دخلت كلمة (الانتفاضة) قواميس اللغات الحية العالمية، حيث كانت الانتفاضة الفلسطينية ظاهرة غير مألوفة أدهشت العالم وأيقظت فيه الضمائر. فقد كانت الانتفاضة أهم حدث في التاريخ الفلسطيني وفي الصراع العربي – الإسرائيلي. وظلت قيمتها معنوية أكثر منها سياسية، فقد كان القائمون بها يدركون أنها لن تقود إلى تدمير إسرائيل والقضاء عليها، لكنها جاءت من أجل استرجاع الحرية والكرامة، وبهدف التخلص من الاحتلال وما لحق بالإنسان الفلسطيني المسحوق من ظلم وقمع. لقد استطاعت انتفاضة شباب وأطفال فلسطين، كما قال لطيف دوري سكرتير لجنة الحوار الإسرائيلي الفلسطيني، المساهمة بشكل كبير في إسقاط حكومة الليكود برئاسة إسحاق شامير. ولم تفلح مختلف أساليب البطش والتنكيل ضدها في إخمادها. وفي ضوء التوقعات بأن يواجه الشعب الفلسطيني ردود فعل عنيفة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها لعدم انصياع الفلسطينيين للنصيحة الأمريكية بعدم طلب مقعد لهم في الأممالمتحدة فإن هناك حاجة إلى ردود فعل فلسطينية وعربية مدروسة لمواجهة الهجمة الإسرائيلية – الأمريكيةالجديدة. أحد هذه الردود من الجانب الفلسطيني، في اعتقادي، هو انتفاضة فلسطينية جديدة تكون - هذه المرة – دون حجارة وتأخذ منحى الانتفاضات العربية التي حدثت في أرجاء متعددة من عالمنا العربي وتحررت فيها بعض الشعوب العربية من حكام جثموا على صدورهم بالحديد والنار. لقد أثبتت المفاوضات التي لم يتم التوصل فيها إلى أي اتفاق بأن الفلسطينيين يسيرون في نفق مظلم، اختنق فيه ضوء الأمل، لذا فليكن في الانتفاضات العربية درسا يأخذه شباب فلسطين للقيام بانتفاضة جديدة.. سلاحها المقاومة المدنية، وقوة وإيمان الشعب الفلسطيني بحقه وإصراره على استرداد وطنه الضائع دون يأس أو تراجع.