السائل (عبدالمجيد، الرياض) يقول: ما صحة هذا الكلام: الترشيح مصدر الفعل (رشح)، فعندما أرشح فلانًا، فإني أقدمه وأنتخبه، أمّا عندما يتقدّم فلانٌ ويعرض نفسه كمرشح نسميه ترشحًا، وهو المصدر من الفعل (ترشح)، فمن الخطأ قولهم: الانتخاب والترشيح، والصواب هو: الانتخاب والترشح؟ الفتوى 18: كلّ من التَّرشّح والترشيح محفوظ في دواوين اللّغة، منقولٌ عن العرب. يقال: ترشّح ولد الظبية إذا قوي على المشي، وترشح فلانٌ للأمر: تهيأ له، وتقوّى. والترشيح -أيضًا-: التهيئة للشيء والتربية، وفي خبر خالد بن الوليد: أنه رشّح ولده لولاية العهد، أي: أهَّله لها، ويقال: فلان يرشح للوزارة، أي: يُربّى لها، ويؤهّل. هذه خلاصة ما حفظته المعاجم الوثقى، وليس في كلام الموضح ما هو جديد، فكل ملمٍّ بمبادئ علم التصريف يعلم أن الترشح مصدر (تَرشّحَ)، نحو: تكلم تكلمًا، وتقدّم تقدمًا، وأن الترشيح مصدر (رشّح). فإن كان اعتراض السائل على من يعرض نفسه كمرشح كما قال، وأنه لا يجوز أن يقال عنه: مرشّح، ولا يقال في مصدره الترشيح، فليس بصحيح، فإن البلاغة تمنحه حقَّه في ذلك، ولا تمنعه؛ لأنه رشّح نفسه، أي: أهَّلها وأعدّها. وقد اتّسع المراد من الترشيح في عصرنا، فصار معناه: الاختيار والتزكية، ولهذا جعله جامعو (المعجم الوسيط) من (المُحْدَث)، ولو جعل في دائرة المعنى العربي المذكور لما ضاقت به. ولابن فارس فلسفة في تأصيل (الترشيح)، حاصله: أنه من الرّشح، وهو العَرَق، أصله: أنّ الوحشيّة إذا مشى معها ولدها مشت به حتى يرشح عَرَقًا فيقوى، ثم قيل: لكل من يُربّى للخلافة: يرشّح. ولكن من يعرقون حين يفرقون قد يغرقون.