صدر حديثًا عن دار مدبولي للنشر كتاب «مستقبل مصر بعد الثورة» للكاتب شريف الشوباشي. الكتاب يقع في 212 صفحة، ويقول فيه المؤلف إنه لو لم يقم الشعب المصري بثورة في العقول وفي المفاهيم والسلوكيات، وإذا لم يقبل انتزاع طبقات متراكمة تجمعت حول جسده خلال مئات السنين قوامها التطرف الفكري والسلبية وعدم الالتزام والإذعان للواقع والأفكار المسبقة حول المرأة واحتقار الأقليات، فسوف تتحول ثورة 25 يناير إلى مجرد انقلاب نجح في خلع رأس الدولة وبعض أعوانه، وفي القضاء على القليل من مظاهر الفساد السطحية، لكنه عجز عن إحداث تغيير جذري في الضمير الجماعي لشعب مصر. ويقارن المؤلف بين ثورة 23 يوليو التي كانت مجرد انقلاب عسكرى قام به نحو 160 ضابطا بالجيش المصري على الملك فاروق، ولكن هذا الانقلاب سرعان ما تحول إلى ثورة حقيقية قلبت التركيبة الاجتماعية وجميع معايير التعامل ونظام القوى السائد قبل يوم 23 يوليو رأسًا على عقب، وبين ثورة 25 يناير التي قام بها الشعب الذي نزل كاملا في الشوارع والميادين، وواجهت قوات الأمن وتحدت القمع وسقط خلالها مئات الشهداء وآلاف الجرحى، لكنه لم يحدث أي تغيير في العقول والمفاهيم والتركيبة الاجتماعية والعلاقات بين الناس، ويطرح المؤلف تساؤلًا خلال كتابه وهو: هل تتحول ثورة 2011 إلى انقلاب كما تحول انقلاب 1952 إلى ثورة؟ ويشير المؤلف إلى أن رحيل الرئيس السابق حسني مبارك كان مثل النهاية السعيدة للأفلام الأبيض وأسود، فهو خطوة مهمة للغاية بل وحاسمة في الاتجاه الصحيح، لكنه ليس نهاية بل هو بداية مرحلة تحول خطير في تاريخ مصر من حكم الفرد الذي يرزح تحت ظله الشعب المصري منذ آلاف السنين إلى حكم ديمقراطي يختار فيه الشعب من يمثله ويقوده، ويؤكد المؤلف أن التحول الديمقراطي داخل أية دولة تمر بثورة لابد أن يستلزم فترة زمنية طويلة، مستشهدا في ذلك بالثورة الفرنسية التي اندلعت عام 1789، واحتاج تحولها للديمقراطية أكثر من 85 عاما. ويضيف الشوباشي أنه من خلال استعراض سريع لتاريخ الثورات على الأنظمة الديكتاتورية في العالم ثبت أن ثورة 25 يناير هي أول ثورة تقوم في مصر منذ ستة آلاف سنة من أجل الحرية والكرامة وسيادة كلمة الشعب، ويوضح أن الديمقراطية لن تتحقق بقرار شعبي أو رسمي، ولن تتحقق بسهولة لأن ثقافتنا العربية الإسلامية لا تعرف الديمقراطية بالمعنى الحديث للكلمة، بل إن ثقافتنا تحمل بذور التصادم مع أبرز مبادئ الديمقراطية، كما يثبت المؤلف بالأدلة الملموسة، وسوف تحتاج مصر إلى سنوات طويلة حتى يستقر بها نظام ديمقراطي يفتح الباب لعصر جديد تشرق فيه شمس العدالة والمساواة بين الجميع. ويحوي الكتاب 12 فصلا وهي: «بصراحة، طاعة أولى الأمر، الشرعية الديمقراطية، الماجنا كارتا، علم المباركولوجيا، مباحث أمن الدولة، ما هي الديمقراطية، دكتاتورية الأغلبية، القدرية، لو كنت قبطيا، المسؤولية المشتركة والأمل في الشعوب».