أعتقد أن شهادة المشير طنطاوي أمام المحكمة التي تنظر قضية الرئيس المخلوع ، ستكون بمثابة المسمار الأول في نعش المجلس العسكري . شهادة المشير التي لم تحتوِ على أية دلالات اللهم إلا إذا اعتبرنا أن عبارة ( ما أعرفش ) هي جملة مفيدة ذات دلالات محددة ، لن تمر مرور الكرام . البلد لم تعد هي البلد ، والشعب الذي خرج من وراء القضبان لم يعد ذلك الشعب المستأنس الذي روّضه مبارك وزبانيته طوال ثلاثين عاما . المصريون لن يسكتوا عن حقهم ، وميدان التحرير الذي تحول إلى أول برلمان شعبي وثوري ، لن يتأخر في إصدار حكمه بإسقاط أعوان النظام بعد أن نجح في إسقاط رئيس النظام نفسه . وإذا كان برلمان الشارع المصري قد نجح في إسقاط الرئيس السابق ، فإنه لن يفشل إذا ما تعلق الأمر بإسقاط من يريدون سرقة الثورة والاستئثار بالكعكة ، وكأن الوطن ومستقبل الأجيال قد تحولا إلى كعكة الشاطر هو من (( يلهفها )) أولا . المشير طنطاوي أجاب عن كل الأسئلة التي وجهت إليه بخصوص مسئولية الرئيس المخلوع عن قتل المتظاهرين ، بجملة واحدة هي : (( ما أعرفش)) . يعني (( ما أعرفش )) هذه دخلت تاريخ القضاء المصري وحاولت استعادة موقعها في صدارة قاموس السياسة المصرية . المشكلة أن البعض ما زالوا يعتقدون بقدرتهم على إعادة البلاد إلى مرحلة (( ما أعرفش )) (( ومش من حقكو تعرفوا )) . وما لم يفهمه هؤلاء أن الشعب إنما قام بثورته (( عشان يعرف كل حاجة )) . السؤال هو : إذا كان المشير (( ما يعرفش )) والمجلس العسكري هو الآخر (( ما يعرفش )) فلماذا إذن يستمر المشير والمجلس في مهمة قيادة المرحلة الانتقالية التي يجب أن يقودها العارفون بالحقائق أو الساعون لمعرفتها ؟ وإذا كان المشير الذي تولى عبر الجيش الذي كان يقوده ، مسئولية إدارة الأمن بعد اختفاء الشرطة وحدوث حالة الفراغ والانفلات الأمني (( ما يعرفش حاجة )) عن قتل المتظاهرين ، فمن الذي يمكن أن يكون عارفا بتهريب المساجين الخطرين وإطلاق البلطجية واللجوء إلى القناصة لقتل المتظاهرين ؟ اخشى ان يغادر المشير موقعه كشاهد ليتحول إلى موقع المتهم .