزم بدل عمال الشركة المضربين عن العمل، أخذني إلى التفكير في قضية خدمة مساجد الله وما يمكن أن يناله المسلم من أجر عظيم حين يقوم بهذه الخدمة الجليلة. ونظافة المسجد من الأمور المرغب فيها بدليل الأحاديث الواردة في الترغيب في ذلك، ومن هذه الأحاديث ما رواه الترمذي وأبو داود، عن عائشة قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب. ومما ورد في تعيين فضل تنظيف المسجد ما أخرجه الطبراني وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم: ابنوا المساجد، وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله بيتا بنى الله له بيتا في الجنة، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين. كما يدخل هذا العمل أيضاً في عموم قوله تعالى في سورة الزلزلة: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} الآية:7. وإذا كان هذا الأمر يصح في كافة المساجد فإنه أكثر انطباقا على الحرمين الشريفين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة. ولقد كانت صور موظفي رئاسة الحرمين وهم يقومون بكل جد وإخلاص ببعض ما كانت تقوم به عمالة المسجد الحرام الوافدة من مهام صورة تشع بالمثابرة والإخلاص، وهو ما جعلني أتساءل مع نفسي: أين شبابنا والعمل التطوعي لخدمة الحرمين الشريفين؟ ولماذا لا نطور برامج لتدريب من يتطوع من شبابنا على خدمة كافة مرافق الحرمين الشريفين في كل من مكةالمكرمة والمدينة المنورة، بل وأيضاً المشاعر المُقدسة خلال موسم الحج، من قبل شركات متخصصة للراغبين وجدولة وتنظيم أعداد من الشباب بشكل يتواءم مع أوقاتهم ومع احتياجات خدمة الحرمين بشكل عام ، وإن كان لا يُغني عن العمالة الوافدة، فهو يُعطي شبابنا فرصة لممارسة أعمال تطوعية، أو مدفوعة، يخدمون بها وطنهم ودينهم ويكتسبون من خلالها الأجر بإذن الله. وأجدها فرصة هنا لدعوة الشيخ صالح كامل الذي كانت شركته (دلة) تتولى مهمة تنظيف المسجد الحرام بتبني القيام بدراسة حول تطوير العمل التطوعي لخدمة وتنظيف مرافق الحرمين الشريفين بشكل علمي ومدروس، بل وربما إنشاء معهد للتدريب للمتطوعين أو العاملين بأجر من السعوديين في هذا المجال الذي يكسبون فيه دنياهم وآخرتهم في آن واحد. وأخيراً .. لقد اختار ملك هذه البلاد لقب «خادم الحرمين الشريفين» من باب الفخر بهذه المهمة المُقدسة التي تزيده شرفاً على شرف. فلماذا لا نتيح الفرصة لكي نكون كلنا خداما للحرمين بشكل عملي يؤدي فيه كل وفق قدرته ما يقربه إلى الله تعالي؟!