وسط حديث عن إجراء الولاياتالمتحدة محادثات مع طالبان، لا يزال التحدي الرئيس الذي يواجهها هو الوصول إلى الملا عمر زعيم الحركة المتمردة لإشراكه في المفاوضات، بينما تتزايد المساعي للتوصل إلى اتفاق سلام في أفغانستان، كما يرى خبراء. وصرح الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمس الأول أن الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول تجري اتصالات مع طالبان، في أول تأكيد رسمي على إجراء تلك المحادثات بعد عشر سنوات من الحرب في البلد المضطرب. وفيما يقول دبلوماسيون إن المحادثات لا تزال في مراحلها المبكرة جدا، تظهر تصريحات كرزاي تزايد التركيز على التوصل إلى تسوية سياسية للحرب الأفغانية بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فيما تستعد القوات القتالية الأجنبية للبدء في الانحساب بحلول 2014. ويعتبر تأييد زعيم طالبان مهما للتوصل إلى أي وقف لإطلاق النار أو اتفاق لتقاسم السلطة، إلا أن مكان إقامته، الذي يعتقد أنه في مكان ما في باكستان، لا يزال مجهولا. ويكتسب البحث عن الملا عمر زخما خاصة بعد أن وعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما البدء في سحب جزء من قواته البالغة 90 الف جندي أمريكي من أفغانستان الشهر المقبل قبل السحب الكلي لتلك القوات خلال ثلاث سنوات. وصرح المحلل والمؤلف الباكستاني امتياز غول أن الممثل الأمريكي الخاص لأفغانستانوباكستان مارك غروسمان، طلب منه في وقت سابق من هذا الشهر المساعدة في تعقب الملا عمر. وقال إن «غروسمان أخبرني أن الولاياتالمتحدة تبحث عن أشخاص يستطيعون الإدلاء بمعلومات واضحة للوصول إلى الملا عمر». وأضاف «اعتقد أن الولاياتالمتحدة تعتبر أن الملا عمر لا يزال عنصرا أساسيا في التوصل إلى سلام في أفغانستان. فقد قال لي مسؤول أمريكي :لا نريد التخلص منه. نحن مهتمون جدا بالتحدث معه». ويعتقد أن عمر يعيش في مدينة كويتا جنوب غرب باكستان، إلا أن إسلام أباد تصر على أنها لا تعرف مكان وجوده. وبعد مقتل بن لادن في عملية شنتها القوات الأمريكية الخاصة في مدينة ابوت اباد الباكستانية الشهر الماضي، يعتقد معظم الخبراء ان الملا عمر نقل مكان تواجده. وذكرت وكالة الاستخبارات الافغانية بعد فترة قصيرة من مقتل بن لادن، ان الملا عمر «اختفى من مخبئه» في كويتا، دون ان تذكر المكان الذي انتقل اليه. ويعتبر مسؤولون غربيون وافغان في كابول ان مساعدة باكستان مهمة لجهود فتح قناة اتصال مع زعماء طالبان. وزار كرزاي اسلام اباد مؤخرا وامضى فيها يومين على غير العادة، واعلن عن لجنة سلام مشتركة. ويعتقد مسؤولون افغان الان ان باكستان، حيث يعتقد ان قيادة طالبان متمركزة، اكثر استعدادا لتقديم المساعدة. وصرح مسؤول افغاني طلب عدم الكشف عن هويته ان «ديناميكية العلاقة تغيرت بشكل كبير خلال الاشهر القليلة الماضية». واضاف «اصبحوا يقولون بوضوح الان ان لهم دورا، ونحن في افغانستان لدينا توقعات معينة من باكستان». وقال ان من هذه التوقعات هو ان تشجع باكستان «فعليا زعماء طالبان بمن فيهم الملا عمر على الانضمام الى عملية المصالحة». وتؤكد حركة طالبان في العلن على انها لن تناقش التوصل الى سلام الا بعد رحيل جميع القوات الاجنبية البالغ قوامها 130 الف جندي. وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان «قلنا في السابق واكدنا مرارا اننا لن نجري مفاوضات مع الولاياتالمتحدة». غير ان مجلة دير شبيغل المرموقة ذكرت الشهر الماضي ان برلين ساعدت مسؤولين امريكيين على الاتصال بطيب اغا السكرتير الشخصي وصهر الملا عمر الموثوق، والذي يقال انه نائب رئيس اللجنة السياسية في حركة طالبان. ورأى المحلل الافغاني ومسؤول الاستخبارات الباكستاني السابق البريغادير سعد خان ان الاتصالات في المانيا «مبدئية واستكشافية» الا ان اغا شارك فيها «بمباركة الملا عمر الكاملة». وصرح : «اعتقد ان الولاياتالمتحدة وطالبان ادركا ان عليهما ان يتحدثا مع بعضهما». ولكن أيا كان وضع المحادثات الا ان جميع الاطراف لها مصلحة في ان تبقى مسألة المفاوضات الحساسة سرية. الا ان الولاياتالمتحدة وحلفاءها ستكون حذرة لتجنب تكرار الغلطة المهينة في المحادثات التي اجرتها مع طالبان العام الماضي، عندما تم احضار رجل زعم انه مسؤول بارز في طالبان الى كابول نوفمبر قبل ان يتبين انه صاحب متجر متواضع في كويتا.