بعد أحداث العوامية بأيام فجرت وزارة العدل الأمريكية قضية محاولة اغتيال السفير السعودي في أمريكا عادل الجبير، أعلنها المدعي العام الأمريكي « إيريك هولدر) يوم الثلاثاء 11 أكتوبر 2011م. ورغم عرض المخطط بتفصيلاته وشخوصه إلا أن هناك من يشكك في مصداقية الخبر، بل منهم من يعمد إلى نفيه جملة وتفصيلا، وهو ليس غريبا على العقلية العربية التي لم يستوعب عقلها – حتى الآن – أن تنظيم القاعدة هو من قام بتفجيرات 11 سبتمبر 2001 رغم كل الدلائل والحقائق واعتراف القاعدة ذاتها إلا أنها لم تشفع للوهم أن يغادر العقول، لترى الحقيقة الواضحة والتي لا تحتاج إلا إلى بصيرة مبصرة (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) هناك من يقول : ( ما مصلحة إيران في اغتيال السفير السعودي في واشنطن؟) أقول: ( ما مصلحة إيران في دعم التفجير الدموي الذي أودي بحياة رفيق الحريري وعدد كبير من الأبرياء على أرض لبنان؟!) ما مصلحة إيران في إثارة الفتنة في البحرين؟ ما مصلحة إيران في دعم ميليشيات الشيعة العراقية للهجوم على سنة العراق بالمتفجرات؟ ما مصلحة إيران في دعم النظام السوري كي يقتل وينكل المئات من أفراد شعب أعزل كل يوم؟ لماذا إذن تخطط إيران لتنفيذ هذه العملية في أمريكا؟ الجواب بسيط، سياستها العدوانية، وسجلها الارهابي! وربما تكون مناورة « غبية لكسر حاجز العزلة الداخلية والخارجية! كلنا تابعنا أحداث الثورة الايرانية على التزوير الانتخابي وتترس أحمدي نجادي بالسلطة رغم المقاومة الشعبية التي استخدم ضدها كل وسائل القمع كما يحدث في سوريا الآن، وأنهى الثورة الايرانية بالحديد والنار، والتنكيل بالمعارضين وزجهم في السجون، والتخلص من سياسيين وقادة كبار تصدوا لنجادى في الانتخابات فأصبح مصيرهم مجهولا، مما ساهم في هذه العزلة الصامتة بين الشعب الايراني والحرس الثوري. أما العزلة الدولية فهي واقع تعيشه إيران ويكتوي به اقتصادها نظرا لتشديد الحصار الاقتصادي، كرد طبيعي على الطموح النووي الإيراني. إيران تحاول كسر هذه العزلة بالتدخل في شئون دول المنطقة بإثارة الفتن، ودعم الثورات، وتأجيج الصراع المذهبي كما حدث في العراق ولبنان والبحرين، وثورة حنين وأحداث العوامية! هناك من يحيل أحداث اليوم إلى جذور تاريخية، ولا أظن أن النبش في تربة الماضي والبحث عن الجذور النخرة، يغني عن رؤية الواقع المعاصر، طالما أن معطيات الحاضر تفي بما هو مطلوب من إثبات لواقع معاش لا ماض فانٍ! من يؤكد على الامتداد التاريخي للعداء المتجذر بين العرب والفرس يستشهد بأبيات مترجمة من قصيدة الشاهنامة التي كتبها الفردوسي وتظهر عداء سافرا للعرب. اختلف المؤرخون في تاريخ ولادة الفردوسي ووفاته ورجحوا ولادته بين 324 - 329 ه ووفاته في 411 - 416 ه لا أذكر هذا التاريخ لا تمجيدا أو تخليدا بل لأؤكد انقضاء كل هذا الزمن على شهنامة الفردوسي، وفي السياسة موازين الصداقة والعداوة متغيرة؛ عدو الأمس صديق اليوم، وصديق الأمس عدو اليوم! العلاقات بين الدول لا تسير في خط مستقيم، ولا في خطوط منحنية، أو متعاكسة بشكل دائم، بل بحسب الظرف التاريخي السائد والمتغيرات الدولية، هي التي تؤثر على العلاقات سلبا وإيجابا لذلك لست مع من يحيل كل هذا التعدي الصارخ على وطننا إلى عداء قديم متجذر في الماضي، ولا أتفق مع المشككين في ضلوع إيران في محاولة اغتيال السفير عادل الجبير، لأن ( المشاركين - حسب زعمهم -لم يكونوا على درجة عالية من الكفاءة) واعتبروها ( مقامرة شديدة المخاطرة) بناء على معايير التخطيط واختيار رجل المهمة (منصور أربابسيار) الذي يفتقد أبسط معايير الأداء الاستخباراتي، والقدرة على التحكم في الذاكرة، وانا ارى ان فشل ايران الدائم يؤدي إلى حالة التخبط لسرعة إنجاز ما يصمت ولو شيئا يسيرا من ثورة الحقد، ولا تحسب « غلطة شاطر « بل لها حساباتها التي لم تقرأ جيدا! جوقة المشككين الذين شككوا في قدرة القاعدة على القيام بتفجيرات 11 سبتمبر رغم كل الدلائل والحقائق والاعترافات، يعيدون الأسطوانة المشروخة في تفاصيل محاولة اغتيال سفير السعودية في واشنطن، هذه المرة يعزفون على أوتار المخطط الأمريكي لغزو إيران وكأن أمريكا تحتاج إلى حجة كي تنفذ خططها وكأن أمريكا يمكن أن تقع في مثل هذه الفبركة وحياكة تفاصيل مخطط وهمي وتزج بالسعودية بمكانتها ومركزها السياسي والديني كي تشن حربا على إيران! بعض الكتاب يصف العلاقة بين إيران ودول الخليج العربي ب» الحرب الباردة» وهو مصطلح يستخدم لوصف الصراع والتوتر والتنافس، كان يصف العلاقة بين أمريكا وروسيا في الفترة من منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات، نتيجة الاختلاف حول كيفية إدارة ما بعد الحرب ، حيث برزت الشيوعية في روسيا والرأسمالية في الولاياتالمتحدةالأمريكية كمناهج فكرية فلسفية وإقتصادية، فبينما أخذت أمريكا في محاصرة الشيوعية، دعمت روسيا الحركات الشيوعية حول العالم، أوربا الشرقية، وأمريكا اللاتينية، ودول جنوب شرق آسيا، وانتهت هذه الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتي، وأصبحت الولاياتالمتحدةالأمريكية هي القطب الأوحد، هي التي تحكم العالم ولا يخولها هذا الموقع لأن تحيك مؤامرة مع دول الخليج كي تشن حربا على إيران، كما أن دول الخليج ليست في حالة صراع مع إيران بل هي في حالة دفاع عن أمنها وسلامتها وسلامة مواطنيها لذلك عرضت المملكة قضية محاولة الاغتيال على مجلس الأمن كي ترتدع إيران عن ممارساتها!