دشن احتفال المصالحة الفلسطينية الذي رعته القاهرة أمس بحضور كافة الفصائل الفلسطينية صفحة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية بعد أن أنهى أربع سنوات من الانقسام الذي ألحق ضررا كبيرا بهذه القضية عندما أعادها سنوات طويلة إلى الوراء وبدد الكثير من الإنجازات التي حققتها ثورات وانتفاضات الشعب الفلسطيني ضد المحتل الغاصب. مؤشرات نجاح اتفاق المصالحة كثيرة ومتعددة، لعل أهمها مشاركة الأممالمتحدة في الاحتفال من خلال حضور مبعوث سكرتيرها العام، وبما يعني مباركة المجتمع الدولي لهذه الخطوة الهامة التي تأتي قبيل التوجه الفلسطيني إلى الأممالمتحدة لكسب الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران. الشعب الفلسطيني الذي عبر عن ابتهاجه بالإنجاز الفلسطيني الجديد واستمع إلى كلمات قادة فتح وحماس بهذه المناسبة التاريخية لم يعد ينخدع بالشعارات والخطب الرنانة، وإنما يريد لهذا الاتفاق أن يترجم على أرض الواقع بكل حذافيره، لأن أي إخلال أو تنصل من أي فصيل بالوفاء ببنود الاتفاق سيجعل هذا الشعب يفقد ثقته تمامًا بقياداته، فهذا الشعب الذي صبر طويلاً وضحى كثيرًا يريد لهذا الاتفاق أن يصمد في وجه التحديات والتهديدات التي يأتي في مقدمتها رفض إسرائيل للواقع الفلسطيني الجديد، لاسيما في ظل الحقيقة بأن الانقسام هو الغاية التي سعت إسرائيل لتكريسها عبر السنوات الأربع الماضية، لتثبت للعالم أنه لا يوجد شريك فلسطيني واحد تتفاوض معه، وأن أي اتفاق قد تتوصل إليه مع السلطة الفلسطينية لن ينفذ إلا في الضفة الغربية. توصل الفلسطينيون إلى التوافق حول حكومة تكنوقراط من المستقلين تتولى الإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية خلال عام يعتبر إنجازًا مهمًا آخر ، لأنه يبطل المزاعم والمطالب الإسرائيلية بقطع المعونات التي تقدمها الدول المانحة بمشاركة حماس في الحكومة الفلسطينية، حيث أن هكذا حكومة لا تضم ممثلين عن فتح أو حماس، لتأتي بعد ذلك الانتخابات الفلسطينية التي ستجرى في غضون عام بمن تأتي بهم من ممثلي الشعب الفلسطيني، سواء من فتح أو حماس أو غيرهما، وحيث سيتوجب على المجتمع الدولي احترام إرادة ورغبة الشعب الفلسطيني، مثلما يحترم إرادة الشعب الإسرائيلي عندما يختار أكثر الأحزاب الإسرائيلية تشددًا لترؤس الحكومة، كما هو الواقع الآن في حكومة نتنياهو.