الحُبّ درجات، يعرج فيها العاشق حتى يصل إلى تمامها إذا تحققت المشاعر من كلا الطرفين. يبقى بعد ذلك إحساس الحاجة إلى التعبير عن هذه المشاعر بتصويرها، وتحويرها إلى كلمات تخرج المستمع من نطاق الواقعية إلى الخيال، وتمكّن لقناعاته الإيمان بأن اللامعقول معقول. والأنثى يمنعها الحياء في أغلب أحوالها عن البوح بما فُطرت عليه من هذه الأحاسيس التي يستحال التصرف فيها، أو تغييرها عن واقعها. فكأنما تصدع هذه الأبيات على لسانها، وتجلب الحقائق المخفية إلى الآذان لتدركها العقول، وترق لها القلوب، وترجع بعد الموت بها النفوس: خذني إليكَ فلست وحدكَ عاشقًا قد ذبتُ من ولعي عليك ولوعتي خذني إليكَ فأنتَ وحدك ساكنٌ في مقلتي في مهجتي وسريرتي خذني إلى حيث الرياحُ تسوقني أنّى أسائلُ بعد حضنكَ رجعتي؟ شيئًا فشيئًا بتُّ أعطي كل ما عندي لعينكّ بعد سحرِ القبلةِ خذني إليك فلستُ إلاّ دميةً تحيى الحياة إذا ذهبتَ بوحدةِ خذني وأسمعني قصائدك التي خبّأتُها خوفًا عليك بِحُجْرَتي خذني إلى حيث النهايةِ تبتدي فنهايتي بالقرب منك بدايتي أَوَلست تسمع حولنا لحنَ الهوى والبدر ينظرنا بأروع بسمةِ؟ أَوَلم ترَ الأفلاك قد رقصت على أنغامِ شعركَ كي تظلّ بحوزتي؟ خذني فإني كلما أبصرتُ في المرآةِ رُوحُكَ تأتِني في صورتي وإذا شَمَمْتُ ملابسي بعد اللِّقا فكأنّني أحيى الخلود بِشمّتي خذني ولا ترجع بنا أبدًا فما يرجو الرجوعَ منعّمٌ في الجنّةِ