يا شام خلف الداجيات نهار مهما استطال بظلمه بجاّر يا جبهة التاريخ وجهك لم يزل من ضوئه تتناسل الأقمار نسجوا لكفّيك القيوم فلم تهِن ما زال فيك من الشموس شرار فبنو أميّة خيلُهم ضبّاحةٌ تحت العجاج ، وسيفهم بتّار خمسون ، في يدك القيود ، ولم تدِنْ وعلى جبينك تنصب الأسوار عمرٌ من الأوجاع لم تذعن له كانت بقلبك تستغيث النار فخرجت من رحم الفواجع ماردا وتفجّرت من نارك الأمطار والشام فاكهة الزمان وعطره والشام ليل العشق والسمّار ودمشق عنقود الفتون وعقده ودمشق قدّ الحسن والقيثار ودمشق هيبة قاسيون وكبره ودمشق شيخ العاشقين نزار ودمشق خاتمة النشيد وبدؤه فبكلّ شعر في دمشق نُثار أبصرتَ نهر النيل وهو مطهّم والنيل فيه من الجوى أسرار ولمحت من صنعاءَ ومضة بارقٍ في خفقه يتسابق الأنصار فكشفت صدرك للرصاص مكبّرا فجرت بما قدّرته الأقدار من كل ناحية أتتك كتيبةٌ فيها بكل مجنّد عمّار لم يبق محتار على شرع الهوى ومتى يكون مع الهوى محتار؟ لا عذر ، والأشجار تعلن رفضها وتئن من أوضاعها الأحجار لا عذر من عرس الشآم وعسره فاليوم ليست تُقبل الأعذار كانت دمشق على الغناء أميرة للشعر فيها قبّةٌ ومزار بردى يصفّق للزهور وعنده تتعانق الأشجار والأشعار الشعر يأتي من دمشق معتّقا فتسيل من شرفاته الأفكار واليوم طلع دمشق آهة صابر تكوي القلوب ، وقنّبٌ وغبار ودمٌ على الطرقات يسفك طهره كفّ اللئيم ، وخنجر غدّار خمسون ، لم تعتب على حرّ اللظى فلديك فوق صريرها إصرار ومتى يحنّ على الضحيّة قاتلٌ؟ ومتى يتوب من الدم الجزّر؟ يا شام ضع للشمس منك أريكةً حتّى تبوح بعطرها الأزهار ويسافر الليل البهيم برحلة يجري بعكس طريقه التيّار اصبر ، فساعات الصباح طويلةٌ وسنين صنّاع الظلام قصار ناءٍ طريق الصابرين ، وموحشٌ لكنّ ما ذا يفعل البحّار؟ ! الحرّ مولودٌ على كفّ الردى والشام منه تعلّم الأحرار جئنا على ظهر الرحيل فعمرنا نصبٌ ، وكلّ حياتنا أسفار فمتى تحطّ على البلاد ركابُنا ؟ ومتى تُقضّى هذه الأوطار؟ يا شام أرهقنا الطريق فهل لنا؟ يومٌ به للمرهقين قرار؟ يختار ما ذا الواقفون على اللظى ؟ مُرّان ، ماذا منهما نختار؟ يا شام ، ثُر ناراً ، وفكّ قيودهم حتّى يسير بظلّك الثوّار لا تحنِ رأسك للرياح إذا دنت فيداك فيها الريح والإعصار للعارضين الزيف قل لهم : انتهى عصر المزاد وأفلس السمسار لا بدّ من نهر يطهّر جرحنا كي لا يشبّ على الخنوع صغار لقد ولدنا فوق فوّهة اللّظى نحسو الظما ، ولباسنا الأوزار نصفان في سوق القطيع ، فنصفنا غنم تباع ، ونصفنا تجّار بين المنافي والرحيل حياتنا وبكل منفى نكبة وحصار فأكفنا حطبٌ ، ودمع عيوننا ملحٌ ، وطلع وجوهنا صبّار يا شام للشجر العظيم حكاية وله مع أقسى الفصول حوار يعرى إذا اختطف الشتاء ثيابه فيعود منه على الثياب ثمار! هذا ربيعك يا شآم يضيئنا ويضيء منه النور والنوّار ما زال في قوس الصبابة منزعٌ فالأرض مثل العاشقين تغار وستأكل الأحقاد نصف أكفّها ولسوف يكسر بعضه الفخّار وسيعلن الليل البهيم رحيله فاليوم دُقّ بنعشه المسمار