في ذكرى مرور 44 عامًا على النكسة سنحت الفرصة للأمة أن تتحسس مواجعها ، وتتذكر ذلك الجرح الغائر الذي لا تزال آثاره وندباته باقية حتى الآن من خلال استمرار الاحتلال الإسرائيلي الجائر للجولان السورية وللضفة الغربية ، بما في ذلك القدس العربية ، وقطاع غزة الذي أعلنت إسرائيل الانسحاب منه قبل نحو 7سنوات نظريًا ، فيما لا تزال تهيمن على أجوائه ومياهه ومصيره، وتستمر في حصاره ومصادرة حرية سكانه ، والتنكيل بهم عدوانًا واعتقالاً واغتيالاً. وربما أن الجديد الذي حملته ذكرى النكبة هذا العام وبعدها ببضعة أيام ذكرى النكسة اقتحام المئات من أبناء الشعبين الفلسطيني والسوري للحدود ومحاولتهم معانقة أرضهم السليبة وتنسم هواء الوطن المغتصب ورفع العلمين السوري والفلسطيني ، رغم استشهاد وإصابة العشرات من أولئك المنتفضين الذين تلقوا رصاص المحتل بصدورهم العارية ، وهي ظاهرة لها مغزاها كون أولئك المنتفضين من الشباب الذين ولدوا بعد النكبة والنكسة عندما عبروا ببساطة عن حتمية العودة ، وأن المئات منهم الذين حاولواالعبور إلى الوطن من خلال الزحف متسلحين بسلاح الإرادة والتحدي والإصرار ستتضاعف جحافلهم خلال السنوات المقبلة . مشاهد الزحف في ذكرى النكسة تعني أيضا ببساطة أن هذه الأمة التي قهرت جيوش الغزاة والمحتلين ، من صليبيين ومغول وغيرهم ، وسجلت أعظم الانتصارات في المعارك الفاصلة التي خاضتها في حطين وعين جالوت وغيرها من معارك الكرامة والشرف ، قادرة على تحقيق انتصارات جديدة ، وأن مفتاح تلك الانتصارات كما وثقته أحداث التاريخ يكمن في تجميع كلمتها وتوحيد صفوفها وتفعيل عوامل قوتها ، وهو ما تحقق في حرب رمضان المجيدة قبل 38 عامًا عندما فاجأ العرب المحتل الغاصب على حين غرة، وعندما استطاعوا أن يحطموا نظرية الأمن الإسرائيلي وأسطورة التفوق المزعوم، وأن يثبتوا للعالم قدرتهم على التضامن والعمل المشترك لتحقيق هدفٍ موحد. العرب اليوم في أمس الحاجة إلى تفعيل أسلحتهم التي لم يستخدموها حتى الآن ، والتي تمثل أحدها في سلاح الزحف السلمي عبر الحدود لتحرير الأرض المغتصبة والعودة إلى الوطن رغم أسلحة القهر والإبادة والتنكيل التي تستخدمها إسرائيل ضد أصحاب حق مشروع يسانده القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.