تستضيفه السعودية وينطلق اليوم.. وزراء الأمن السيبراني العرب يناقشون الإستراتيجية والتمارين المشتركة    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    البرهان يستقبل نائب وزير الخارجية    كاساس: دفاع اليمن صعب المباراة    قدام.. كلنا معاك يا «الأخضر»    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة    جواز السفر السعودي.. تطورات ومراحل تاريخية    حوار «بين ثقافتين» يستعرض إبداعات سعودية عراقية    5 منعطفات مؤثرة في مسيرة «الطفل المعجزة» ذي ال 64 عاماً    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مترو الرياض    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    القصيم تحقق توطين 80% من وظائف قطاع تقنية المعلومات    المدينة المنورة: وجهة استثمارية رائدة تشهد نمواً متسارعاً    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    المملكة ترحب بتبني الأمم المتحدة قراراً بشأن فلسطين    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة الانتخابات..خطوة نحو تحرير العقول من قيود المناطقية والقبلية والمصالح الخاصة
نشر في المدينة يوم 27 - 04 - 2011

برغم ما صاحب تجربة الانتخاب في بعض المؤسسات المدنية السعودية كالمجلس البلدي والغرفة التجارية وعدد من الأندية الأدبية والجمعيات المهنية؛ من ظواهر سالبة، كجنوح بعض الناخبين نحو اختيار المرشحين وفق لانتماءات قبلية أو مناطقية، مع التحزب لأفراد بعينها لارتباطات خاصة، كل هذه الظواهر السالبة وغيرها يأخذ البعض في الاعتبار، مرجعًا ذلك لحداثة التجربة الانتخابية في المملكة، بما يجعل من مثل هذه الظواهر أمرًا طبيعيًّا قياسًا بما حصل في بدايات تجارب الأمم التي أصبحت راسخة بفعل المداومة والاستمرار في عملية الانتخابات.. وهو عين ما يوصي به الكثيرون، مرتأين ضرورة استمرار عملية الانتخابات، وتكريس ثقافتها في المجتمع عبر الوسائل المتاحة من ندوات ومحاضرات وفي داخل الأسرة والمدارس ووسائل الإعلام المختلفة، مشيرًا إلى أن ذلك من شأنه أن يجعل من ثقافة الانتخابات سلوكًا متبعًا يجنّب الناخبين والمنخبين المزالق التي ظهرات في بدايات التجربة، بخاصة وأن مبدأ الانتخاب الحر قد أقرته العديد من المؤسسات، وبخاصة الثقافية والأدبية، مبدأ اختيار من يمثلون المنتسبين إليها..
جملة هذه الآراء والمقترحات في سياق هذا التحقيق حول ثقافة الانتخابات..
ممارسة شد الحبل
الدكتور سليمان العقيل أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود استهل الحديث بقوله: هناك الكثير من المفاهيم والمصطلحات والممارسات الثقافية التي تفد إلينا من المجتمعات الأخرى، سواء كانت صحيحة أو خاطئة مفيدة أو غير مفيدة، ضارة أو نافعه، فالحكم يبقى للفرد والمجتمع، وقبول الفرد أقل بكثير من قبول المجتمع، حيث إن القبول الاجتماعي أو المجتمعي يحتاج إلى تضافر الجهود وقبول الحد الأدنى من هذه المدخلات، وهذا عمل شاق جدًّا، ويحتاج إلى كثير عناء وجهد حتى يبدأ المجتمع القبول بهذه المدخلات، ورغم أن البعض يرى أن الفرض بالقوة يمكن أن يحقق بعض الإيجابيات في هذا المسار؛ غير أن الشواهد التاريخية والواقعية الماثلة أمامنا في الوطن العربي وفي دول العالم الثالث ترفض هذا الاتجاه، ويبقى الاتجاه الأمثل والوحيد الذي يحقق عملية القبول الاجتماعي هي القناعة الحقيقة وفق معطيات تاريخية وثقافية وموضوعية لهذا المدخل الثقافي بعيدًا عن قناعة بعض الأشخاص أو النخب لهذه المدخلات الثقافية ومحاولة فرضها على الثقافة المحلية في محاولة للإحلال بها عن غيرها من الموروث، مهما كان هذا الموروث سيئ المعطى أو قليل النفع أو عديم الفائدة في رأي النخب. ومن هنا نقول إن المدخلات الثقافية مهما كان حجمها أو شكلها أو قيمتها أو فائدتها، لا يمكن لها أن تكون جزءًا من الثقافة المحلية إلاّ إذا اندمجت في الثقافة المحلية بمسوغات أيدلوجية أو موضوعية، أو بمعطيات نافعة، وهذا النفع يجب أن يكون متعديًا ومستمرًا وليس نافعًا مقصورًا على فئة أو جماعة أو منطقة او غير ذلك، وكذا أن يستمر هذا النفع ضمن سياقات محددة لا يتجاوز عليها.
ويضيف العقيل: من هذه المقدمة النظرية ندخل في هذا المدخل الثقافي “الانتخابات البلدية” الذي يشغل المجتمع السعودي أو قل (النخب فيه) لأن الفائدة والاستمرار والنفع والادماج في الثقافة المحلية لم يتحقق، من خلال التجارب السابقة والإقليمية، هذه التجارب بعملياتها وشخوصها الذين جاءت بهم لم يعطوا الصورة الحقيقة للوجه الحضاري لهذا المدخل، وبقي هذا المدخل، في نظر البقية الباقية من أبناء المجتمع، أو قل الأغلبية الصامتة من أبناء المجتمع لا يعني لهم هذا الأمر شيئًا مطلقًا، بل هي في نظرهم، ممارسات ترفيه يمارسها البعض لمجموعة من المصالح التي يسعون لتحقيقها..
ويمضي العقيل في حديثه الناقد لتجربة الانتخابات مضيفًا: والمشاهد في الانتخابات البلدية السابقة أنها كانت ممارسة شد الحبل بين فئتين من فئات المجتمع المحزبة والطامحة في الحصول على مجموعة من المصالح وأن هذه الوسيلة (الانتخابات) هي الأفضل والأنجع لفرض العضلات والاستقواء الوهمي بالشعب أو المجتمع وفرض القوة على بعضهم البعض، والحقيقة أن حال الأغلبية الصامتة تقول لهولاء كما هو في المثل الشعبي (ياللي تغمز في الظلام مين شايفك)، والشاهد على قولنا هذا من خلال القراءة الواقعية لحال المجتمع السعودي، ما جاء في الأحداث الأخيرة، والتي نسفت كل التحزبات والاتجاهات ولم تبقَ سوى وجهة واحدة، فالتجأ الناس حولها. ويختم العقيل بقوله: إن التعميق الثقافي للمجتمع حول الانتخابات البلدية وغيرها من قضايا تهم المجتمع وتهم من يمثلهم تكون من خلال المؤسسات الرسمية التي يثق فيها الناس والمجتمع، ومن خلال ظهور أشخاص ذوي مصداقية عالية جدًّا يلتئم عليهم الناس ويقدمونهم لقيادتهم، وليست بالشعارات والهتافات والوعود الزائفة وبيع الأماني والأحلام.
تشكيل الذات السياسية
وخلافًا لرؤية العقيل الناقدة لتجربة الانتخابات يرى الدكتور منصور بن عبدالرحمن بن عسكر في التجربة السابقة للانتخابات البلدية في المجتمع السعودي خطوة كبيرة نحو تعويد المجتمع السعودي على الجو الانتخابي، داعيًا إلى زيادة فاعلية اختيار الأشخاص والأفراد الأكفاء في المجالس البلدية من خلال عدة مجالات ويبرز الجانب الإعلامي وتكثيف زيادة التوعية الثقافية في السلوك الانتخابي من أبرز الامور، كما يبرز دور زيادة الصلاحيات للمجالس الانتخابية كعامل مهم في اختيار الأشخاص المناسبين للتمثيل في المجالس الانتخابية..
مضيفًا: يوجد دور مهم يمكن أن يلعب الدور الأهم في عملية غرس ثقافة الجو الانتخابي ألا وهو الأسرة حيث تعتبر أول مؤسسة اجتماعية يعايشها الإنسان السعودي ويتربى في أحضانها، وهي التي تقوم بغرس القيم الاجتماعية والسياسية، وتبدو أهمية الأسرة بالنسبة إلى الإنسان السعودي أكثر وضوحًا لأنه يعتمد عليها ماديًا ومعنويًا حتى الزواج، وفي بعض الأحيان بعد الزواج والنمط التربوي الأسري نمط أبوي يجعل للأب كل السلطة في داخل الأسرة ويعطيه السيادة على إدارة شؤونها واتخاذ القرارات فيها وما يتبع ذلك من تبجيل للكبار والإصغاء إليهم باعتبارهم موئل الحكمة والرأي السديد، كل هذه الأمور غالبًا ما تكون لدى الأفراد مجموعة من الاستعدادات والتصورات والمعايير التي قد تؤثر بشكل مباشر على سلوك الفرد وقدرته على تكوين آرائه المستقلة، وعليه يمكن القول إن دور الأسرة في تشكيل الذات السياسية Political Self يسير في خط متوازٍ مع دورها في التنشئة العامة، إن التعلم السياسي هو "شكل خاص من أشكال التعلم الاجتماعي ويتخذ أنماطًا مشابهة" إلا أننا ننبه إلى ضرورة عدم التوسع في الاعتماد على التشبيه. كما أن هنالك نقطة مهمة وجوهرية لعبت دورًا مهمًا في التاثير حول التجربة السابقة في الانتحابات البلدية في المجتمع السعودي، ألا وهي ما يشار إليه في علم السلوك الانتخابي وهي: اختلاف حجم المجموعات:حيث أن هناك فرقًا شاسعًا بين تجربة المجالس البلدية في المجموعات الكبيرة المدن الكبيرة عنها في المجموعات الصغيرة. وما يشار إليها في المجتمع السعودي بالمحافظات الصغيرة، ففي المحافظات الصغيرة، يتعارف كل الأعضاء على بعضهم شخصيًّا؛ ولذلك تكون علاقاتهم بشكل أساسي علاقات شخصية، أي علاقات فرد بفرد كما يقال ولذلك يمكن القول إنه في هذه المحافظات الصغيرة كانت اعمال المجالس الانتخابية فعالة بشكل أكبر من المجالس البلدية في المجموعات الكبيرة المدن الكبيرة.
آلية معيبة
الدكتور جمعان الغامدي قال: لا شك أن ثقافة الانتخاب مطلب أساسي وحتمي للمجتمعات العربية عمومًا ومجتمعنا بصفة خاصة؛ فنحن للأسف الشديد نفتقر كثيرًا إلى هذا الأمر، فما يحدث لدينا ومن خلال تجربة الانتخابات البلدية السابقة لا يمكن وصفه بالتجربة الناجحة. نعم لدينا انتخابات في الغرف التجارية ولكنها تجارب خاصة وغير معممة وبالتالي لا يمكن أن نعتبرها نموذجًا نقيس بها مدى انتشار ثقافة الانتخاب في مجتمعنا المحلي. لذلك تبقى الانتخابات البلدية السابقة هي المقياس السابر لوجود هذه الثقافة من عدمها ودرجة وجودها. ولا شك أننا جميعًا لاحظنا أن غالبية الناخبين اعتمدوا على رؤية الغير في الاختيار وكانت المعايير الانتخابية التي تبناها الناخبون تعتمد على ثلاثة أسس رئيسة تتمثل في السمت العام للمرشح وتزكية فئة معينة له وعدم تحمل مسؤولية انتخاب الأصلح بحجة (من ذمتي إلى ذمة فلان ). هذه الآلية الانتخابية تعتبر أبرز عيوب ومساوئ العملية الانتخابية في المجتمعات التي تعودت على التعامل مع الأشخاص كأشخاص ولم تتعود التعامل مع برامج العمل التي يقدمها المرشحون.
خاتمة حديث جمعان أجملها في قوله: السؤال الحقيقي هنا هو ما فائدة خوض انتخابات في مجتمع يتميز غالبية أفراده بالميل نحو من يتوافق معه في الفكر أو المنشأ. لكي نحقق الهدف النبيل من العملية الانتخابية نحن في حاجة ماسة إلى تأسيس ثقافة الانتخاب في المجتمع بدءًا من المدرسة والتركيز على تعليم النشء التفكير المستقل وقبول الاختلاف وكذلك التركيز على أن أهم المعايير التي ينبغي للناخب أن يضعها في حسابه وهو يمنح صوته الموضوعية في الاختيار، وألا يتم ذلك وفق تزكيات أو توصيات من فئة ما. كذلك فإن الحاجة تبدو ماسة إلى تعويد المجتمع على ممارسة الانتخاب في المؤسسات والهيئات المجتمعية المختلفة كالجامعات على سبيل المثال فإن من شأن ذلك أن يمنح الأفراد رؤية أوسع للعملية الانتخابية ويتحول معها المجتمع الناخب من مجتمع تابع لتوجه معين يعتمد على الأشخاص إلى مجتمع صانع للمسؤول المنتخب بناءً على برنامج عمله الذي يقدمه والذي يحاسبه عليه الناخب في نهاية الفترة إما بعدم انتخابه مرة أخرى أو بإعادة انتخابه تبعًا لما حققه من منجز على أرض الواقع.
وعود غربالية
ويرى الدكتور يوسف العارف أن الانتخابات ليست جديدة والفضاء الثقافي الذي يحملها قد تجانس معه المجتمع وتماهى فيه وأدرك ايجابياته وسلبياته.. ماضيًا إلى القول: وأعتقد أن المجتمع الجدي والمجتمعات السعودية الأخرى قد أدركت التجربة وسايرها ولم يتحقق ما كان مأمولًا من المجالس البلدية، وأخشى أن تكون لذلك ردة فعل غير إيجابية على التجربة في دورتها الحالية، وعلى أي حال يجب أن نتطلع إلى الجانب الإيجابي، فهي تجربة حيوية نعلق عليها الآمال، وأن نتجاوز لأخطاء والقوائم الذهبية والوعود الغربالية ونقترب من المصداقية وعدم التجسيد الخيالي للمستقبل، فقد عرف المجتمع والناس ماذا يعني من الانتخابات، ولن يقعوا كما ما وقعوا في الدورة الأولى، وأملنا أن ينبثق أفق جديد ثقافة وطرحًا وتطورًا مجتمعيًّا نحو ثقافة انتخابية حقيقية، مع ملاحظة ضعف أداء الاعلام وتقصيره حول ثقافة الانتخابات وخاصة الإعلام المرئي.
ثقافة التسامح أولًا
مدير إدارة نادي أدبي المنطقة الشرقية حسن الشيخ شارك بقوله: ما من شك أن الانتخابات ثقافة، ولتكريس هذه الثقافة في شخصية المواطنين فنحن بحاجة إلى العديد من الأنظمة والضوابط والقوانين التي تؤطر هذه العملية الانتخابية، وخاصة في مراحلها الأولى. المواطنون السعوديون بحاجة إلى فهم أن الانتخاب في المجالس البلدية أو غيرها من عمليات الانتخاب التي ربما تجري لاحقًا أنها نوع من التمثيل للناس، وهي تكليف وليست تشريفًا. الشخص المنتخب -بفتح الخاء- هو خادم للمنخبين يسعى لتحقيق مطالبهم والسهر على تقديم كل أشكال العون لهم. ويمضي الشيخ معددًا أدوات الانتخابات بقوله: ولتعزيز هذه المفاهيم نحن بحاجة إلى أن ندرس أبناءنا العديد من المواضيع الانتخابية، والأنظمة، والقوانين المعمول بها في الدول الأخرى حتى نتيح من خلال المدرسة تلك المفاهيم للدرس والاطلاع والتأمل، ونحاكي الصالح منها طبقًا لخصوصيتنا العربية والإسلامية، فدراستنا للتجارب الإنسانية لدى الشعوب الأخرى مهمة جدًّا، كما علينا أن نضع في الحسبان أنه لا يمكن لأي عملية انتخابية أن تنجح في العالم إذا لم تكن مبنية على أساس من الشفافية والتسامح، وعليه لابد أن نتعلم التسامح مع الآخر ونتقبل الآخر، وندرس أبناءنا هذه المفاهيم، ويهتم بها إعلامنا الوطني، فمن دون قبول الآخر لن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة، بل ستكون هناك عملية تشنج على أساس قبلي وعرقي وطائفي تحاول إقصاء الآخر.
فرز ديمقراطي
ويصف رئيس نادي الطائف الأدبي الثقافي حمّاد بن حامد السالمي الترشح والانتخاب بأنها “عملية فرز ديمقراطية، يمارسها المجتمع المدني المتحضر، من أجل الوصول إلى قيادات وكفاءات مثلى، تنوب عنه في إدارته ونشاطاته على مختلف الصعد، وهي وإن كانت في شكلها الحالي جديدة على المجتمع السعودي، إلا أنها كانت موجودة في السابق من خلال التشكيلات المهنية، ومجالس البلديات السابقة”. مواصلًا بقوله: نحن فعلًا في حاجة إلى تكريس ثقافة الانتخاب والترشح في أوساط المجتمع، لأن ما يسري اليوم على المجالس البلدية، سوف يصل غدًا إلى مجالس إدارات الأندية الأدبية، وإلى مؤسسات علمية وثقافية ومهنية مختلفة، وهنا يأتي دور وسائل الإعلام، ومنها الصحافة بطبيعة الحال، وما تقومون به في هذه اللقاءات الصحافية، هو شكل من أشكال ترسيخ ثقافة الانتخاب، بشرح ما تعنيه مصطلحات هذه العملية، وأسسها وشروطها وواجب المجتمع المدني حيالها، لأن المجتمع ينبغي أن ينخرط في هذه العملية، فلا يبقى متفرجًا أو يواجهها بسلبية. ملخصًا رؤيته بقوله: إن كل عملية انتخابية، تسبق عادة بتحضيرات واستعدادات كبيرة، وإذا هي نالت حظها من التعريف بها بشكل صحيح، فهذا هو في حد ذاته إسهام كبير في نشر الوعي بها، وترسيخ الثقافة اللازمة لضمان نجاحها.
لا أمل
الروائي يوسف المحيميد بدا متشائمًا من التجربة، فاختصر حديثه بقوله: لو سألتني هذا السؤال عام 2005 لقلت لك بأن ذلك أمر إيجابي، وسيكرس ثقافة الديمقراظية لدينا، وسنتعلم أن نختار من نريد.. لكن بعد كل هذه السنوات ونحن الآن في 2011 ولم يتحقق لنا إلا دورة واحدة في انتخابات المجالس البلدية، بعد تأجيل غير مبرر، ودون أن نحقق أي انتخابات أخرى في أندية أو مجالس...إلخ.. ولهذا فإني شخصيًّا لست متفائلًا بأن نصبح يوًما مجتمع مؤسسات مدنية، سنبقى طوال أعمارنا نحلم باتحادات ونقابات وهيئات مهنية، دون جدوى... كل ما أتمناه هو أن يتحقق لأولادنا أو على الأقل لأحفادنا ما لم يتحقق لنا محبة.
تكريس مفهوم الانتخابات
وترى الشاعرة تركية العمري أنه يمكن تكريس مفهوم الانتخابات من خلال إقامة محاضرات تثقيفية توعوية للمجتمع عامة عن مفهوم الانتخابات وأهميتها في بناء المجتمع المدني. وعقد دورات تدريبية عن مفهوم الانتخابات، دورها في تطوير المجتمع، مسؤوليات الناخب، والمنتخب. ودورات تخصصية عن دور المواطن ورأيه في الانتخابات. وتسليط الضوء الإعلامي وبقوة على مفهوم الانتخابات من خلال لقاءات مع متخصصين. وتطبيق الانتخابات في المدارس، والجامعات، والمؤسسات التعليمية.
تجربة عرجاء
ويؤكد الدكتور عبدالله الكعيد أن نشر ثقافة الانتخابات يمنح المواطن فرصة لانتقاء الأشخاص الأكفاء ذوي الخبرات المتميزة الذين لديهم رغبة صادقة في خدمة الوطن والمواطن كذلك نشر الوعي الانتخابي والمجتمع السعودي مقبل على انتخابات المجالس البلدية..
ماضيًا إلى بيان آلية نشر هذه الثقافة بقوله: ثقافة الانتخابات تُنشر بواسطة ممارستها المتكررة في معظم شؤون الحياة المشتركة، التجربة العرجاء اليتيمة الماضية في المجالس البلدية لا تكفي لترسيخ مثل هذه الممارسة المتحضرة؛ إذ كان من المفترض استمرار عملية الانتخابات في مناشط كثيرة ابتداءً بالجمعيات والنقابات المهنية مرورًا بالأندية الأدبية ورؤساء اللجان الطلابية في الجامعات وحتى انتخاب عريف الفصل في كل مدرسة. الرسائل الاتصالية المسلوقة على عجل لن تؤثر إيجابًا في نشر الوعي الانتخابي وسنرى القوائم الذهبية والخشبية تتكرر في انتخابات هذه الدورة وسيدار الناخب للأسف بالريموت كونترول مما سيفقد العملية الانتخابية مفهومها وأهميتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.