قتل 19 مدنيا على الاقل في سوريا الاربعاء بينهم 18 في مدينة حمص وسط البلاد بعد انسحاب الجيش السوري من حماة وادلب، في حين يواصل النظام قمع الاحتجاجات رغم الدعوات الى وقف العنف والعقوبات المفروضة عليه. وبينما أقر الرئيس السوري بشار الأسد لوفد زار دمشق من البرازيل والهند وجنوب أفريقيا بوقوع «بعض الأخطاء» من قبل القوات الأمنية خلال المراحل الأولية من حملة قمع المتظاهرين، قال مسؤول بارز في الاممالمتحدة في تقرير ان الرئيس السوري بشار الاسد واصل حملة القمع الدموية ضد المتظاهرين رغم مطالبة مجلس الامن الدولي نظامه بوقف العنف. وغادرت عشرات من ناقلات الجند صباح الاربعاء مدينة حماة (وسط سوريا) في ختام عملية واسعة اسفرت عن سقوط اكثر من مئة قتيل بعد تظاهرات حاشدة في يوليو ضد نظام الرئيس بشار الاسد الذي ما زال على موقفه رغم الضغوط الدولية. ولكن على الرغم من اعلان انسحاب الدبابات من حماة ومن ادلب (شمال)، واصلت قوات الامن عملياتها في مدينة حمص، واكد ناشطون في حمص مقتل 18 شخصا الاربعاء في المدينة برصاص قوات الامن قبل ساعة من موعد الافطار. وقال احد الناشطين أن «قوات الامن اطلقت النار بشكل عشوائي على الناس في حي بابا عمرو فسقط 11 قتيلا واصيب اخرون بجروح»، واضاف الناشط في اتصال لاحق ان «6 اشخاص قتلوا في حي الانشاءات». ولاحقا اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان ارتفاع حصيلة القتلى في حيي بابا عمرو والانشاءات الى 18 قتيلا مدنيا، يضاف اليهم اكثر من مئة جريح اصابات بعضهم خطرة، واضاف المرصد في بيان ان «حي بابا عمرو شهد حركة نزوح باتجاه احياء اخرى في المدينة بحثا عن الامان»، واوضح الناشط من جهته ان «نحو عشرين جنديا ومدرعتين تقدموا داخل المدينة وان قوات الامن اطلقت النار على الناس»، مؤكدا انه «تعذر انتشال الجثث على الفور، وكان نحو عشرين جريحا ممددين على الارض»، واضاف «لقد بدأوا حملة اعتقالات في المنازل وفتحوا النار على كل من يحاول الهرب»، وقال ناشط اخر «لقد فوجئنا باطلاق النار، فلم تكن هناك تظاهرة في المدينة مع استعداد الناس للعودة الى منازلهم لتناول الافطار». وصباح الاربعاء، قال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن ان امراة قتلت واصيب ثلاثة اشخاص بجروح في عملية امنية في سرمين، في محافظة ادلب، وترتفع بذلك الى 19 قتيلا حصيلة يوم الاربعاء. وامام استمرار حملة القمع في سوريا، اعلنت الولاياتالمتحدة فرض عقوبات على المصرف التجاري السوري، اكبر مصارف سوريا المملوك للدولة، وشركة سيرياتل السورية للاتصالات، مشيرة الى ان رئيس مجلس ادارتها هو رجل الاعمال رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري والذي سبق ان شملته عقوبات استهدفت النظام السوري. واعلنت السفيرة الامريكية لدى الاممالمتحدة سوزان رايس الاربعاء ان الولاياتالمتحدة «لديها ادلة على ارتكاب جرائم، اننا على استعداد تام لتقاسمها مع اي جهة مخولة اجراء تحقيق»، بدون ان تحدد طبيعة هذه «الجرائم» ومرتكبيها، وقالت الدبلوماسية الامريكية متحدثة قبيل انعقاد اجتماع لمجلس الامن مخصص لدرس تقرير بشان تطور الوضع في سوريا اعده الامين العام بان كي مون، انه سيتم القيام بالمزيد من التحركات الدولية ضد الاسد الذي «فقد شرعيته في الحكم». وقبل انعقاد اجتماع مجلس الامن، قالت بعثات البرازيل والهند وجنوب افريقيا في بيان ان الرئيس السوري بشار الاسد اقر بان قوات الامن السورية ارتكبت «بعض الاخطاء» في حملة القمع ضد المتظاهرين، وجاء في بيان اصدرته بعثات هذه الدول اثر اجتماع وفد يمثلها مع الرئيس السوري في دمشق ان الاسد اكد كذلك «التزامه بعملية الاصلاح التي تهدف الى البدء بديمقراطية متعددة الاحزاب». واضاف البيان المشترك الذي اصدرته بعثات الدول الثلاث في الاممالمتحدة انه خلال اجتماع دمشق «اقر الاسد بان قوات الامن (السورية) ارتكبت بعض الاخطاء في المراحل الاولى من الاضطرابات، وان الجهود تبذل للحيلولة دون تكرارها». كما اكد الاسد بحسب البيان «التزامه بعملية الاصلاح التي تهدف الى البدء بديمقراطية متعددة الاحزاب»، مشيرا الى انه «يتم حاليا وضع اللمسات النهائية على الاصلاحات السياسية بالتشاور مع الشعب السوري، وان الحوار الوطني سيتواصل لصياغة القوانين الجديدة والتوصل الى نموذج مناسب للاقتصاد»، مشددا على ان التعديلات الدستورية ستكتمل بحلول فبراير - مارس 2012. واضاف البيان ان الوفد «اعرب عن القلق البالغ من الوضع الراهن في سوريا، ودان العنف الذي يرتكبه جميع الاطراف. واعرب عن اسفه لخسارة الارواح، وعبر عن قلقه من تاثير العنف على الناحية الانسانية»، ودعا الى «الوقف الفوري لجميع اشكال العنف ودعا جميع الاطراف الى التحلي باقصى درجات ضبط النفس واحترام حقوق الانسان». ونقل البيان عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قوله ان «سوريا ستكون ديمقراطية حرة ومتعددة قبل نهاية العام». وفي نيويورك وخلال عرضه تقريرا عن تطورات الاحداث في سوريا بعد اسبوع من اصدار مجلس الامن بيانا رئاسيا يدين حملة القمع، قال مساعد الامين العام للامم المتحدة اوسكار فيرناديز-تارانكو امام المجلس ان مسؤولين من الاممالمتحدة التقوا دبلوماسيين سوريين وفي نفس الوقت كانت ترد تقارير عن وقوع مزيد من القتلى. ونقل عن المسؤول قوله ان 87 شخصا قتلوا في اعمال العنف يوم الثلاثاء وحده، مضيفا ان قوات الامن السورية تقوم في بعض الاحيان بقطع الكهرباء عن بلدات مستهدفة في العمليات. وقال احد الدبلوماسيين ان الخلاصة الاساسية هي ان سوريا «لم تستجب» لدعوات المجلس لها بوقف العنف. وستغتنم الدول الغربية هذا الاجتماع، لاختبار ردود فعل الدول الاخرى على اتخاذ خطوات اكثر تشددا حيال نظام الاسد. وقبل الاجتماع دعت الولاياتالمتحدة الى زيادة الضغوط على الاسد. الا ان السفيرة الامريكية في الاممالمتحدة سوزان رايس اعربت عن شكوكها في ان يكون المجلس الامن مستعدا للموافقة على قرار يهدد بفرض عقوبات ضد الاسد، وصرحت رايس للصحافيين «سنواصل ونكثف ضغوطنا.. عن طريق فرض عقوبات امريكية اضافية وكذلك من خلال الجهود المنسقة مع شركائنا الاخرين في نيويورك وحول العالم». واضافت «من وجهة نظر الولاياتالمتحدة فقد فَقد (الاسد) الشرعية للحكم، وستكون سوريا مكانا افضل بدونه»، وتابعت «نحن نتطلع الى المستقبل ونتطلع الى تقديم الدعم للشعب السوري الذي له تطلعات نحو الحرية والديمقراطية مثل تلك التي رأيناها في انحاء اخرى من العالم»، مضيفة «لا اريد التكهن بما سيكون عليه رد المجلس في المستقبل»، وردا على سؤال حول ما اذا كان المجلس سيحيل الاسد الى المحكمة الجنائية الدولية كما فعل مع الزعيم الليبي معمر القذافي، قالت رايس انها تشك في حصول المجلس على الدعم الكافي للقيام بلك حاليا. الا انها اضافت «اعتقد ان الاعضاء تأثروا بما شاهدوه مؤخرا وبالعنف المتزايد والرهيب الذي رايناه ضد المدنيين. لكن الوقت الذي استغرقه المجلس قبل ان يتكلم بصوت واحد بعث فينا بصراحة الاحباط»، مشددة على ان «الوقت حان ليقدم جميع اعضاء المجلس مصالح الشعب السوري على المسائل او المصالح الثنائية الخاصة ويضعوها نصب تحركاتهم». ورغم هذه الجهود الدولية واعترافات الأسد لا يزال متوترا، والعمليات العسكرية مستمرة في مناطق مختلفة من سوريا. فقد اشار المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان الى «اقتحام قوات هائلة من الجيش مدينة زملكا وعربين وحمورية في ريف دمشق (...) وقيام قوات الامن بمصادرة جميع الدراجات النارية والبدء بحملة اعتقال كبيرة»، من جهة اخرى، اكد المرصد أن مدينة دير الزور اصبحت تحت سيطرة دبابات الجيش السوري، مشيرا الى ان «الدبابات والمدرعات العسكرية وسيارات الأمن سيطرت على احياء دير الزور». وتحدث عن «استمرار القصف بالرشاشات الثقيلة في حيي الموظفين والمطار واحراق بعض المنازل والدراجات النارية من اجل ترهيب الناس»، كما اشار الى «انتشار للقناصة على اسطح المباني المرتفعة وكل من يشاهد في الشارع يطلق الرصاص باتجاهه». واكد المرصد السوري ان «الاجهزة الامنية تنفذ حملة مداهمات واسعة واعتقالات في معظم احياء المدينة»، مشيرا الى «اعتقال نحو ستين شخصا حتى الآن»، واكد ناشط في المدينة ان «هناك قوائم لمطلوبين تشمل نشطاء الحراك الشعبي».