تصلني بين حين وآخر شكاوى من طلاب جامعيين عن أساتذتهم الذين يعاملونهم بقسوة غير مبررة. فبعضهم يهددهم بالرسوب وشطب الدرجات. وبعضهم يتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور إن تولى في يومٍ أمرهم، ثمّ تحين الفرصة له فينجز وعده. وبعضهم يعتقد أنه هو «الحاكم بأمره» فيملي على القسم والكلية أوامره «القرافوشية»، وتخاريفه البهلوانية، وتعاملاته الفوقية. أعرف نفراً من أصناف أساتذة الجامعات هؤلاء. وأعرف أن كثيراً أيضاً من الطلاب يبالغون. ولكن المؤكد بأن أفعالاً وتصرفات من الشاكلة التي ذكرتها، تحدث وبصورة ليست محدودة. وأذكر في أحد الأيام أنني أخطأت – كما يبدو لأحد هؤلاء – عندما ناديته باسمه الذي سماه به أبوه. فأرعد وأزبد. فلما استوضحته عن السبب, قال: أتهين الناس ولا تسمّيهم بأسمائهم؟ فلما سألته عن اسمه قال: أنا الدكتور فلان. فترحّمت على أبيه الذي نسي مثلي اسم ذلك العبقري. في الجامعات أناس يعتقدون أنهم فوق البشر. وأن الذّر (الطلاب) لا يستحق جواهرهم التي يلقونها عليهم. معقدةً نفوسهم. خاويةً أدمغتهم. لا يستطيعون إيصال الأفكار ولا العلم ولا المشاعر إلى طلابهم. فهم فاشلون في كل ذلك. فهل يُرجى أن يخرِّجوا لنا نفوساً سليمة غير معقدة؟ ولعل ما يزيد الأسف، أننا نسمع عن تفاقم هذه الظاهرة، وازدياد عدد هؤلاء الدكتاتوريين. فهل تولى زمن العلماء؟ إن مديري الجامعات لديهم ما يكفيهم من المشكلات. فهم لا يحتاجون لمثل هؤلاء الذين يزيدون الجامعة وبالاً، والعملية التعليمية خسراناً، والطلاب تعقيداً وامتهاناً. الجامعات هي مشاعل النور والمعرفة في المجتمع. والناس تطمح بل تُلحّ لأن تكون هي البيئة التي ترعى بعنايتها أكبادنا ومستقبلنا. فيا معالي مديري الجامعات: نرجوكم تنظيف جامعاتكم من هؤلاء الذين انتفخت ذواتهم، فليس مرادنا أن يجني أبناؤنا في معاقلكم شهادات تخرج مختومة بعقد نفسية مهما كانت أهميتها. 026999792 فاكس [email protected]