كتبت في الأسبوع الماضي عن النقل العام داخل المدن، وأنه صار حاجة ملحة، سيؤمن وجوده الأمن والسلامة والوقت، ويخفف القلق الذي يتساوى فيه السائق والراكب جراء الاختناقات المرورية وبعض مظاهر التهور التي يمارسها بعض السائقين، وأنه لو وجد نقل داخل الأحياء وحُددت له مسارات داخل المدن لارتاح العاملات بخاصة والآباء والأمهات مما هم فيه، ولما احتاج الموظف لأن يتأخر صباحاً ويخرج ظهرا لإيصال أولاده أو إحضارهم من المدرسة، والنقل هو الحل الأمثل لما فيه الناس من ضيق: العاجل منهم بتنظيم النقل العام بالسيارات ليكون سريعاً بمسارات خاصة، والنقل الآجل بإيجاد نقل بالقطارات فوق الأرض وتحتها أسوة بالمدن الكبيرة في العالم. وكنت قد كتبت في 25/7/1432ه عن حق المرأة في وجود وسيلة نقل في ضوء عدم السماح لها بقيادة السيارة لئلا تكون تحت منّة قريب لها أو سائق أجنبي، وبخاصة في المواقف الصعبة كالوصول إلى المستشفى أو الدوام في الأوقات المبكرة أو المتأخرة. وأعود اليوم للكتابة عن النقل بشكل عام بريّه وجويّه، فقد أصبح مشكلة تجاوزت الكلام والكتابة إلى ضرورة الحل، في داخل المدن وبين المناطق، فالنقل الجوي المحصور في شركة واحدة وصل إلى أن الحصول على مقعد في طائرة صار صعباً، ويزداد صعوبة كلما احتاج إليه الراكب في وقت قريب مع ما فرضته الخطوط السعودية من عقوبات كثيرة، والمشكلة بإيجاز أن المقاعد المتاحة أقل من الحاجة في ضوء زيادة عدد السكان وكثرة التنقل بين المدن بعد أن صارت المناطق كالمدينة الواحدة، فلابد من مضاعفة الطائرات وتوسيع المطارات إن كان الأمر سيبقى على شركة واحدة جاوز عمرها الخمسين عاماً ولم تساير التطور الزمني أو إيجاد شركات أخرى بمرونة تعطيها حق العمل بأن تقدم نقلاً ميسراً، أما التصريحات والوعود فلا تنقل مسافراً، ولا تحل مشكلة. أما النقل البري بين المدن فقد ظل على ما هو عليه، في قلة الوسائل وطول زمن السفر فلا وسيلة سوى السيارة سواء أكانت خاصة أم مستأجرة أم حافلة نقل جماعي، والوسيلة الأفضل هو القطارات السريعة التي وجدت في أكثر الدول بما فيها دول أقل إمكانيات من المملكة، والمملكة هي الأَوْلى بإنشاء السكك الحديدية للحاجة إليها ولاتساع مساحتها، وينبغي أن تكون بأحدث القطارات وأسرعها وأن يتم التغلب على الروتين الذي يأخذ سنوات قبل بدء العمل في الإنشاء. المملكة بحاجة إلى النقل السريع المتحضر داخل المدن وبينها، ولئن كان المخططون في السابق لم يخططوا تحت حجج منها: الجدوى الاقتصادية وغيرها، فإن الوقت قد حان للإسراع في التنفيذ الذي ينبغي أن يُحدد له تاريخ للانتهاء، كما حصل في بعض المشروعات، ولا يستنفد الزمن في شكليات وحوار هل تكون له هيئة أو يبقى تحت مظلة وزارة النقل، فالمهم هو الإنجاز وإيقاف الهدر في الوقت والجهد والمال، وقد لا تكون الهيئة حلاً، فبعض الهيئات التي أنشئت مؤخراً إنجازُها دون أهدافها بكثير، فالمهم هو النتيجة وليس الهيكل. النقل عندنا صار مشكلة تُؤرِّق الناس داخل المدن وبينها، ولابد من قرار سريع لإيجاد نقل سريع، وهو فضلاً عن حاجة الناس اليومية للنقل صار مؤثرا في الاقتصاد الذي يحتاج لنقل مرن سريع، ولعلنا نشير لتجربتين حولنا هما تجربة القاهرة ودبي اللتين أوجدتا قطارات تحت الأرض حلت كثيراً من اختناقات المرور ويسّرت تنقل المواطنين إلى أعمالهم. شبكات النقل الجوي والبري عندنا لم تعد تساير حاجة الناس لا بين المدن ولا داخلها، ولابد من تحرك سريع لإيجاد نقل سريع، وأن يكون الإنجاز أسرع من الكلام، ولابد من حل الحاجة إلى نقل ميسر سهل وبخاصة للنساء والطلاب والمرضى بين المدن وداخلها.