عبارة قد لا تعجب البعض إلا ان الموضوع يحتاج الى تريث.هل هي خرافة؟ طبعا لو جعلنا المقررات المدرسية والفصول الدراسية وطرائق المعلمين في التلقين والاعتماد على الحفظ والاختبارات هي المعيار الذي به نقيس الطالب(مع تحفظي الشديد على «نقيس الطالب») فلا شك أن صعوبات التعلم حقيقة. والأمر عندئذ يشبه من يصنع ثوبا واحدا يختار مقاسه وعلى الكل أن يرتديه فإذا لم يناسب البعض لأنهم أنحف أو أكبر من المقاس المحدد فالعيب فيهم لا في الثوب!! والذي حدث يشبه هذا بل اسوأ ، فالمدارس مملة والمقررات مملة وغير مشوقة ولا تثير انتباه المعلم فضلا عن أن تثير انتباه الطفل أو الطالب الخ فإذا وجد الطالب صعوبة في التكيف مع كل هذا ، من نلوم؟.. للأسف نلوم دماغ الطالب. فالمشكلة فيه لا في المدرسة كما نزعم ويريحنا هذا الزعم فحجة البليد مسح السبورة. وكما يقول صاحب كتاب «إهانة الذكاء»:» عزو الصعوبات في التعامل مع المقررات المدرسية لصعوبات التعلم، يشبه القول بان الاطفال لا يقرأون لأنهم لا يستطيعون القراءة» ويذكر المؤلف انه بغياب دليل على اساس دماغي لاخفاق الطفل في التعلم فان الصعوبة هنا تنسب الى قصور دماغي بسيط وصغير يصعب ان يعبر عن نفسه بطريقة اخرى.وهذا يشبه القول بان الطفل الذي لا يستطيع القفز من ارتفاع معين يعاني من قصور في رجله مع عدم وجود دليل على هذا فهو يمشي ويسبح ويلعب ولكنه لا يقفز من ارتفاع وُضع كمعيار. نصنع المشكلة ثم نطلب من الاطفال التكيف معها فاذا لم يحدث فهم اغبياء او فيهم قصور في الدماغ فلمَ لا نعود الى المشكلة التي صنعناها بايدينا وهي المدرسة؟ ألا يمكن ان تكون المشكلة نفسية؟ ألا يمكن ان تكون الاسباب عدم التشويق بتقديم قراءة مضجرة سخيفة؟ ألا يمكن ان يكون السبب الخوف والقلق والتوتروالمتابعة المستمرة من قبل الكبار والتوجيه المستمر والتصحيح الذي لا يتوقف والتنمر والمديح الكاذب؟ الا يمكن ان يكون الامر مقاومة من بعض الطلاب لهذا الذي يحشر في ادمغتهم ولهذا الاسلوب الذي يتم به الحشو والحشر؟ وهذا كما يقول المؤلف ما طرحه» ريتشارد واندرمان» الذي عانى في طفولته من تصنيفه في خانة «صعوبات التعلم» وعندما كبُر طرح احتمالات أخرى: «لعل ما نسميه صعوبات تعلم ردُ فعلِ للطريقة السائدة في التعليم......لعل التعلم عملية طبيعية وليست أمرا لا بد من فرضه على الناس. ولعل ما يدعونا لفرضه في هذه الثقافة هو ان الاسلوب المتبع ليس طبيعيا.ولعل هذا هو السبب في أني تعلمت أكثر وعملت بشكل افضل بعد مغادرة المدرسة بأنظمتها التعليمية الرسمية الجامدة التقليدية.وهذا دليل على أن مشكلات التعلم نتيجة لرد فعلٍ أكثر من كونها اختلافا عصبيا.ولعل الوقوع في الخطأ، وهو امر تعلمنا تجنبه ، هو جزء من العملية التعليمية وبرفض ثقافتنا له ستخبو لأنها ستفتقد الأفكار الجديدة والتكيف مع الجديد. . لعل ما نسميه أسبابا عصبية لصعوبات التعلم هو تطور لخصائص جديدة في شريحة من بني الإنسان تتمرد هذه الشريحة على التيار السائد لتحمي جزءا من الطبيعة الإنسانية التي يتم تدميرها ببطء وأعني تدمير الاستمتاع بالعلم والإبداع» خالد سيف الدين عاشور-جدة