زادت أسعار السلع بشكل غير معقول، وأصبح الغلاء ظاهرة في معظم متطلبات الحياة، فكل شيء شمله الغلاء، وارتفعت أسعاره بشكل يدعو للعجب والاستغراب، نعم: ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية ولكنها ليست بالشكل الذي يحدث في بلادنا، فالارتفاع عندنا تصاعدي وقلما تنخفض أسعار السلع التي يتحكم فيها ويعبث بها التجار، فكل يوم تتغير الأسعار، وكل ما هو قادم من الخارج أصبح مرهونا بتصرفات التجّار المستوردين في بلادنا من: شركات، ومؤسسات، وأفراد، والقائمين على نقاط التوزيع المختلفة ( جملة وقطّاعي)، والتي لا تتوانى مطلقا في رفع أسعار السلع حسب أهوائها وبدون ضوابط أو بهوامش ربح معقولة تتناسب مع التاجر والمستهلك. ولعل غياب الرقابة والمتابعة لهذه الشركات، أو المؤسسات، أو الأفراد القائمين على استيراد السلع وتوزيعها من أهم أسباب تصاعدية الأسعار وبشكل جنوني وغير مألوف، فبعض السلع يقفز إلى الضعف خلال فترة زمنية قصيرة، والبعض الآخر يصل إلى أضعاف مضاعفة في فترة وجيزة من الزمن. الذي يزعج معظم الناس هو ارتفاع أسعار الأدوية بشكل لافت للنظر، فهناك أدوية أساسية يحتاجها المرضى المصابون بداء السكري أو مرض ضغط الدم، والتي وصلت مستويات المصابين بها إلى حد مزعج بحيث أصبح حوالي ثلث المجتمع يعاني منها، وأصبح لزاما أن تتوافر الأدوية المناسبة للمصابين بهذه الأمراض بأسعار رمزية لأنها تستخدم على مدى الحياة، ورغم أن الدولة (جزاها الله خيرا) قد دعمت هذه الأدوية وساهمت كثيرا في تخفيض أسعارها إلا أنها رغم ذلك مرتفعة الأسعار، وقد يقول قائل: إن هذه الأدوية متوفرة في مخازن ومستشفيات وزارة الصحة وتصرف للمرضى بدون مقابل، وهذا قد يكون صحيحا إلى حد ما، ولكن ليس على الدوام، وكثيرا ما يطلب من المرضى شراء الأدوية من الصيدليات الخارجية، وهي مسألة تمثل عبئا كبيرا على المصابين بهذه الأمراض.. وقس على ذلك، فهناك الكثير من الأدوية التي بلغت أسعارها حدا غير معقول قد لا تسمح أسعارها في أن يوفرها أصحاب الدخول المحدودة أو المتوسطة. إذن المطلوب من وزارة الصحة أن تعزز الرقابة على معظم موردي الأدوية ومستودعات التوزيع، وأن تكون مشرفة وبشكل مباشر على أسعار الدواء، وأن تضبط الأسواق وتنقيها من سماسرة الدواء، وأن تضع جزاءات صارمة لكل من يتلاعب بأسعار الدواء، أو من يمارس الغش في توزيع الأدوية المضروبة والتي تباع بأسعار باهظة على عموم المستهلكين. إننا نطالب كمواطنين كل جهة حكومية مسؤولة عن الحركة التجارية في المملكة أن تقوم بأدوارها كاملة في مراقبة الأسعار لكل منتج يصل إلى بلادنا، وأن يترك للمستوردين حرية وضع الأسعار (مع المراقبة الذاتية) التي تتواءم مع الكسب المشروع، وأن يضعوا أرباحا معقولة تحقق الكسب المضمون للتاجر والمستهلك، وأن يتحقق الإنصاف في السعر لعموم المستهلكين. نحن دولة مستهلكة تعتمد في معظم مناحي حياتها على المنتجات المستوردة من خارج حدودنا، ودولة ذات أسواق واسعة، وقوة شرائية كبيرة تطمح معظم دول العالم في الوصول إلى أسواقها لتوزيع منتجاتها وبأسعار قد تفوق نظيراتها في معظم جهات العالم. فهل حققنا الإنصاف في وضع السعر المناسب المنصف للجميع؟ [email protected]