تستقبل امة الإسلام عيد هذا العام والأحزان أكثر بكثير من الأفراح... والفرح الوحيد هو الأمل بان غدا سيكون أفضل من الأمس واليوم بإذن الله تعالى. ومع تتابع الأحداث يستمر العمل في توسعة للحرم المكي غير مسبوقة في تاريخ توسعات الأماكن المقدسة حرصا من خادم الحرمين الشريفين على الاستجابة للمستجدات والمواكبة لتمكين الحجاج والمعتمرين من أداء نسكهم في راحة وامن وسلام وهذا بدون شك الجانب الذي تتقبله الأمة بفرح وسرور بمناسبة عيد هذا العام الملئ بالمتغيرات والأحزان في كل مكان لأسباب متنوعة ومتعددة. ومصدر الأحزان إن إخوة لنا في أقطار عربية وإسلامية يعيشون ظروفا ضنكة بسبب الفقر والقهر والتخلف والبطش. والعامل المشترك في ما تعيشه الأمة الجهل والتخلف ومنها تنبع كل المآسي... في الصومال دولة فاشلة نتج عنها فوضى عارمة وتصاعد حدة الفقر والمجاعة.. وفي ليبيا دمار وحرب أهلية وتدخل أجنبي يصاحبه دمار للمنشآت الحيوية في ذلك البلد... وفي سوريا فصول من العنف والقسوة لا حصر لها بين مناورات السلطة وإصرار الشعب على الخلاص... وفي اليمن صمود الأغلبية وإنكار النظام للواقع المر الذي يتعرض له الشعب اليمني. هذا ما يحصل في المناطق الساخنة وما تبقى هناك غيوم وسحب كثيفة ورياح التغيير تسير بها الهوينا. وفي بلاد الحرمين يعيش الشعب والمعتمرون الوافدون إلى الأماكن المقدسة من كل مكان روحانية شهر رمضان المبارك متضرعين إلى المولى عز وجل أن يفرج كرب الأمة ويحل ازمات الشعوب ويلهم عامة المسلمين في كل مكان الصبر والإصرار على المضي قدما في طريق الإصلاح المستنير. إن تراكم الفشل الإداري الذي تعرضت له الأمة العربية على مدار نصف قرن من الزمان أدى إلى الحالة الراهنة بعد أن أصبح التغيير الشعار المفضل وأدى ذلك إلى العنف.. والعنف المضاد الذي عمق جراح الأمة وجعل منها فريسة سهلة لأعدائها. ومن الثوابت التي لا يمكن إنكارها انه عندما يختل التوازن في العالم العربي وتغيب القدوة والمرجعية فان أحوال العالم الإسلامي تتداعى لذلك ويصيب الأطراف ما حل بالمركز. سقط العراق.. وغيبت مصر.. وانحاز الشام لتحالف مريب.. وانشل العمل الجماعي من خلال الجامعة العربية... وانقض الصهاينة في ما تبقى من فلسطين والقائمة تطول....وتظل دول مجلس التعاون متماسكة بحكمتها وقدراتها المادية على امتصاص الغضب وصد الضغوط من الجوار الذي يتربص بها ريب المنون، وفي نفس الوقت تترقب بحذر نتائج الربيع العربي الذي سيحدد مسارات الجميع في العقود القادمة بسبب الثقل السكاني والأهمية الإستراتيجية لمصر وسوريا على وجه الخصوص، والموقع الحساس لليمن والنسيج الاجتماعي الذي يضم فئاته الاجتماعية المتصارعة... وفي المغرب العربي شؤون وشجون. هذه المواقف وغيرها من واقع الأمة تذكر المراقب بالبيت التالي من شعر المتنبي : عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ *** بما مضى أمْ بأمرٍ فيكَ تجْديدُ نعم.. بأي حال سيعود علينا عيد رمضان في العام القادم؟ وهل سنرى نفس الحالة أم أن هناك تجديدا جوهريا ينتظر الأمة ينقلها إلى الأحسن والمكان الذي يليق بها؟ الآمال كبيرة، والتطلعات عظيمة، ولكن المعضلات جسام... فل نفرح بعيد هذا العام.. ونظل متفائلين بمستقبل أفضل في الأعوام القادمة بإذن الله تعالى.