من الأمثلة الشعبية المتداولة قول الناس أكل الكريم دواء وهذا المثل صاغه شعراً الإمام الشافعي- رضي الله عنه- والمعنى العام لكلمة أكل تعني تناول طعام في بيت إنسان كريم سخي فيشعر الآكلون باللذة في طعامه وشرابه فيرددون المثل المشار إليه وينطبق الأمر على أي موقف نبيل من أي رجل شهم كريم سواء كان موقفاً معنويا وقفه أم موقفا ماديا قام به لأن يد الرجل الكريم إذا أخرجت شيئا فإنها تخرجه بنفس طيبة وبمودة خالصة لمن قدمت له دون أن يكون وراء ذلك تقليل من شأن من مدت له اليد وإنما هو موقف رجولي قام به الكريم معبرا عما فيه من صفات الشهامة والرجولة وعندما يبدي الإنسان إعجابه بمواقف الرجل الشهم الكريم فإنه يقال له من الذين يعرفون أصله وفصله: «أن هذا الشبل من ذاك الأسد» فوالده رجل عزيز في قومه شهم في أخلاقه متاجر مع الله- عز وجل- جم التواضع في سلوكه الإداري والاجتماعي لذلك تربع على أعلى درجات المجد فليس غريبا أن يخلد ابنه تلك الصفات ويجسدها من بعده فيذكر الإنسان ذلك الأسد في أفعال هذا الشبل الشهم الكريم وربما يقدم مثل هذا الإنسان العالي المقام لإنسان آخر يوده فيتردد في البداية في قبول ما قدم له لأنه يرى أنه في خير ولكن الذين يحبون الخير ويحملون المودة للطرفين يسألونه هل مُدت تلك اليد من كريم أم لئيم فيقول بل من كريم ابن كريم وتحيط به كوكبة من الأكارم الأفاضل الذين توطدت فيهم وتخلدت صفات المروءة والشهامة والرجولة وكلهم يعملون تحت لواء فارس عربي كريم وأصيل فعندها يقال له وما دام الأمر كذلك وما دمت تعرف المثل القائل عن الكريم وفعل الكريم وعطاء الكريم فخذها وضعها فيما تشاء من أوجه الإنفاق فإنك سوف ترى أن أي جزء منها إذا وضع في موضع من المواضع لا يكون من ورائها إلا الخير. وواقع الأمر أن صفة الكرم لدى الانسان هي صفة نبيلة وغالية ولا تكون في شخص إلا كان كرمه عاماً على مساعدة من يقصدونه أو يلجأون إليه في قضاء حاجاتهم المادية او المعنوية او في معاملاتهم الادارية والمعنوية ببذل الشفاعة الحسنة بسخاء لكل من يقصده ويحرص على إيصال صوته ليساهم في انهاء ما جاء طالب الحاجة من أجله ولذلك قيل في أمثال هذا الإنسان المثل العربي المشهور: «المورد العذب كثير الزحام». وربما يبتلى كريم من الأكارم بأقاويل بعض الحاسدين أو الحاقدين الذين لم يستطيعوا ان يكونوا مثله فينطبق عليه قول الشاعر: حسدوا الفتى إذا لم ينالوا سعيه فالقوم أعداء له وخصوم وقد قيل من قبل: «لا يرجم إلا مثمر الشجر»، فبارك الله- عز وجل- في رجل هذه أفعاله وصفاته وأخلاقه وأعماله خصوصا إذا ما ربط أعماله الكريمة بأوقات فضيلة وليالٍ كريمة والله الموفق إلى صالح الأعمال!!.