عندما تحزم حقائبك وتمتطي سيارتك أنت وأسرتك في بلد مترامي الأطراف، متنقلًا من الشمال إلى الجنوب أو من الشرق إلى الغرب فأنت تعرف أنك ستقطع على الطريق مسافات طويلة، وتعلم أن رحلتك قد تستغرق يومًا أو يومين، ويخطر ببالك أنك تحتاج إلى خدمات على هذه الطرق من مساجد ومطاعم ودورات للمياه، وكذلك مراكز خدمات للسيارات، واستراحات وفنادق، أو شقق مفروشة... وغيرها من الخدمات التي لا غنى عنها، وإذا لم تكن هذه الخدمات موجودة أو فيها نقص أو لا يمكن استخدامها لسوء حالها فإنك ستضطر إلى أن تفترش الأرض وتلتحف السماء وتكون الأرض لك مسجدًا وطهورا.. هذا هو حال الكثير من المسافرين على الطرقات، فنظرا لكثرة التنقل للمواطنين أثناء العطلات والإجازات فإن استخدام الطرق يتم بشكل كثيف، وكذلك لما للمملكة من وضع ديني حيث يقصدها الكثير من الحجاج والمعتمرين من أنحاء العالم، والذين يسلكون الطرقات البرية، وهم بطبيعة الحال يحتاجون إلى خدمات على هذه الطرق، والحقيقة أن الخدمات على طرقنا غير كافية وغير جيدة، فهي تعاني من سوء في التوزيع.. إذ انك تسير مسافات طويلة لا تجد فيها خدمات، أو تجد نقصًا في العديد منها، أو سوءًا فيها، فمثلا الجميع يحتاجون إلى المساجد للرجال والنساء، ولكن للأسف تجد بعضًا من هذه المساجد تنقصها العناية والنظافة والتكييف، أما دورات المياه في معظم المحطات فهي من السوء لدرجة أن المسافر يفضل أن يتوضأ ويصلي على جانبي الطرق على أن يستخدمها، وبذلك يفوت عليه صلاة الجماعة، حيث إن أصحاب هذه المحطات لم يكلفوا أنفسهم أن يعيّنوا عمالًا للنظافة المستمرة، وأما المطاعم فهي لا ترقى أن تستخدمها الأسرة واستثني من ذلك «المطاعم العالمية» إن وجدت، وأما الغرف الفندقية والشقق فمعظمها لا يرقى لأن يستريح أو ينام به المسافرون. أما خدمات السيارات فهي تتفاوت، و“أنت وحظك” كما يقولون، فقد لا تجد «البنشر»، أو قد لا يتوفر في محطة الوقود نوع البنزين الذي تستخدمه لسيارتك.. وغير ذلك من المفاجآت. وما جعلني أتطرق لهذا الموضوع هو أنني قرأت في جريدة المدينة قبل بضعة أيام أن مجلس الشورى قد انتقد هذه الخدمات، لكنه لم يوص بحلول واقتراحات بهذا الشأن بل أرجأ الموضوع لوقت آخر. ومن باب أن دور المواطن ليس النقد فقط، فإنني سأطرح بعض المقترحات التالية: أرى أن تسند هذه الخدمات إلى إحدى الوزارات منعًا للازدواجية، كوزارة النقل أو وزارة الشؤون البلدية والقروية أو الهيئة العامة للسياحة.. وأن تعطى التراخيص لشركات ذات كفاءة وبمواصفات عالية.. وأن توزع مراكز الخدمات على الطرق بشكل منظم ومدروس ويحتوي كل مركز على الحد الأدنى من الخدمات.. وأن تقسم هذه المراكز إلى فئات حسب كثافة المستخدمين للطريق، وأهميته وطوله.. وأن يكون هناك متابعة دورية ومحاسبة للمخالفين من أصحاب هذه المراكز من حيث توفر الخدمات أو نظافة المرافق. وفي الختام نحن في بلاد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين، يزورنا في السنة ملايين من الناس في مناسبات دينية وسياحية واقتصادية وعلمية، ونمتلك كل مقومات الجمال والرفاهية والرقي، ولا ينقصنا سوى شيء من التخطيط والمتابعة من أهل الاختصاص. وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. حمد ضحيان الجهني - المدينة المنورة