* يقولون: إذا أردت أن تعيش في بلاد العرب.. فعليك أن تكون رأسًا.. حتى لو رأس بصل!!. * حسنًا.. لا أظن أننا سنختلف كثيرًا حول صحة هذه المقولة.. فمن المعروف أن العربي لا يحترم إلا الرؤوس والأقوياء.. لكن الخلاف سيكون حول كيفية الوصول إلى أن تكون رأسًا في بلاد العرب.. فإذا كنت تعتقد -عزيزي القارئ- أن ترقّيك ووصولك إلى المناصب العليا في عملك يعتمد على كفاءتك ومؤهلاتك وقدراتك الفكرية والعلمية فاسمح لي بالقول إنك مخطئ.. فطريقك إلى المناصب مربوطٌ مربوط ٌمربوط (يا ولدي) برئيسك.. بل هو رهن رضاه الشخصي!!.. دع عنك مصطلحات (الكفاءة، التنافسية، والإنتاجية) فهذه (خرابيط) غربية تفقد في المشرق العربي كل معانيها!.. وحتى لا أضيع وقتك في كلام لا طائل منه إليك هذه الخطة الإستراتيجية التي ستوصلك -كما أوصلت الكثيرين من قبلك- إلى الجلوس على الكراسي الفخمة -المريحة- في غضون ثلاثة أشهر فقط. * أولًا - عليك أن لا تخجل من زملائك؛ ولا حتى من نفسك؛ وأنت تقدم لرئيسك كل صباح (سندوتشات الفلافل) وأطباق (التبولة) و(الحمص) مع أكواب الشاي المعطر.. فهذه مهمة سبقك إليها الكثيرون.. ونجاحك فيها هو أول ملامح نبوغك.. وأول بشائر صعودك إلى سدة المناصب العليا!. * ثانيًا - بعد أن يملأ (عمك) الرئيس كرشه.. فلا يجب أن تجد في نفسك حرجًا من أن تتحول -بشحمك ولحمك- إلى (خادمة آسيوية) لتحظى بشرف تنظيف مكتبه بنفسك؛ وإزالة مخلفات غزوته الصباحية.. والأهم تنظيف شوارب سعادته مما قد يعلق بها من سلطات أو مخللات وخلافه!. * ثالثًا - عليك أن تدس أنفك في كل شيء.. كي تقدم لسعادته تقريرًا يوميًا شفاهيًا تضرب فيه بعض زملائك كي تزيحهم عن طريقك، وتملأ من خلاله آذان سعادته بالأكاذيب والمغالطات التي يحب سماعها!. * رابعًا - مهما كانت درجة غباء سعادته مرتفعة؛ ومهما بلغت درجة جهله؛ فعليك أن تكذب وتكذب وتكذب.. حتى يُصدّق الناس، ويصدق هو، بل وتصدق أنت أيضًا، أنه ليس ذكيًا فحسب بل إنه أكثر ذكاءً من اينشتاين في زمانه!. * خامسًا - إذا أردت أن تعجّل بعملية ترقيتك ووصولك إلى تلك الكراسي الوثيرة فعليك أن تمارس المزيد من الأنشطة المسائية (خارج الدوام).. كأن ترسل شيئًا من النكت والطرائف على جوال سعادته لكي توسع صدره!.. أو أن تقوم بمهام السائق الخاص فتنتقي لحرم سعادته الخضار واللحوم الطازجة.. أو أن تصطحب أبناءه كل مساء إلى الملاهي.. ولا تنس أن (تعشيهم) على حسابك.. لكي تفوز بالرضا كله!.. * مبروك.. أنت الآن على بعد خطوة واحدة من الوصول إلى أن تكون (رأس بصلة) بامتياز.. ولم يتبقى سوى أن أحذرك من مغبة الوقوع في جريمة التفكير.. نعم.. فالرؤساء يا عزيزي لا يحبون سوى الأغبياء الذين لا يُفكرون.. وإليك هذه الطرفة عن موظف التقى وفدًا في غياب رئيسه.. فتجرأ وفكر واقترح حلولًا، وعندما عاد الرئيس سأله لماذا تصرف في غيابه، فقال إنه (فكّر).. وما إن سمع الرئيس كلمة «فكر» حتى صاح بجنون: لقد اخترتك من بين الآلاف ووضعتك في هذا المنصب الذي يحسدك عليه الكثيرون من أجل شيء واحد فقط هو أن لا تفكر!!. * هل أوضحت لك هذه الطرفة -التي تُبكي أكثر مما تُضحك- لماذا يكون أغلب الرؤساء أغبياء؟!.