أشار وزير الأوقاف المصري الدكتور عبدالله الحسيني إلى أهمية محاربة الفتنة الطائفية، التي بدأت تطل برأسها في البلاد، والتي راح ضحيتها عشرات المواطنين من الجانبين. كما أوضح أن الحاجة ملحة لإنشاء قناة فضائية تتولى الحديث باسم الإسلام الوسطي بلغة معتدلة ترد على المسيئين، الذين ما فتئوا يوجهون سهام نقدهم للإسلام بصورة منهجية منظمة، حيث تشارك فيها كثير من المؤسسات الإعلامية. ورفض الحسيني بشدة أن تُختطف منابر المساجد بواسطة المتشددين، داعيًا إلى تأهيل الأئمة والدعاة والخطباء. وفي ما يتعلق بتوحيد الأذان وخطبة الجمعة أشار الحسيني إلى أن هناك قضايا ملحة أخرى أكثر خصوصية من هذا الأمر، غير أنه لم يستبعد أن يتم هذا الأمر في المستقبل القريب. كذلك تحدث الحسيني عن قضايا الجدل حول الدولة الدينية والدولة المدنية، وصراع التيارات على منابر المساجد، والحديث عن دمج المؤسسات الدينية في مؤسسة واحدة، وإصلاح صورة الخطاب الإسلامي، واستثمار التقنية في الدعوة والإعلام الإسلامي وهويته وآلياته، وغير ذلك مما تجدونه في السطور التالية: قناة فضائية أعلنتم منذ أسابيع قليلة عن إنشاء قناة فضائية إسلامية تقدم وسطية الإسلام للعالم داخليًا وخارجيًا، فماذا تم في هذا الإطار؟ بالفعل تخطط الوزارة حاليًا لإنشاء قناة فضائية تحمل المنهج المعتدل والوسطي لمواجهة الفكر المنحرف والتيارات المتعصبة، والتصدي لمحاولات الغلو الفكري، وللدعوة للدين الإسلامي بالحسنى والموعظة الحسنة، ومواجهة حالات التعصب الفكري الديني والمتشددين، وهذه الفضائية ستبث برامجها قريبًا، وتهدف إلى نشر منهج الدعوة الإسلامية الوسطى، وشرح الأخطاء ومواجهة الفكر بالفكر والحجة بالحجة، وتسعى إلى تقديم صورة حقيقية للدين الإسلامي والمنهج الوسطى بعيدًا عن أي غلو أو تشدد، وتصدير وسطية الإسلام للعالم أجمع، وسيواكب أسلوب عمل القناة والقائمون علىها المتغيرات في عالم الإعلام والتقنية الحديثة في الاتصالات مع الحفاظ على الهوية الإسلامية، ورسالتها التنويرية الدعوية المعتدلة، ولن تكون حكومية، بل ستخاطب كل فئات المجتمع في مصر والعالم الإسلامي بأسلوب بسيط ومتطور في نفس الوقت، ويتم حاليًا تحديد مصادر تمويلها، إضافة إلى ما ستقدمه الوزارة للقناة من دعم فني ومادي، حيث سيقع على عاتقها الرد على المسيئين للدين الإسلامي والمسلمين، وتصحيح صورة الإسلام في الغرب وتوضيح حقيقة الدين السمحة. توحيد خطبة الجمعة كيف تتصدون للأئمة والدعاة الذين يخرجون عن النص من فوق المنابر؟ هناك مفتشون ومراقبون سريون لخطباء المساجد، ومن يخرج عن توجهات الوزارة تتم إحالته للتحقيق مع توقيع عقوبات مشددة علىه في حال ثبوت إدانته خاصة في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها البلاد. معني ذلك أنه من الممكن أن يتم توحيد خطبة الجمعة خلال الفترة المقبلة؟ من الممكن توحيد خطبة الجمعة فنحن حاليًا نحدِّد للأئمة والدعاة القضايا العصرية، التي تهم البلاد مثل الدعوة إلي مواجهة الفتن وكيفية التصدي لها، وأن يكون التعبير عن الرأي بحرية بعيدًا عن الإثارة والتخريب وبصورة حضارية. والخلاصة أننا نحدِّد للأئمة والدعاة حاليًا القضايا الذين يتحدثون عنها من فوق المنابر وهم يعالجونها بطريقتهم الخاصة كل منهم بأسلوبه من منظور إسلامي، فهذا واجب وطني يجب أن يساهم فيه رجال الدعوة، وأن يكونوا دائما في مقدمة الصفوف التي تدعو لحماية الوطن في هذه المرحلة الصعبة، كما أن على الدعاة أن يكونوا إيجابيين ويتفاعلوا مع نبض الشارع ويسهموا في حث الناس وتوعيتهم بالمخاطر التي تهدد أمن المجتمع، فهذه وظيفتهم الأساسية منذ عهد الرسول الكريم -صلى الله علىه وسلم- حتى تقوم الساعة. انتهاء القبضة الحديدية ولكن هل هناك ضمانات لعدم سيطرة الجهات الأمنية من جديد على الأئمة والدعاة وتحريرهم من القبضة الحديدية التي عاشوا فيها طويلًا ؟ قبضة الأمن على الدعاة انتهت بلا رجعة بعد الثورة، ولن نسمح للتدخل الأمني أن يفرض سيطرته من جديد ويتدخل في شؤون الدعاة لكن في الوقت نفسه سوف تتصدى بكل حزم وشدة للخارجين عن النص، وحتى يظهر الدعاة بالشكل اللائق بهم لأنهم أصحاب رسالة ورسول الله -صلى الله علىه وسلم- القدوة والمثل لهم يجب أن يتعلموا من سماحته ووسطيته، ويستفيدوا من تعاليمه ومبادئه في مواجهة مثل هذه الظروف. مساجد وهمية يتردد كثيرًا أن هناك فسادًا كبيرًا داخل وزارة الأوقاف سواء في اختيار الأئمة أو ضم المساجد، فكيف تواجهون ذلك؟ كان في الوزارة ملفات شائكة لا حصر لها من ضمنها فساد ومخالفات في ضم بعض المساجد، التي لم تتوافر فيها شروط الضم، وتعيين العاملين بها، وتم ضم مساجد وهمية وعمالة غير موجودة، فتم على الفور إلغاء ضم هذه المساجد، وتشكيل لجنة متابعة تتولى حسم هذه المخالفات، وتقديم ما توصلت إليه حتى تقف هذه المهزلة فورًا. مواجهة اختطاف المنابر تم مؤخرًا السماح لأئمة من بعض التيارات التي كانت محظورة في السابق باعتلاء المنابر، فلماذا هذا التحول المفاجئ؟ الدعوة إلي الله متاحة للجميع ولم تقتصر على أئمة بعينهم، فنحن نرحب بكل داعية ملتزم بمنهج وزارة الأوقاف الذي يدعو للوسطية والاعتدال، فهذه من أهم شروط الالتزام بالمنهج الدعوي، لذلك رحبنا بالشيخ محمد حسان، فهو داعية ملتزم ومتميز، والدليل أنه عندما صعد لمنبر مسجد النور استقبله الآلاف من الدعاة بحفاوة بالغة، بالإضافة إلي الملايين الذين حضروا للصلاة خلفه من كافة المحافظات، وافترشوا الشوارع المحيطة بالمسجد، أؤكد أن الوزارة تفتح أبوابها لكل المتميزين، وقد بدأت الوزارة في تنفيذ خطة جديدة لمواجهة التشدد والتطرف والتعريف بسماحة الإسلام واعتداله يشارك فيها كبار علماء ودعاة الوزارة، وسيجوب العلماء والدعاة المشاركين في الخطة جميع أنحاء مصر حيث يلتقوا مع الجماهير في ندوات موسعة يشرحوا خلالها الموقف الإسلامي الصحيح الرافض للعنف والتطرف ويتصدوا بالفكر الإسلامي السليم لدعاوى الفتنة والانقسام وتفتيت وحدة الوطن وتماسكه وإجهاض حلمه في النهوض والتقدم، ونحن لن نسمح أبدًا باختطاف المنابر من قبل أصحاب الفكر المتشدِّد، وأيضًا لن نحجر على الداعية الملتزم بالمنهج الوسطي أن يعتلي المنبر. لكنا لا نخاف من التيارات المتشدِّدة فهي قليلة ولن تؤثر على التيار الوسطي العام في مصر، وهذه التيارات تواجهها المؤسسات الدينية المعتدلة بالفكر السليم المعتدل، الذي ينطلق من المنهج الإسلامي في الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن. كثر الحديث في وسائل الإعلام عن الأذان الموحد في عهد الوزير السابق ما بين مؤيد ومعارض ولكل وجهة نظره، فهل أنت من المؤيدين أم الرافضين؟ هناك تجربة تتم بالفعل في الوقت الحالي بالنسبة للأذان الموحَّد ولكن البت في مسألة توحيد الأذان على المستوى العام ليس هذا وقته في ظل الظروف الحالية، وصراحة لم أتمكن حتى هذه اللحظة من دراسة هذا الموضوع بايجابياته وسلبياته لكنه في الوقت نفسه محل دراسة وتقييم وسوف نتخذ القرار المناسب في وقته لكن هناك أولويات حالية أهم من هذا الموضوع. الخطاب الديني فشلت دعوة تجديد الخطاب الديني بعد أن كشفت ذلك الأحداث الأخيرة التي مر بها المجتمع فهل هناك محاولة جديدة لتصحيح صورة هذا الخطاب وتجديده ليوائم قضايا العصر الذي نعيشه بعد الثورة؟ نحن بصدد إعداد خطة عاجلة لإصلاح صورة الخطاب الدعوي الإسلامي وقد بدأناها بالالتقاء بمديري الإدارات ووكلاء الوزارة لزيادة ثقافة الدعاة عن طريق منحهم أجهزة كومبيوتر محمولة ومكتبات دينية متميزة بأسعار زهيدة حتى يتمكنوا من الاطلاع ويكونوا على صلة بما يحدث حولهم ليتفاعلوا مع نبض الجماهير، وهذه الخطة يعدها أئمة متميزون من الأوقاف والأزهر حاليًا، وهناك خطة أخري تشمل مناهج كليات الدعوة وسبل إعداد الدعاة وتدريبهم حتى يكونوا صورة مشرِّفة للمجتمع في المحافل الدولية والداخلية. حماية اللغة العربية من وجهة نظرك كيف نعيد للغة العربية أمجادها بعد أن ظلمناها في بلادنا؟ اللغة العربية لغة القرآن ورمز الهوية العربية والإسلامية والاهتمام بها واجب شرعًا لحفظها، وعدم اندثارها وتحريفها بمرور الزمن بعد أن فرضت المصطلحات الأجنبية نفسها على حياتنا، وهذا واضح من أسماء المحلات والفنادق، التي تستخدم الانجليزية كمسميات لها اعتقادًا من أصحابها أنهم بذلك يسايرون الموضة، وهذا اعتقاد خاطئ؛ لذلك يجب أن نحافظ على لغتنا ونعتز بها مثلما تفعل ألمانيا التي تجرم من يخطئ في لغتها؛ لأنها غيورة علىها عكسنا تمامًا فيجب أن نسعى للحفاظ على لغتنا الجميلة بأي حال من الأحوال وهذه مصيبة في حقنا بالطبع. حقوق المواطنة كيف نحافظ على حقوق المواطنة ونتصدى لكل من يحاول النيل من أمن الوطن عبر بوابة الفتنة الطائفية؟ نقول للأعداء: إن جميع الشرائع السماوية تدعو إلى المحبة والسلام والتعاون والإخاء والتنمية والرخاء، وانطلاقًا من الدور الذي تلعبه وزارة الأوقاف فقد أصدرنا بيانًا دعونا فيه جميع أبناء الشعب البررة مسلمين ومسيحيين لعدم الانصياع إلى دعاة الفتنة والتخريب والانسياق وراء مروجي الشائعات، لذلك أدعو الجميع إلي تحكيم العقل وإعمال الضمير وترك النزاع ورأب الصدع وحقن الدماء والتعايش في حبٍ وسلامٍ وتآلف ووئام والوقوف بقوة في وجه أعداء الحب والنور والسلام الذين لا يراعون في الله والوطن ضميرًا ولا ذمة، وأناشد الجميع الوقوف صفًا واحدًا لمواجهة أي فتن طائفية، ومحاربة الفوضى التي تؤدي إلي اضطراب المجتمع وشل حركته واستنزاف موارده، كما أناشدهم عدم الإساءة للآخرين فحرية التعبير لا تعني أبدا التشهير والتشكيك وتلويث الذمم بالباطل دون دليل. الدولة الدينية هناك من يطالب بدولة دينية في مصر فما تعلىقك على هذه القضية؟ نحن نرفض الدولة الدينية والإسلام لم يعرفها على مدار تاريخه حتى في صدر الدولة الإسلامية الأولى ودستور المدينة الذي وضعه النبي -صلى الله علىه وسلم- أسس للدولة المدنية الكاملة، ونحن في مصر نريد دولة مدنية بمرجعية إسلامية تكفل الحرية والمواطنة لجميع مواطنيها تحت راية الإسلام. ربط الداعية بالتكنولوجيا يعاني كثير من الأئمة من جهل التعامل مع الوسائل التكنولوجية وليس وسائل المعرفة التقليدية فقط فماذا أنتم فاعلون للارتقاء بمستواهم؟ عقدنا العديد من اللقاءات بهدف دراسة تخصيص مكتبة متكاملة لكل إمام وجهاز كمبيوتر محمول بحيث تشمل المكتبة أمهات كتب التراث الإسلامي في مختلف العلوم والمعارف الإنسانية لتشجيعهم على البحث والاطلاع والعمل على تنمية معارفهم وقدراتهم الدعوية، وسوف نتخذ من القرارات ما يؤدي لإثراء وعي الأئمة ثقافيًا بما يمكنهم من أداء رسالتهم في تنوير المجتمع وتوجيه فكرهم وسلوكهم إلى ما فيه من صلاح وتقدم، وإن هدف الوزارة توفير جهاز لكل إمام؛ وبالتالي فإن عدد الأجهزة سيكون حوالي 50 ألف كمبيوتر يعين الدعاة على التواصل على شبكة الإنترنت والتعرف على مصادر معلومات جديدة والعمل على تصحيح صورة الإسلام في الخارج لما يلاقيه من تشويه عبر وسائل الإعلام العالمية. خطة دعوية هل هناك خطوط عريضة للخطة الدعوية في المرحلة القادمة ما هو المطلوب من الأئمة والدعاة في المرحلة القادمة؟ بالتأكيد نحن نهتم اهتمامًا بالغًا بإصلاح مسيرة الدعوة الإسلامية والخطاب الديني خلال الفترة المقبلة وخاصة بعد الثورة لمواكبة المتغيرات والظروف الدقيقة التي تعيشها مصر وللتواصل مع نبض الشارع ونشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل، والتصدي لمثيري الفتن وأصحاب الفكر المتطرف والتركيز على مشاكل المجتمع واقتراح الحلول المناسبة لها في إطار تفاعل الدعاة مع القضايا، وتم اختيار خمسين داعية متميز ليمثلوا النواة الأولي لبرنامج عمل تنفذه الوزارة للتصدي للأفكار والسلوكيات الدينية المتطرفة ولشرح التصرفات المغلوطة والخاطئة من البعض ولإعادة الأمن إلى نفوس المواطنين بعد ما تردد من محاولات تنظيمات إسلامية معينة القيام بسلوكيات خاطئة أرهبت المواطنين، يجب على الأئمة بشكل عام أن يكونوا دعاة لتوحيد الصفوف وتماسكها وأبناء للوطن ومعمرين له في وجه دعاة الهدم والتخريب وإشاعة الفوضى وأن يتواصلوا مع نبض الشارع ويتفاعلوا مع قضاياه وأن يعملوا جاهدين على ترسيخ ثقافة الاعتدال والوسطية والتسامح وقبول الآخر والقيم النبيلة التي تحفل بها الشريعة الإسلامية، وأن لا يسمحوا لأحدٍ مهما كان أن يختطف منابرهم، وتدرس الوزارة عدة آليات تمكنها من نشر المنهج الإسلامي المعتدل ومجابهة التطرف، وعلى رأس ذلك إنشاء قناة فضائية تكون صوتًا معبرًا عن المؤسسة الدينية، ونطالب الدعاة أن يكونوا أكثر إيجابية ويتفاعلوا مع نبض الشارع؛ ليسهموا في التوعية بالمخاطر التي تهدد أمن الوطن.