قرارات إصلاحية، كالمعتاد، يقف خلفها رجل المواقف والإصلاح الملك عبدالله بن عبدالعزيز-أطال الله في عمره- الذي يحمل همّ هذه الأمة، ويشرك ويشاور في قراراته كوكبة من أهل العلم الشرعي الصحيح، وبقية التخصصات الأخرى. قراراته، هذه المرة، تتعلق بالمرأة وحقوقها المصانة شرعًا بدون تهميش وبدون مزايدات من نفر بسيط لا هم لهم إلاّ تعميق مفهوم متخلف اسمه أن المرأة -كنصف المجتمع- مكانها البيت، تعطيل كامل لنصف الإنسان بل نصف المجتمع. نادرًا ما تجد المرأة في مجتمعنا فرصة في العمل والكسب إلاّ من خلال وظائف معلمة بشكل رئيس، والتي كانت إلى عهد الملك فيصل -يرحمه الله- لا مجال لها في التعليم، وقبل عدة عقود من كانوا يعارضون في السابق تعليم المرأة يتسابقون في وقتنا الحاضر لإدخال بناتهم المدارس، بل يبحثون عن الواسطات من أجل إدخالهن الجامعات والتخصصات التي تعيلهن، حتى أن مدارسنا عانت من التضخم من أعداد المدرسات إلى درجة تعيينهن في مناطق نائية دفعن ثمن ذلك التشبّع في التدريس ضحايا لحوادث الطرق في حين أن جهات حكومية وقطاعات خاصة بأمسّ الحاجة إلى خدماتهن. فلو أخذنا البعض من الجهات والمؤسسات العامة والخاصة، على سبيل المثال لا الحصر، لوجدنا أن قطاع الإعلام عانى من غياب المرأة، وتهميش دورها في الإخراج وإعداد البرامج الأسرية وبرامج الطفل والبرامج الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية وغيرها، وفي التقديم والحوار وفق الضوابط الشرعية التي تحفظ للمرأة كرامتها، والنتيجة أن من يشغل تلك الوظائف الآن، والتي يفترض أن تكون لمواطنات، هن غير مواطنات؟! وبنات البلد يتم تهميشهن من قبل نفر فهموا الضوابط الشرعية فهمًا خاطئًا. الغريب والتناقض يكمنان هنا في أن مَن يقمن بالتقديم لتلك البرامج غير سعوديات، وإلى الآن لا نعرف ما الفرق بين مواطنة وغير مواطنة في تقديم هذه البرامج، فهن بنات حواء طالما أنهن محتشمات ويؤدين أعمالهن على أكمل وجه في توعية المجتمع والنهوض به!! قطاع آخر من قطاعات الأعمال ألا وهو قطاع الطيران والسياحة، كالعمل مضيفات مع أزواجهن المشرفين داخل الطائرة، أو مع أزواجهن الملاحين، أو الطيارين، أو المضيفين، أو في الملاحة، أو في أبراج المراقبة، أو في الاستعلامات في المطارات، وغيرها من الأعمال التي تكسب منها العيش الكريم والشريف، بعيدًا عن منة وتهميش وتسلط بعض الرجال. الجمارك وحرس الحدود والجوازات يعانون من غياب المرأة في الأعمال الإدارية، وتفتيش السيدات على المنافذ الحدودية، وفي المطارات والموانئ، بل إن الإرهابيين استغلوا غياب المرأة في التفتيش والتدقيق في هويات النساء، وادخلوا رجالاً بملابس نساء، وأسلحة ومتفجرات ومطلوبين وممنوعين ومشبوهين وغيرها من الأعمال التي يتطلب وجود المرأة، وهذا كله حصيلة تهميش المرأة من قبل البعض في مجتمعنا. كذلك القطاع الصحي يعاني من غياب المرأة ودورها الفاعل كطبيبة، وطبيبة أسنان، وصيدلانية، وفنية مختبرات، وفنية أشعة، وفنية تغذية، وفنية أجهزة طبية، وفي السجلات الطبية، وفي التمريض وغيرها من التخصصات التي يحتاجها المجتمع، والنتيجة أن من يشغل تلك الوظائف التي يفترض أن تكون لمواطنات غير مواطنات بمعنى أن خير البلد للغير، والسبب التهميش غير المبرر البتة من قبل البعض أيضًا. وكذلك المحاكم القضائية لدينا تعاني من غياب المرأة من كاتبات وموظفات لإعداد القضايا المتعلقة بالمرأة من طلاق، وحضانة، ونفقة، وغيرها من حقوق كونها أكثر دراية بأمور المرأة ومعاناتها، وإصلاح ذات البين، وكذلك غيابها كمحامية ومدافعة عن حقوق المرأة والطفل. أيضًا هناك غياب كامل في قطاع الشرطة والمرور والجوازات وغيرها من القطاعات الأمنية الأخرى التي يتطلب وجود المرأة لحماية أمننا الوطني الذي هو فوق كل اعتبار، وفوق كل تهميش من قبل البعض في مجتمعنا. كذلك هناك غياب كامل للمرأة في مؤسساتنا، ومؤسساتها التجارية والصناعية لكي تدير أعمالها بنفسها، بعيدًا عن الرجل، وبالتالي سوف تكون غائبة عن الوظائف في مدننا الاقتصادية والصناعية إذا استمر هذا التهميش، وسوف تكون الوظائف لغير المواطنات. غياب وتهميش كامل في البنوك، وإدارة البنوك، وأسواق المال. أيضًا غياب وتهميش كامل للمرأة في البلديات ومراقبة الأسواق، ومحلات بيع المستلزمات النسائية وما يخص المرأة، كذلك غياب كامل في مشاركة المرأة في مجلس الشورى، وفي المجالس البلدية يرشحن ويترشحن، لكي تأتي القرارات السياسية المدروسة بعد مشاورات مع أهل العلم الشرعي الصحيح لكي يقول عبدالله بن عبدالعزيز لهذه الأصوات النشاز كفى تهميشًا لبناتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وعماتنا وخالاتنا وجداتنا وغيرهن. يأتي عبدالله بن عبدالعزيز بحكمته المعهودة ليقول لبناته إن ما وقع عليكن من تهميش ممّن خرجوا من بطونكن سوف أضع له حدًّا. إنه بالفعل رجل المواقف، نصير المرأة والطفل والشاب والشابة والشيخ والعجوز، ونصير ذوي الاحتياجات الخاصة، ونصير الأيتام والفقراء، ونصير كل إنسان يرى أن له حقوقًا يجب أن يأخذها بالكامل، وأن عليه واجبات يقوم بها على أكمل وجه. نخلص إلى القول إن المشاركة النسائية المقبلة يجب أن تكون فاعلة في اتخاذ القرارات في مجلس الشورى، فيما يتعلق بالقضايا والهموم الوطنية بشكل عام، وقضايا وهموم المرأة بشكل خاص، وما تعانيه من تهميش، فعضوات المجلس في الدورة المقبلة يجب أن يقمن بوضع حدٍّ لهذا التهميش، فلا مجال للتهميش بعد الآن لأن أبانا وحبيبنا وملكنا أبا متعب جاهز لنصرة المظلوم. وعضوات المجالس البلدية اللاتي يرشحن أو يترشحن للمجالس البلدية عليهن مسؤولية تقديم مشاريع قرارات لإيجاد متنفس للأطفال والعوائل في الأحياء من حدائق عامة، وملاعب أطفال، ومضامير للجري والمشي وممارسة الرياضة، ومراقبة الأسواق والمطاعم والمجازر، ومحلات بيع اللحوم والبقالات وغيرها؛ لكي يكشفوا لنا الفساد والفاسدين. وأخيرًا ولنصفق جميعنا لنصير كل مواطن ومواطنة يعيشون على هذا التراب الطاهر، إنه والدنا أبومتعب أدام الله عليه نعمة الصحة والعافية.