لا ألوم من يتساءل ماذا بعد ثورة 25 يناير؟ وماذا حققت الثورة؟ ولكن أحزن لحال أولئك الذين يستنكرون على الشعوب أن يثوروا لحريتهم وكرامتهم ويرون أن حال تلك الشعوب، تحت الذل والخنوع والخضوع كان أفضل، وأن الثائرين إنما يقودون بلدانهم إلى المجهول، غير مدركين أن الحرية هدف تستحق أن تقوم من أجله ثورات ويسقط في سبيله عشرات بل مئات الشهداء فالحرية والديمقراطية حلمان يستحقان أن تدفع الشعوب مقابلهما الكثير والكثير . ولكن إذا غابت الحرية والديمقراطية، وغاب معها أيضاً الخبز .. وسادت مشكلات اقتصادية واجتماعية عديدة كالفقر والبطالة وعدم الاستقرار الاقتصادي، فإن الحال لابد أن يقود قطعاً إلى انتفاضة تعيد الأمور إلى نصابها. فالمواطن العربي أصبح الآن يدرك جيدا إنه لن يحصل على عمل شريف ودخل مجز وتعليم جيد لأولاده ورعاية صحية ملائمة، بدون أن يكون له الحق في المشاركة السياسية في شؤون بلاده، وتقرير مستقبله بنفسه ولنفسه. والغريب أن كل هذه العوامل كانت ماثلة أمام القادة العرب الذين اجتمعوا في مدينة شرم الشيخ في الدورة الثانية للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية يوم 19 يناير 2011 ، قبل أيام معدودة من ثورة 25 يناير، وهي القمة التي ركزت على بحث سبل محاربة الفقر والبطالة، وإدماج التقنيات والرؤى التنموية الحديثة في العمل العربي التنموي، وتعميق التكامل الاقتصادي بين الدول العربية. وفي هذه القمة التي افتتحها حسني مبارك أكد الرئيس المصري السابق على إن الشباب العربي هم أغلى ما نمتلكه من ثروات وموارد.. فهم يمثلون أكثر من 25% من سكاننا.. وبفكرهم وسواعدهم نصنع مستقبل أمتنا.. ونضع علاماته.. ونبني قواعده. ولكن .. كان غياب سبل العمل على مواجهة كل ما قال به مبارك، واعترف به المؤتمرون في قمة شرم الشيخ هو السبب الرئيس وراء الثورات التي شهدتها مصر وتونس، وتشهدها دول مثل اليمن وليبيا وسوريا والأردن والجزائر والسودان، ومن المتوقع أن تشهدها المغرب وعدد آخر من الدول. فإذا كانت شعوب هذه الدول ثارت لكرامتها وحريتها، فإن العوامل الاقتصادية والاجتماعية لم تكن غائبة عن الساحة فعجلت الانتفاضة في دول قبل غيرها، ولكن وفي خضم هذه المطالبات فطن الثوار إلى أن الحرية والديمقراطية ضرورة لازمة للوصول للرفاهة الاقتصادية والاجتماعية التي يبغونها . [email protected]