الشعور بالتعاطف مع البشر لا يستلزم توفر الأسباب التي نعتقد أن مسألة الاحترام مرهونة بوجودها. المعاناة البشرية تستحق الاحترام والتعاطف أيا كانت طبيعتها وأيا كانت الأسباب التي ساهمت في وجودها. المعاناة البشرية ناتجة عن الضعف الموجود في صميم تكويننا، والضعف لا يستحق سوى الشعور بالرحمة والشفقة والتعاطف. حتى مع حالات المعاناة التي قد نرى أن أصحابها مسؤولون عنها، فإن الحكمة والعدل يقتضيان منا أن نحيط أصحابها بكل أشكال التعاطف. التعاطف مع أصحاب المعاناة والمتألمين يجب ألا يكون مشروطا حتى بتوفر الإرادة اللازمة لدى صاحب المعاناة للخروج من معاناته. مدمنو المخدرات مثلا الذين لا يمتلكون أية رغبة للإقلاع عن إدمانهم، هم مسؤولون عن استمرار معاناتهم. لكن هل يعني هذا أنهم لا يستحقون منا التعاطف والتقبل، فقط لأنهم لا يمتلكون الإرادة الكافية للتخلص من معاناتهم؟! بالتأكيد ليس هنالك إنسان لا يود أن يكون سعيدا أو متوازنا أو متصالحا مع نفسه ومع واقعه، وليس هنالك إنسان يختار التعاسة بملء إرادته. الضعف الإنساني هو المسؤول في الغالب عن الواقع المرير الذي يعيش فيه هؤلاء. والضعف لا يستوجب الشعور بالاحتقار أو الإدانة، ولكنه يستوجب الشعور بالتعاطف والحب والرحمة. من منا لا يمتلك نقاط ضعف تدفعه للإساءة إلى نفسه عبر انتهاج سلوكيات تتناقض مع أبسط قواعد الحكمة؟ ومن منا يستطيع أن يكون حصيفا وقويا وقادرا على ترويض أهوائه بالكامل؟!. [email protected]