كان قرار السلطات المصرية السماح لسفينتين إيرانيتين اجتياز قناة السويس يوم الأحد 20 فبراير 2011، أي بعد أقل من أيام قلائل من سقوط الرئيس مبارك، قراراً سيادياً أثبت ما أعلنته السلطات المصرية عدم خضوعها لأي إملاءات من أحد كان. فعبور البوارج الإيرانية هو إشارة واضحة إلى استقلال القرار المصري من جهة، وإعادة صياغة السياسة الخارجية المصرية تجاه دول الجوار الجيوبولتيكي، هي رسالة مصرية للعالم بأن مصر الجديدة هي مصر مختلفة تعكس مركز مصر المتميز وإرادتها في استعادة مكانتها ودورها القومي الذي يفرضه موقعها الجغرافي وتاريخها العريق. وإذا كان لنا أن نحكم مبدئياً على مسار السياسة المصرية الجديدة، فلا أفضل من استكشاف رد الفعل لقادة إسرائيل والإطلاع على تحليلات المحللين الاستراتيجيين الإسرائيليين في قراءة المشهد المصري. فقد حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك، قادة الولاياتالمتحدةالأمريكية والأمم المتحدة من خطورة ما يحدث في مصر، وانتقد الموقف الأمريكي الذي لا يقدّر حجم التغييرات ومخاطرها هناك وان الأمور ستؤول - في النهاية - ليد الإخوان المسلمين الذين لا يظهرون أنفسهم حاليا. ويقول المحلل العسكري الإسرائيلي المعروف رون بن يشاي في مقالة موسعة نشرتها صحيفة «يديعوت احرونوت» الإسرائيلية، إن على إسرائيل أن تستعد لوجود تركيا جديدة على الحدود الجنوبية لإسرائيل. وينصح المحلل الإسرائيلي قادته أن لا يظنوا أن مصر القديمة في عهد مبارك سوف تعود ثانية وإنما أن يستعدوا لمصر جديدة على الطراز التركي ، وغير محبة لإسرائيل في طريق التكون بالمنطقة. في منتصف الخمسينات في القرن العشرين جعلت ثورة يوليو 1952 من العروبة رداء لكل العرب من الخليج إلى المحيط رافقته مصطلحات الأمة العربية ، والقومية العربية . والوحدة العربية كأهداف إستراتيجية تضعها كل دولة عربية في الاعتبار عند إقرار سياسات معينة في الداخل أو عند بناء علاقاتها الخارجية. وقد حولت ثورة يوليو مصر إلى دولة مركزية تحدد ملامح التوجه العروبي ولكلمتها تأثير كبير على سياسة العرب تجاه العالم، فأصبحت بالنسبة للعرب الشقيقة الكبرى، ولعب الصراع مع إسرائيل دوراً من التواجد والتضامن حتى حرب أكتوبر 1973 ثم ما آل اليه الوضع من الفرقة والانقسام نتيجة للمعاهدة المصرية- الإسرائيلية في مارس 1979. وأخيراً جاء احتلال العراق للكويت في أغسطس 1990، وانتهى الأمر بالتدخل الأمريكي ليقضي على آخر الوشائج العربية ويوسع الشق العربي مجدداً. وقد عمل نظام الرئيس مبارك على إبعاد مصر عن دورها التاريخي وابتعد بها شيئا فشيئاً ليحولها إلى دولة هامشية. لكن ثورة 25 يناير أعادت الآمال مجدداً في أن تستعيد مصر دورها التاريخي، وفتح لها الطريق لاستعادة مجدها الغابر وكرامتها التي عبث واستخف بها بعض قادتها إلى الحد الذي بات يتجرأ بعضهم على وصفها بالأمة الميتة. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain