* في حياتنا متاعب كثيرة، وفي جيوبنا مناديل أحيانًا لا نستطيع استخدامها، ربما لأننا اعتدنا على أن البكاء شأنٌ نسائيٌّ، فسلّمناه وتنازلنا عنه دون مقابل، مع أن البكاء للجميع، للرجال والنساء، وفي اعتقادي أن كل المخاليق تبكي، بل ومن حقها ممارسة البكاء في أي وقت، لكن أن يصبح البكاء ممنوعًا، فهي المأساة التي ينادي بها هذا المثل الغبي: (الرجال ما تبكي يا ولد)، وبكل أمانة كم حاولت أنا أن التزم بذلك على الأقل في حضور بعض الذين يؤمنون بهذا المثل، لكني -وبكل أسف- أضعف لأعود لممارسة البكاء في مكانٍ ناءٍ. والواقع اليوم من خلال المشهد في بعض البلدان العربية يفرض على الرجال البكاء، وكيف لا يبكون حين يرون أشقاء لهم تُصادر حقوقهم وحرياتهم التي يرفض أي إنسان بأن تكون كالطوق في العنق، حرياتهم التي لابد أن تضع في حسبانها إنسانيتيهم ومواطنتهم، وكيف لا والإنسان المخلوق الذي يجد في العدل عزته، وفي الكرامة اسمه وصفاته، وغير ذلك بالطبع لا يهمني، فهل أكون منصفًا حين أبكي على كرامة الإنسان التي أهدرتها كلمة الخوف، وصادرتها منه مجموعة صغيرة، وعلى حسابه، وضد رغباته سيرت كل الأمور بعكس أمنياته، وعليه أن يقبل بكل ما يصله، ويحمد الله على كل ما يجد. * الكتابة قضية مثيرة للجدل، والصمت قضية مخجلة، والفرح حكاية خيالية، والموت مع الجماعة رحمة، والسكوت من ذهب، والقرش الأبيض لليوم الأسود، والكرم والشهامة العربية تاريخ غرق في تاريخ الحاضر، وفي هذا الزمن البكاء ممنوع بقرار جمهوري، والفرح يُسمح به إلى ما قبل منتصف الليل، وحظر التجوال يحاصر الأقدام، والجنود يضربون بيدٍ من حديد كل الثائرين، ويشوّهون جثث القتلى، والحياة للزعماء والمقربين في بعض البلدان حياة ثراء لا حدود له، والشعوب الثائرة تملأ الدنيا ضجيجًا فقط من أجل أن تحيا بكرامة، والمثل يقول: (الرجال ما تبكي يا ولد)، وأقول أنا: ابكِ يا ولد، وابكِ وابكِ، إلى أن يجف الدمع، أو يموت الشر...! (خاتمة الهمزة).. في حياتنا حكايات تتقاطع بالغصب مع حكايات أخرى، فهل يقبل البسطاء مني أن أقول لهم عكس ما يعتقدونه في المثل، وأُعمِّم في قولي هذا بأن البكاء ليس شأنًا نسائيًّا فقط، بل للرجال أيضًا الحق في استرداد هذا الحق المسلوب.. وهي خاتمتي، ودمتم. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (48) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain)