انتقد العقيد نايف بن خربوش الذويبي من إدارة مكافحة المخدرات بجدة آلية تأهيل المذنبين داخل السجون، وكيفية تأهيل المفرج عنهم من سجناء المخدرات. وقال: من الخطأ مواجهة ترويج وتهريب المخدرات من خلال الزج بالمتورطين بها في السجون دون وضع برامج للإصلاح تبدأ من ساعة دخول من يثبت تورطه السجن، حتى يخرج منه مواطنا صالحا، فالملاحظ أن ازدياد نسبة العائدين للجريمة عامة ولجريمة المخدرات خاصة والعوامل المؤدية لهذه العودة مردها أن السجين في الغالب يخرج من السجن وهو غير مهيأ من كل النواحي لمواجهة البيئة الخارجية، وإن واجهها فإنه يواجهها بمفرده دون عون او مساعدة او خبرة استفاد منها في سجنه وانما بمجهوده الذاتي والذي سرعان ما ينهار امام العقبات المتتالية التي تقف في طريقة لتحقيق حياة كريمة. وأشار في ورقته خلال الجلسة السابعة في المؤتمر العلمي الذي تنظمة كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة الملك عبدالعزيز تحت عنوان “نحو استراتيجية فعالة للتوعية باخطار المخدرات وأضرارها” واختتمت فعالياته أمس، إلى أن معظم السجناء يخرجون من السجن وهم حاقدون على المجتمع، وبالتالي يرى السجين أن في عودته للجريمة الرد المثالي لنكران المجتمع وسلطاته له، وهذا السلوك نتاج بقائه في السجن دون تقديم برامج هادفة. وحث على ضرورة تبني البرامج الهادفة للمفرج عنهم وان تكون بدايتها وبذرتها الاولى من ساعة دخوله السجن. وشدد العقيد الذويبي على أن السجون فشلت في خفض معدلات الجريمة، وقال: “هذا أمر ثابت لا يقبل الجدل، فمعدلات العودة عالية، ذلك أن السجون نجحت في إيقاع العقوبة ولكنها لم تشكل رادعا حقيقيا لمنع ارتكاب الجريمة مرة أخرى، ومعظم سجون المملكة الآن تحمي المجتمع ولكنها حماية مؤقتة، ولم تنجح في انسجام السجين مع المجتمع بعد الإفراج عنه، بمعنى أنه لم يتغير الا تغييرا سلبيا”. لا بد من وقفة جادة وأشار إلى أن إطلاق السجناء دون دعم يتلقونه عند الإفراج عنهم ودون إشراف على تكاملهم في المجتمع ودون تدرج في دمجهم يلحق ذلك كله الضرر بسلامة المجتمع والمفرج عنهم انفسهم، لذلك يتطلب الامر وقفة جادة في إعادة تقييم برامج الاصلاح والتاهيل داخل السجون بشكل دوري واستبعاد البرامج النمطية التي لا فائدة منها والنظر في البرامج الحديثة ومواءمتها مع ظروف السجناء الاجتماعية والاقتصادية. واقترح الذويبي تقدير برامج التاهيل أثناء تنفيذ العقوبة لإصلاح السجين والاعداد للافراج عنه من ساعة دخوله السجن من خلال برامج رئيسة مثل التدريب المهني وتعليم الأمي وخلافهما من البرامج التي تؤهله وتقدير البرامج العلاجية وكذلك المهنية الفنية وبرامج تطوير الذات ومهارات الحياة، وكذلك العمل على تقديم برامج سابقة للافراج مثل مشاركته في استخراج أوراقه الثبوتية والسماح له بمراجعة المستشفيات بنفسه والاشتراك في دورات خارجية في المعاهد الخاصة والعمل في المصانع الخارجية والعودة ليلا والتوسع في الاجازات المخصصة له وألا ينقطع عن اسرته خاصة من لديه ابناء صغار. ولا بد من تقديم برامج فترة الافراج الاولى التي تعتبر حجر الزاوية في عملية التأهيل جلها، وكذلك تقديم برامج لاحقة بعد الإفراج عن السجين وبرامج رعاية أسر السجناء. العوامل المؤدية إلى التعاطي وفي ورقة أخرى كشف عبدالإله بن محمد الشريف مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية والخبير الدولي بالأمم المتحدة في دراسته التي استعرضها يوم أمس خلال مشاركته في المؤتمر عن العوامل المؤدية إلى تعاطي المخدرات في المجتمع. ورأى أن من بين العوامل التي تؤدي إلى تعاطي الشخص للمخدرات هو ضعف الوازع الديني، عدم التمسك بتعاليم الإسلام وهذا هو السبب الرئيس في تعاطي المخدرات، وكذلك الاعتقاد بأن لأصدقاء السوء دورا كبيرا في الوقوع في براثن هذه السموم والإدمان عليها، وهناك أيضا الفراغ وعدم توفر العمل، وحب الفضول والتجربة، والتسلية والترفيه، والتفكك الأسري والطلاق، والفشل الدراسي، إضافة إلى الاعتقاد في البحث عن المتعة الجنسية من خلال المخدرات. وشملت عينة الدراسة 221 فردا ذكرا من متعاطي المخدرات في مجمعات الأمل والبرامج التأهيلية تراوحت أعمارهم بين 18 و55 سنة، وقدم لهم 43 سؤالا. وذكر أن الدراسات العلمية اثبتت أن نسبة التأثير على الشخص والسير به في طريق التعاطي كان السبب الاول هو صديق الشخص ومشاركة الأصدقاء بنسبة عالية وصلت الى 73.3%، تلا ذلك الفضول وخوض التجربة بنسبة 76% وهذا ما يؤكد تأثير الصديق وحب خوض التجربة، ثم الفراغ بنسبة 53.4%، يليها التسلية والترفية بنسبة 51.6%، فالاكتئاب بنسبة 29.9%. وتحدث الشريف في ورقته عن الدراسات التي أكدت أن ممارسة التدخين هو البوابة الرئيسة لتعاطي المواد النفسية والكحولية والمخدرات والانحرافات السلوكية، ولفت الى أن الدراسات اثبتت أن أول مخدر تناوله افراد عينة البحث كانت الحبوب في المرتبة الاولى بنسبة 47%، ثم تعاطي الخمور والكحوليات في المرتبة الثانية بنسبة 31%، والحشيش بنسبة 20%. مقترحات لمواجهة المشكلة وخلص إلى أنه يمكن وضع مجموعة من المقترحات لمواجهة مشكلة المخدرات التي اصبحت تهدد الأمة ومستقبلها، يمكن إيجازها في ما يلي: الأسرة هي خط الدفاع الأول لمواجهة المخدرات حيث اظهرت الدراسة ارتباط الاصدقاء بها بتأثير فيما بينهم في تعاطي المخدرات، لذلك فإن الأسرة هي الخلية الاولى للمجتمع وهي في نفس الوقت خط الدفاع الاول ضد انتشار المخدرات، حيث اشارت نتائج الدراسة الى ان الجرعة الاولى للمخدرات تتم في سن مبكرة حيث يعيش الشاب عادة وسط أسرته. كما أن وسائل الاعلام تلعب بمختلف صورها من اذاعة وتلفزيون وصحف ومجلات دورا هاما في توعية الأفراد والاسرة والمجتمع بوجه عام بمشكلة المخدرات وتداعياتها السلبية على الافراد والمجتمع والأمة، وتوعية الشباب خاصة والآباء والامهات بوجه عام لمراقبة أولادها. وتطرق الشريف في دراسته إلى الدور الذي تلعبه المدرسة والجامعة في مواجهة مشكلة المخدرات، مؤكدا أن لها دورا هاما في التوعية الشاملة للطلاب من خلال المعلمين وتضمين المناهج في مراحل التعليم توعية شاملة بالمخدرات وأضرارها وآثارها على الافراد والمجتمع والأمة. طرق علاج الإدمان وعرض الدكتور عبدالله اليوسف أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الطرق العلاجية للمتعاطين والمدمنين من خلال استعراض انواع المخدرات والنظريات المفسرة للإدمان وكذلك التطور الحاصل في مجال معالجة المدمنين من خلال التركيز على دور الاسرة في مساعدتهم على التخلص من المخدرات، بالاضافة إلى استعراض واقع المصحات العلاجية للادمان وما تعاني منه من سلبيات ونواقص.