* بالأمس غادرنا العم عبده بن علي بلعوص إلى عالم اللحود -يرحمه الله- وهو والد زميلي وصديق الدراسة المهندس سليمان عبده بلعوص نائب الرئيس التنفيذي لشركة لوبريف. وصدقوني حين رأيته مسجّى وهو يبتسم، تذكرته كيف كانت أيامه الجهمة المملوءة بالنشاط والحركة، تذكرته كيف كانت بداياته تلك التي أخلص فيها لله، ثم للوطن، ثم لبناء أسرته وتعليم أبنائه وبناته، وسعى جاهدًا ليصنع لهم من جهوده المضنية، وتعبه مكانةً، وحلمًا جميلاً، ومن بيته الصغير في حي الهنداوية استطاع أن يحقق طموحاته، وأحلام أبنائه وبناته، وبكل أمانة كنت أنا أحد أبنائه، الذين عاشوا معه من خلال ابنه سليمان، وعلاقتي به، التي جعلتني أعيش معه كل حكاياته وعذاباته التي استطاع أن يهزمها بإيمانه، ثم بصبره وعزيمته وإرادته، وبفضل الله انتصر على الفقر، وكتب في جبين الأيام نجاحاته، التي قدمت للوطن أنجب الرجال، وأنفس النساء، وظل هكذا يحمل في عودة صفات الإنسان النبيل والمؤمن الحريص على أن يقدم نفسه بأسلوبه وإنسانيته المعهودة، ومن فرط حبي له كنت أحبه محبتي لأبي، وما تمنيت قط أن أراه ممددًا، لا على فراش المرض، ولا على خشبة النعش، وكم كنت فرحًا بسلامته حين قبّلته وهمّ بالقيام، لولا أنني توسلته بالبقاء في مكانه، وبحجم فرحي كان حزني على فراقه، ليموت وكلماته ترن في أذني، وهو يقول بلهجته الفرسانية: (يا ولدي في الحركة بركة)..!! * يا له من رجل يحمل في عوده صفات الرجولة، ففيه الشهامة والمروءة، وفيه الكرم والأبوة والإحسان والإنسانية، والحب لكل الناس، ففي الفرح كان هو القائد لألعابنا الشعبية الفرسانية، وفي الحزن هو الفاعل للخير، وفوق كل هذا كان لي الوالد الذي لم ينسَ أنني ابن له، نعم كان العم عبده هو الوالد الحنون الذي تعرفه القرية والناس أجمعون، هكذا هو كان، والأمل في أن يرحمه الله، ويعوّض أهله في غيابه الخير، ولأنه كان أنموذجًا للفرساني الأصيل، قدمته وكلي أمل وتمنٍّ من القارئات والقرّاء بالدعاء له بالرحمة، وهو يستحق أن يجد منهم أجمل الدعوات، لما له من مكانة في ذاكرة الوطن، فما أجمله من رجل، وما أجمل كل من يشبهه في صفاته، له مني خالص الدعاء بالرحمة والغفران..! * (خاتمة الهمزة).. كنت مختلفًا عن كل الذين يهمهم أن يحققوا لأنفسهم مكانة، حتى ولو كانت على حساب غيرهم، لأنهم حين يرحلون يتركون خلفهم غضب الناس، وبكل الحب اسأل الله لك يا والدي الكريم الجنة.. وهي خاتمتي ودمتم..!. [email protected]