أبطال آسيا 2.. النصر يقسو على الاستقلال الطاجيكي بخماسية    اختتام أعمال المنتدى والمعرض العالمي للبنية التحتية بالرياض    السعودية تستضيف كأس السوبر الإيطالي في ديسمبر المقبل    باول: لم يكن هناك دعم لخفض الفائدة بأكثر من ربع نقطة    غزة بين الركام والمجاعة: حرب مدمرة تفتك بالأرواح وتشرد السكان    إيران تواجه خطر إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة    ما أهداف اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان؟    الصمعاني يستعرض احتياجات محاكم الشمالية    انطلاق فعاليات منتدى "حوار الأمن والتاريخ" بالرياض    دوناروما: الانتقال إلى مانشستر سيتي كان خياري الأول والأخير    دول مجلس التعاون: جرائم إسرائيل المتكررة في غزة جرائم حرب لا يمكن السكوت عنها    ضبط شخصين في الشرقية لترويجهما الحشيش وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    الأميرة سما بنت فيصل تُقيم مأدبة عشاء ثقافية لضيوف تدشين مشروعات رسل السلام    نائب أمير تبوك يكرم تجمع تبوك الصحي لحصوله على جائزة أداء الصحة في نسختها السابعة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرعى حفل افتتاح ملتقى جامعة جازان ل"أبحاث السرطان 2025″    أمير جازان يرأس اجتماع اللجنة الإشرافية العليا للاحتفاء باليوم الوطني ال95 بالمنطقة    أمير الرياض يستقبل السفير فوق العادة لجمهورية فيتنام    سلمان بن سلطان يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    مستشفى صبيا العام ينقذ حياة ثلاثيني من كيس مائي كبير الحجم في البطن    المرور: استخدام الهاتف أثناء القيادة من أبرز مسببات الحوادث المرورية    بيئة جازان تعالج 25 بئرًا مهجوراً ومكشوفًا    "إثراء" يتصدّر المشهد الثقافي بحصوله على جائزة الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري    لا تخاطر..بادر بالتحول الاستباقي إلى أجهزة Windows 11 Pro الجديدة مع اقتراب نهاية دعم Windows 10    الموافقة على آلية التعامل مع حالات العنف والإيذاء والإهمال في المنشآت الصحية    بنك الجزيرة يوقع اتفاقيات تعاون لتطوير خدماته المصرفية وتعزيز خدماته الرقمية    مدير تقني مكة وعميد تقنية الطائف يكرمان عسيري وسليم نظير جهودهما    الأمين العام لمجلس التعاون يرحب بإعلان سوريا الوصول إلى خارطة الطريق لحل الأزمة في محافظة السويداء    وزير الشؤون الإسلامية يبدأ زيارة تفقدية لقطاعات الوزارة وتدشين مشروعات جديدة بالمدينة المنورة    إطلاق اسم الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على طريق المطار في المدينة المنورة    أمانة تبوك تضبط منزلًا لتخزين لحوم مجهولة المصدر    ضبط مواطنًا مخالفًا للائحة الأمن والسلامة في ضباء    "الخارجية اليمنية" ترحب بقرار الأمم المتحدة نقل المقر الرسمي لوظيفة المنسق المقيم إلى عدن    المياه الوطنية وصندوق الشهداء يوقعان اتفاقية تعاون    الإنجازات الأمنية على طاولة نائب أمير الرياض    دوري أبطال أوروبا| ريال مدريد يعبر مارسيليا بثنائية مبابي    أدان بأشد العبارات اعتداءات سلطة الاحتلال بالمنطقة.. مجلس الوزراء: نتضامن مع قطر وندعمها لحماية أمنها وسيادتها    نزاع على تصميم ينتهي ب«التعويض والسحب»    «أليانتس أرينا» يعيد التاريخ بين بايرن والبلوز    بناء صورة جديدة للمملكة    موجز    «فبراير الأسود» يعيد القصبي للدراما    هل ستستمر مواقع التواصل الاجتماعي؟    الصناعة تتوج بجائزة التميز    قمة الدوحة.. رسالة إستراتيجية حاسمة    وجهة نظر في فلاتر التواصل    خطبة الجمعة المقبلة.. وحدة الصف ونعمة الأمن والرخاء ورغد العيش    قطر: نتنياهو لن يفلت من تبعات خرق القانون    في ختام الجولة الأولى بنخبة آسيا.. الهلال يقلب الطاولة على الدحيل القطري    قطرات عين ثورية بديلة عن النظارات    انتظر في حسرتي لين الغياب    ماكل هرج نسمعه نستمع له ولا كل من وصِي على الطيب طابي    يوم النخيل العربي    اللصقات الهرمونية أنسب لمرضى السكري    وجبة دهون واحدة تضعف الذاكرة    خطى ثابتة لمستقبل واعد    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشغيل الأطفال.. من رغيف العيش إلى جريمة العصابات المنظمة

بين تسول الأطفال وتحولهم إلى مجرمين صغار خيط رفيع للغاية إلى الدرجة التي يصعب معها أحيانًا التفريق بينهما، فعندما يتحول بيع الأطفال لزجاجات مياه في إشارات المرور بين عشية وضحاها إلى عمليات منظمة لخطف الجوالات في غفلة من السائقين يجب أن نتوقف لندق الأجراس. وعندما يتخصص بعض الوافدين من جنسيات مختلفة في توزيع مئات الأطفال على مختلف الإشارات والمحلات التي يكثر بها الزبائن عصر كل يوم ثم يعود إلى تجميعهم في الثانية عشرة مساء بعد جمع حصيلة مالية محترمة من التسول، فهنا يجب أن نلتفت إلى هؤلاء، فيما هناك فئة أخرى من هؤلاء الأطفال تقوم عصابات منظمة بتشغيلهم بما تملكه من قنوات اتصال مع بعض أرباب العمل في الورش الصناعية وغيرها مقابل الحصول على أجر مادي.
«المدينة» رصدت عددًا من الأطفال الصغار الذين اضطر بعضهم فقر الأهل المدقع لبيع المناديل والمياه في الشوارع على إشارات المرور أو لمكابدة العمل في ورش تصليح السيارات وسط ظروف صعبة لا قبل لمن هم بسنهم في مواجهتها للمساعدة في تلبية احتياجات الأسرة المادية الكثيرة.
حكاية زهرة
زهرة فتاة أفغانية لم يتجاوز عمرها السبعة أعوام تبيع مناشف على كورنيش جدة، ورغم كل محاولاتنا التودد لها للسماح لنا بتصويرها إلا أنها رفضت بشدة، وكانت متحفزة للهرب عند أي محاولة من جانب المصور لاختلاس صورة لها، أخبرتنا بمساعدة أخيها يعقوب البالغ من العمر 10 سنوات والذي كان يلعب كرة القدم قريبًا منها، بأنها تكسب ما يقارب 50 ريال يوميًا، وبأن والديها على قيد الحياة والأب يعمل في مكة المكرمة مع عمها ويعود إلى البيت أسبوعيا يوم الإجازة فيما الأم تعمل خياطة.
وأكمل أخوها يعقوب – 10 سنوات والذي كانت عيناه تتابعان المصور بحذر شديد خلال حديثه معنا ويطلب من أخته الاختباء خلفه كلما شك في وجود محاولة للتصوير، يقول: «في الأيام العادية نبدأ العمل من بعد صلاة المغرب وننتهي عند الواحدة ليلًا»، ويضيف: «في الصيف والمواسم تمتد ساعات العمل للثالثة ليلًا»، ويؤكد أن والديه لا يطلبان منهم هو وزهرة وأخيهم الأكبر الذي يبيع مناشف أيضًا مبالغ معينة يوميًا، بل يتركون لهم حرية لعب كرة القدم في إحدى الساحات بالكورنيش حيث يعملون. وكما هي حالة الكثير من هؤلاء الأطفال العاملين فزهرة وأخواها لم يدخلوا إلى المدارس أبدًا ولم يتلقوا أي قسط من التعليم، يقول يعقوب: «لم ندخل المدرسة فقط نذهب لتحفيظ القرآن الكريم»، مضيفًا: «ثلاثتنا ولدنا بجدة وبدأنا بالعمل هنا قبل عام».
حكاية الأشقاء الخمسة
أما ناصر يمني ويبلغ - 11 عامًا فقابلناه وهو يبيع المياه بأحد الأسواق، ولنفاجأ لاحقًا بأن إخوانه الخمسة والذين تتراوح أعمارهم بين التاسعة والرابعة عشرة، يعملون جميعا بنفس السوق في مجالات مختلفة مثل بيع أغطية الصلاة والملابس والمياه.
أخبرنا ناصر بأنه لا يدرس حاليًا نظرًا لتوقف المدارس في بلاده بسبب الأوضاع السياسية السيئة، وأن والديه يقومان بتعليمه هو وإخوته بالبيت، مؤكدًا أن حصيلة ما يجنيه من بيع كرتونتين من المياه يوميًا من بعد صلاة العصر إلى العاشرة ليلًا تعود إليه ولا يأخذها والده (رصدنا قيامه بإعطاء قيمة زجاجة ماء إلى أخيه الأكبر علي البالغ من العمر 19 عامًا)، وتدخل أخوه علي في الحديث، وقال لنا: إن إخوانه جميعًا يذهبون لتحفيظ القرآن، وأنهم لا يواجهون أي مشقة في الحضور أو العودة من العمل لأنهم يسكنون قريبًا منه.
250 ريالًا لإصلاح السيارات أسبوعيًا
ويختلف حال هارون 14 عامًا سوداني عن سابقيه، ليس لأنه ينتمي لقارة وجنسية أخرى فقط بل لطبيعة عمله الأكثر مشقة، فهو يعمل في محل لإصلاح شكمانات السيارات مقابل أجر أسبوعي يبلغ 250 ريالًا، وبحسب قوله فهو مقيم ببيت خالته القريب من مكان عمله والتي تقوم بتعليمه اللغة الإنجليزية بالبيت لعدم ذهابه إلى أي مدرسة مطلقًا، ويؤكد أنه بدأ العمل منذ عام تقريبًا وأن إخوته البالغ عددهم 3 ذكور و3 إناث جميعهم في سن الطفولة يعملون مثله.
أما حمادة سعيد من الصومال الأكبر سنًا بين من قابلناهم إذ يبلغ من العمر 16 عامًا، بدأ رحلة العمل قبل 3 سنوات في محل لبيع مسجلات السيارات، إلا أن المقام استقر به أخيرًا قبل عام كصبي ميكانيكي في إحدى الورش، وكما يقول فهو أكبر إخوته المولودين جميعًا بجدة، ويساعد من خلال عمله والده في مصاريف البيت.
الطفولة حتى 18 عامًا
وفي مقابل هذه النماذج الصارخة على انتهاك حقوق الطفولة تجرم الاتفاقيات الدولية الاستغلال الاقتصادي للأطفال وبحسب نص (اتفاقية حقوق الطفل - المادة 32-1) فإن الدول الأطراف الموقعة على الاتفاقية تعترف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضرًا أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل أو أن يكون ضارا بصحته أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي.
وتنص الاتفاقية كذلك على وجوب إرسال حكومات الدول التي أقرّت الاتفاقية التقارير والمثول أمام لجنة حقوق الطفل بشكل دوري لفحص مدى التقدّم في تطبيق الاتفاقية ووضع حقوق الأطفال في تلك الدول، وتتولى لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة مراقبة تنفيذ الاتفاقية المصدق عليها بشكل كامل أو جزئي من غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وقد أدرجت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية ضمن القانون الدولي في 20 نوفمبر 1989؛ ودخلت حيّز التنفيذ في 2 سبتمبر 1990، بعد أن صدّقت عليها الدول الموقّعة. وبحسب الاتفاقية يعرّف الطفل بأنه كل شخص تحت عمر الثامنة عشر وتعترف الاتفاقية أن لكل طفل حقوقًا أساسية، تتضمّن الحق في الحياة، وفي الحصول على اسم وجنسية، وفي تلقي الرعاية من والديه والحفاظ على صلة معهما حتى لو كانا منفصلين.
وتلزم الاتفاقية الدول بأن تسمح للوالدين بممارسة مسؤولياتهما الأبوية. كما تعترف بحق الطفل بالتعبير عن الرأي، بحمايته من التنكيل والاستغلال، أن يتم حماية خصوصياته وألا يتم التعرض لحياته.
وتلزم الاتفاقية الدول الموقعة أن توفر تمثيلًا قانونيًا في أي خلاف قضائي متعلّق برعايتهم وتطلب أن يتم سماع رأي الأطفال في تلك الحالات. وتمنع الاتفاقية إعدام الأطفال.
وللاتفاقية بروتوكولان إضافيان تبنتهما الجمعية العامة في مايو 2000 ويسري مفعولهما على الدول التي وقعتهما وصادقت عليهما الأول البروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة والبروتوكول الاختياري بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية.
وتهدف اتفاقية العمل الدولية رقم 138 على المدى البعيد إلى القضاء الكامل على عمل الأطفال، حيث وضعت حدًا أدنى لسن العمل هو سن إتمام التعليم الإلزامي واعتبرت انه لا يجوز أن يقل عن الخامسة عشرة، كما منعت تشغيل الأطفال حتى سن الثامنة عشرة في الأعمال التي يحتمل أن تعرض للخطر صحة أو سلامة أو أخلاق الأحداث بسبب طبيعتها أو الظروف التي تؤدى فيها. وأوجبت على الدول المصادقة أن تتعهد باتباع سياسة وطنية ترمي للقضاء فعليا على عمل الأطفال.
وجاءت اتفاقية العمل الدولية رقم 182 مكملة للاتفاقية رقم 138 وذلك للحث على القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال أولًا تمهيدًا للقضاء التام والكلي على كل أشكال عمل الأطفال، وأكدت هذه الاتفاقية على أهمية التعليم الأساسي المجاني وإعادة تأهيل الأطفال العاملين ودمجهم اجتماعيًا مع العناية بحاجات أسرهم. كما أكدت أن الفقر هو السبب الرئيسي لعمل الأطفال وأن الحل يكمن في تعزيز النمو الاقتصادي للدول.
وأوجبت الاتفاقية أن لا يتعارض عمل الأطفال مع التعليم الإلزامي وأن لا يقل سن الالتحاق بالعمل عن الحد الأدنى لسن إكمال مرحلة التعليم الإلزامي، وأن تقوم الدولة بإجراء الدراسات حول أسباب عمل الأطفال فيها، وأن تعمل على التوعية بالأضرار المحتملة لعمل الأطفال. وفي الأعمال الصناعية نصت على منع تشغيل الحدث قبل إتمام سن الخامسة عشرة وفي الأعمال الصناعية الخفيفة التي تتولاها أسرته قبل إتمام سن الرابعة عشرة، وأن تتم في كل الأحوال مراقبة عمل الأطفال وحمايتهم صحيًا وأخلاقيًا والتأكد من قدرتهم ولياقتهم الصحية للمهنة التي مارسها كل منهم.
كما منعت تشغيل الطفل في الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة أو الأخلاق قبل بلوغه سن الثامنة عشرة وعلى أن تحدد الدولة هذه الأعمال في تشريعاتها أو لوائحها.
حقوق الإنسان: الفقر سبب رئيس وراء تشغيل الأطفال
أكدت د. سهيلة زين العابدين عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن الفقر سبب رئيسي خلف ظاهرة تشغيل الأطفال، موضحة أنه يجب التفريق بين عمل أطفال أبناء الجاليات المقيمة في البلاد منذ مدة طويلة لظروف سياسية مثل البورميين والتركستانيين، وبين الذين يقدمون للمملكة بطريقة غير شرعية أو يحضرون للحج أو العمرة ولا يعودون لبلادهم ويتكسبون من خلال تسريح وتشغيل أطفالهم، وقالت: إن الشريحة الأخيرة يجب ترحيلها من البلاد بالتنسيق مع سفارات بلادهم ومنظمة المؤتمر الإسلامي، على أن تتولى بلادهم تحمل مصاريف الترحيل.
وأرجعت د.زين العابدين استمرار ظاهرة تشغيل الأطفال من المقيمين إلى عدم حصول ذويهم على عمل يعينهم على القيام بتغطية احتياجات أبنائهم من ملبس ومسكن وغذاء وتوفير فرصة لتعليمهم، مضيفة أن أبناء الجاليات المقيمة منذ عشرات السنين بالمملكة أولى بالتدريب والتأهيل للقيام بالأعمال اليدوية من سباكة وحدادة ونجارة وغيرها والتي يعزف عن العمل بها أبنائنا بدلًا من استقدام عمالة جديدة، وأوضحت أن ذلك سيزيد من فرص تأمين عمل مناسب لهم يغنيهم عن تسريح أبنائهم وتشغيلهم في بيع مناديل ومياه والعمل في الورش الصناعية، وسيقضي على ظاهرة استغلال الطفولة البريئة ماديًا، بل وسيساهم في تدعيم الاقتصاد؛ لأن المقيمين من هذه الجاليات سيعيدون إنفاق ما يكسبونه داخل البلاد.
وأشارت د. زين العابدين إلى وجود حالات قليلة من عمالة الأطفال السعوديين لأسباب متنوعة، أبرزها هجر الأب للوالدة والتنصل من تلبية احتياجات أسرته المادية، مضيفة أن صعوبة حصول الزوجة المواطنة المهجورة على إعانات من الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية دون إثبات هجر الزوج مع صعوبة ذلك، يؤدي إلى اضطرارها لتشغيل أطفالها للحصول على أموال تعينها في الإنفاق عليهم.
الشرطة: عصابات محترفة تتولى تشغيل الأطفال بمقابل مالي
أرجع مساعد المتحدث الإعلامي لشرطة جدة الملازم أول نواف البوق ظاهرة تشغيل الأطفال إلى وقوف عصابات احترفت الحصول على سمسرة (مقابل مادي) من أهالي الأطفال مقابل تشغيلهم في الورش الصناعية وغيرها من الأماكن، مشددا على أن استغلال الأطفال ماديًا قد يصل أحيانًا لوجود أكثر من طرف يقبض عمولة مقابل عمل الطفل.
وأشار البوق إلى ورود بلاغات كثيرة في بعض الأحيان إلى الدوريات الأمنية عن جرائم يقوم بها أحداث عند إشارات المرور من خطف جوالات وغيرها، مضيفا أن الأمر يبدأ مع هؤلاء الأطفال ببيع المياه والمناشف وغيرها وينتهي بتحولهم لمجرمين صغار.
وقال البوق: إن مسؤولية القبض على الأطفال المتسولين والبائعين عند الإشارات وفي الورش يقع على عاتق مكتب مكافحة التسول، الذي يحول الأطفال الأجانب إلى إدارة الوافدين بالجوازات للتحقيق معهم ومع أولياء أمورهم للتأكد من دخولهم للبلاد بطريقة نظامية، وفي حالة اكتشاف دخولهم البلاد بطريقة غير شرعية ترحل هذه الحالات مباشرة مع ذويهم إلى بلادهم، أما إن كان الطفل المقبوض عليه يقيم بطريقة نظامية فيتم التحقيق مع ذويه وكفيله لدراسة حالته والأسباب خلف قيامه بعمل مخالف لقانون العمل، وبناءً على ذلك يتخذ قرار في حقه قد يكون مجرد تعهد خطي من ذويه بعدم تكرار عمل طفلهم وقد يصل إلى الترحيل إلى البلاد إن كانت الحالة فيها استغلال للطفل اقتصاديا.
أما في حالات تشغيل الأطفال السعوديين فيؤكد البوق أن المقبوض عليهم يحولون إلى الشؤون الاجتماعية للتحقيق معهم ومع ذويهم، ويتم رفع تقرير لمحافظة جدة بتفاصيل كل حالة على حدة لأخذ قرار بخصوصهم، وشدد على أن الأطفال السعوديين الذين يقومون بأعمال إجرامية خلال ممارستهم للعمل يتم استقبالهم في دار الأحداث لحين انتهاء التحقيق معهم والفصل في قضيتهم.
علم الاجتماع: التفكك الأسري خلف عمل الأطفال السعوديين
أكد البروفيسور إبراهيم عبده عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود أن عمل الأطفال السعوديين يرجع لحالات التفكك الأسري بسبب ظاهرة الطلاق المتزايدة ب»شكل مخيف»، مضيفًا: «بعض الآباء المنفصلين عن زوجاتهم يتهربون من التزاماتهم المالية بعد زواجه من امرأة جديدة». وقال: إن الأضرار الناتجة عن ظاهرة تشغيل الأطفال تشمل بالإضافة للطفل المجتمع الذي يعيش فيه موضحًا أن الضرر النفسي الذي يلحق بالطفل يجعله يشعر بغضب وحقد على المجتمع وبالتالي لا يشعر بأي انتماء ناحيته.
وأشار د.عبده إلى أن عمالة الأطفال المقيمين والمخالفين من الأجانب يمكن السيطرة عليها بتفعيل القوانين الموجودة حاليا بكل صرامة، مشددا على ضرورة عدم التساهل من هذه الناحية؛ نظرًا لأن ظاهرة تشغيل الأطفال عدا أنها انتهاك لحقوق الطفل فهي تضر بالمجتمع من خلال تحولها إلى ظاهرة تسول مقنع ولا تقدم أي قيمة مضافة لسوق العمل، واعتبرها عاملًا مساعدًا لانتشار بعض الجرائم من خلال العصابات التي تستغل الأطفال في عمليات المراقبة. ودعا إلى أهمية الشعور بالقلق حيال ظاهرة تشغيل الأطفال ومحاولة القضاء عليها بكل الطرق الممكنة، لأن الطفولة غير السوية في كثير من الأحيان تعد السبب الرئيس خلف الميول الإجرامية مستقبلا بسن المراهقة والرجولة.
الجوازات: غرامات على أولياء الأمور لتشغيل الأطفال
حدد المتحدث الإعلامي لجوازات منطقة مكة المكرمة الرائد محمد الحسين مهمة الجوازات في قضية تشغيل الأطفال بفرض غرامة على ولي أمر الطفل بالمرة الأولى مع تصاعد الإجراءات العقابية في المرات اللاحقة، مشددا على أن دور الجوازات فني وتنفيذي فقط، فيما تتحمل الشرطة ودار الإيواء تحت إدارتها مسؤولية هذا الملف.
وأضاف الحسين أنه في حالات عمالة الأطفال الغير نظاميين، فإن إدارة الوافدين بالجوازات تقوم بالتنسيق مع قنصليات بلادهم إلى حين ترحيلهم عن البلاد.
الشهراني: جمعية البر تتولى إيواء الأحداث والجوازات تحقق معهم
أوضح مدير مكتب مكافحة التسول بجدة سعد الشهراني أن الأطفال المقبوض عليهم من المقيمين والأجانب سواء أكانوا متسولين أم من يعملون مخالفين السن القانونية للعمل، يتم إيداعهم بمركز الإيواء الذي تشرف عليه وتديره جمعية البر، بعد التحقيق معهم ومع ذويهم عن طريق إدارة الوافدين بالجوازات. وأضاف أن الأطفال المودعين بمركز الإيواء تقوم الجمعية بالإشراف عليهم عن طريق موظفيها صحيًا ونفسيًا وعلميًا، مؤكدًا أن الجمعية توفر لهم برامج تعليمية وترفيهية بالإضافة لإعطائهم دروسًا في تحفيظ القرآن.
باحث: عمالة الأطفال امتدت من الدول الفقيرة إلى المتحضرة
استعرض الباحث طه بافضل في موقع الإسلام اليوم الإلكتروني مخاطر ظاهرة تشغيل الأطفال وابرز مخاطرها وجوانبها، وقال: إن عمالة الأطفال ليست مقصورة على الدول الفقيرة النامية بل حتى في الدول المتحضرة، ولفت إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرد من دون الحلم عن المشاركة معه في الغزوات كما حدث ذلك في غزوة أحد، إذ في مشاركة الأطفال في الحروب - حيث تتطاير الرقاب، وتسيل الدماء، وتزهق الأرواح مشقة كبيرة تحتاج إلى جسم يطيق أهوالها وآلامها. وأوضح أن الدارس الفاحص لهذه الظاهرة يجد أن الأطفال غالبًا ما يعملون أعمالًا يغلب عليها الجانب السلبي
ولذا تنادت المنظمات الدولية للدفاع عن حقوق الطفل وحمايته من أسوأ أشكال العمل، ويمكن حصرها في الأعمال التي تؤدي إلى استرقاق الأطفال من خلال بيعهم والاتجار بهم فيصبحون سلعًا تباع وتشترى وليت الأمر يقف عند هذا الحد بل يتعداه إلى إجبارهم وتجنيدهم قسرًا في أعمال شاقة ومرهقة والأعمال التي تؤدي إلى امتهان كرامة وعرض الطفل. كما تشمل الأعمال التي تؤدي إلى سلوك الطفل سلوكًا منحرفًا ومخربًا وذلك من خلال مزاولة أنشطة محرمة وغيرها ولا سيما إنتاج المخدرات والاتجار بها والأعمال التي تؤدي إلى الإضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم فتراهم يعملون في الورش المتنقلة والثابتة ويحملون أثقالًا وأوزانًا تؤثر على نموهم بشكل أو بآخر أو ما نراه في الشوارع من مشاهد تسيء للطفولة وذلك من خلال صور مختلفة كطفل يبيع أكياس النايلون أو يقف لينظف سيارة أو يشارك في تفريغ حمولة شاحنة أو بيع دخان أو نقل اسطوانات الغاز. وأوضح أن تشغيل الأطفال يؤدى إلى إصابتهم بجروح وكدمات أو الوقوع من أماكن مرتفعة كما إن الظروف التي فرضت على هذا الطفل الانخراط في العمل والسعي نحو سد حاجة الأسرة ترسخ في ذهنه الشعور بالانقطاع عن الجماعة وضعف الانتماء لها فضلًا عن أي انقطاع الطفل عن الدراسة وانهماكه في أعمال متواصلة صباحًا ومساءًا كفيل بأن يؤثر على تطوره العملي، أما الواقع المرير الذي يمر بالأطفال العاملين عادة ما يفقدهم احترامهم لذاتهم وارتباطهم الأسرى وتقبلهم للآخرين فتنقلب نفسياتهم إلى شكل من الشر فيه نوع من الجفاء والجحود والنكران مما يلقاه من عنف متواصل من عمله وصاحب العمل والزملاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.