مرة أخرى يتأكد السلوك العجيب لمعظم رجال السياسة الأمريكان، بعد فراقهم للكرسي، إذ لا يترددون عن رفع الصوت بما سكتوا عليه طويلاً؛ خوفًا من اللوبي الصهيوني الأعلى صوتًا، والأقوى نفوذًا، والأكثر مالاً. وهذا روبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكي السابق يوجه اتّهامات حادّة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نيتنياهو، متّهمًا إيّاه بنكران الجميل، معتبرًا سياسته الرافضة لعملية السلام مضرة بمصالح إسرائيل الأمنية والإستراتيجية. وعن دور إدارة أوباما قال غيتس: (هذه الإدارة قدمت لإسرائيل أكبر دعم عسكري في تاريخ العلاقات بين البلدين، وفتحت أمامها مخزن المعلومات الاستخباراتية أكثر من أي إدارة سابقة، ومع ذلك فإنها لم تحصل على أي شيء بالمقابل). (الشرق الأوسط 7 سبتمبر). وحتى يزيد نيتنياهو إلى الجرح الغائر ملحًا، فقد ألقى خطابًا على الهواء مباشرة، وكأنه يوجّه محاضرة إلى الرئيس أوباما يعظه فيها ضد الموافقة على صفقات الأسلحة الأمريكية للمملكة العربية السعودية. ماذا يُتوقع من الصفيق غير الصفاقة! ومن اللئيم غير عضّ اليد التي تُحسن إليه! وللعلم فهذا شأن قادة بني إسرائيل دومًا، بل وحال اليهود عمومًا منذ قيام دولتهم الأولى، على يد النبي الكليم موسى عليه السلام، فهم وقد رفعهم الله من حال الذلة إلى مقام العزّة، قد تعرضوا لذاته الإلهية، فاتهموه بالفقر وهم أغنياء، وقالوا عزير ابن الله، تعالى الله عمّا يقولون علوًّا كبيرًا. ومع ذلك يردد بعض الموهومين في عالمنا العربي شعارات ودعوات فارغة تطالب كل الفلسطينيين بالانبطاح الكامل لليهود، واليهود لم يبادلوا الولاياتالمتحدة إلاَّ جحودًا ونكرانًا، بالرغم من كل هذا الجميل الذي لولاه لما بقيت لهم في ديارنا قائمة. وفي جانب آخر يواصل السياسي الأمريكي القاعد على الكرسي سياسة استرضاء إسرائيل بكل السبل، فهذه السيدة كلينتون وزيرة الخارجية تحاول جاهدة ثني الرئيس عباس عن طلبه اعتراف دول العالم بفلسطين دولة مستقلة، ذات كيان، بالرغم من كل الشكوك التي تحوم حول هذا الطلب. كل الإدارات الأمريكية تفكّر بالأسلوب ذاته، كره في الباطن للصديقة إسرائيل، وإعلان عن الدعم والتضامن في الظاهر. يا حسرة على القيم!!