كل ما نملك في هذه الحياة -صغيرًا كان أم كبيرًا- نعمة وثروة في حد ذاتها؛ قد لا نُدرك عظمتها وأهميتها في حياتنا، فقد تلهينا تراكمات الحياة وتداخلاتها أو ملابساتها عن حجمها الحقيقي.. ولكن في لحظة تَأمُّل يفرضها أحدنا على نفسه، يومًا ما في زمنٍ ما، بين كُل حينٍ وآخر، كفيلة بأن تكشف له حجم نعمه مهما كان مقدار فقده، وقد خرجتُ ببعض التأمُّلات التي أمدّتني بها لحظات عشتها مع ذاتي، ومع مصاعب الآخرين، آملتُ أن تشاركوني فيها. فلكي تدرك دور الأم والأب في الحياة، عليك أن تزور دور الأيتام، وترى افتقادهم للمسة الحنان الحقيقية لا للبدائل المستأجرة. ولكي تدرك قيمة الأخوة، عليك أن تستمع لمن افتقد أكتاف الأخوة حين مسّته مصاعب الحياة. لكي تدرك قيمة الأطفال في حياة الإنسان، عليك أن تعرف حُرقة من حُرِم منهم كيف يبحث عن الابتسامات البريئة ويُطارد الأيدي الصغيرة بشغف. ولكي تدرك قيمة الصحة، عليك أن تزور العناية المركزة في أي مستشفى -ولو لدقيقة واحدة- وسوف تعرف معنى ذلك جيدًا. لكي تدرك أهمية سلامة العقل والنفس، عليك أن ترى بيتًا لديه مريض نفسي، وكيف يدور حول ذاته ويدورون حوله، يحاولون حمايته من نفسه، وحماية أنفسهم منه ومن المجتمع. وإن كنتَ لا تُقدِّر نعمة النوم، فتأمَّل بمن ينام قرير العين، وآخر لا ينام إلا بالمنوّمات جراء مرض أو هموم. ولكي ندرك قيمة أن نمشي على رجلين، علينا أن نعرف معاناة من يقعد على كرسي مُتحرِّك، ويحتاج من يدفعه ليقضي أبسط مستلزماته. لكي لا تتبطَّر على عدم اكتناز المائدة، عليك أن ترى من يَتغذَّى بالأنابيب، كيف يصبر على طعام واحد وبأي طريقة يتناوله. ولكي تدرك معنى أن يكون لديك سكن -مهما كان تواضعه- عليك أن تُدرك حُرقة من لا يجد سكنًا، ومن يتحمل شهريًا سخافات وضغوطات المالك، التي قد تأتي في أي وقت من اليوم. هذا غيض من فيض من النعم، التي نعيش في رغدها وبحبوحتها، وقد تمنعنا احتدامات الحياة من تأمُّلها، لنُدرك فضلها في حياتنا، فهلا تعلَّمنا بعد كل ذلك فضيلة الشكر على ما نحن فيه، وأن ضيق الحياة لا بد له من انفراج..؟! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (64) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain