ربد هي الليالي.. كثيفة فيها الرؤى متشابكة بها المواجد.. ليس فيها سدفة من نور أو فرجة من شعاع لنجمة تضيء من أفق بعيد أو قريب!! والاوهاق جاثمة على صدرها تأبى عليها أن يشرق الصبح بعدها وتنجلي، بل تريدها أن تطول وتطول وتطول.. حتى أن الزمن توقف عندها أو كاد فاصبح بطيئًا في تحركه لا يكاد يبين!! ويصرخ كل من في الوجود: أيتها الليالي كفى.. كفى، ولكنها لا تصيخ سمعًا لأحد.. لا تلقي بالًا لاي صوت تسمعه روحي فترتجف كأن السيف يدميها وينحرف ليخترق الاوصال، فتبتسم الدماء في وجه من اهدى لها الجنف ثم حاد عنها وهو منصلت كالذنب الذي جفت دونه الصحف فقطت الايام ما ارتخت لتواري هوله السجف!! وتبرأت الأوراح من الأصوات التي رحلت بعيدًا وبقي صوتك موصيًا لي بدعاء متأولًا آي الذكر الحكيم بالتعوذ ببركة طهارة الله «من ان يطرقني طارق من الجن والإنس الا طارق بخير يا أرحم الراحمين فاللهم أنت عياذي فبك اعوذ وانت ملاذي فبك الوذ وأنت غياثي فبك ألوذ، يا من ذلت له رقاب الجبابرة ودانت له مقاليد الفراعنة اجرني من خزيك وعقوبتك في ليلي ونهاري وظعني وقراري وعدلي بخير منك يا أرحم الراحمين» تأولًا من قوله تعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) (ال عمران:118). لقد مضى على ذكر هذا العطاء منك -أيها الصوت- أكثر من خمسة وثلاثين عامًا وكلما تذكرته عادت وقدة الجمر تحت رماد الذكرى فأحس بروحي شغوفة للمكرمات وما يكفي بها الشغف فهل يبلورها الشغف لتحمد الله ويستحيل الى تبر بها الخزف؟ إنني اعيش دنياي لا ارضى بما جبلت عليه نفسي وقد وفقني الله على الحول وقد طويت جراحي بصدري رغم نزفها ما عشت ابدًا نائية عن المقل ولم اعلنها ما دمت احسبها تفضي بي الى الأمل.. ولسوف تدميني فتنضجني وتنقل روحي من حزن الى جذل.. وانا لم اعد ذا لهو ولم تعد روحي تكثرت بصوت شجى ولا بات على وجل. واني لاعرف نفسي، رغم صبوتها لا تستريح الى الاسوأ والزلل، وانما الى الآلام ضارية نشوى ثم تستروح الآمال في العلل، انه الكنز في اجمل نوائل تستبدل به النفس صرحًا عن الطلل!! يا صوت!! لو لم تكن إلا أنت تأتيني بين الفينة والاخرى.. تذكرني بأن روحي مطهرة رغم البوائق، انك لم تجرح لي أذنًا.. قد روعتها زمنًا حتى غدت زمنًا أذنًا بما تؤمله تستعذب الشجنا.. استوعبت خيرًا بها فقومتها واجتبيتها حتى سلت الصحاب والوطنا.. واصبحت جذلي وغدت منك مجدًا غير مرتخص يؤوي اليك ولا يستكثر الوطنا.. داعبتها زمنا ومنحتها الآلاء والمننا، ثم تهيأت فارحها غير متئد فرب شك يعيق انطلاقها الى الذرى والقمم.. يا صوت ردد معي قول الشاعر: مجدت الله! إن (الفل) يفعمني عبيره بعد ان ادماني السلم فرحت (احمد ربي) في خمائله ولا يخامرني رعب ولا ألم يا من سموت بنا ولت كبائرنا عنا فرارًا، ولن يستأسد اللمم إني أحس بنفسي أنني ملك تعنو له، ما أراد الرفعة القمم لا المال أغني ولا مجدي ولا حسبي وانما أغنت الآلاء والقيم حسبي من العيش نعمي ان يضيء غدي من بعد أمسي الذي حفت به الظلم ولك مني عميق الود والمحبة والتقدير