وسط المدينة، هو القلب النابض للمدينة، والمركز التجاري لها، هو المكان لكبرى الشركات والمؤسسات والبنوك، وأماكن التسوق بالجملة والتجزئة والفنادق، وأماكن للتسلية والترفيه والمتاحف، ومركز للثقافة، هو المدينة القديمة (التاريخية) التي تحكي ماضيها. كان لوسط مدينة جدة مخطط للتطوير -خلال فترة أمينها السابق محمد سعيد فارسي «طيب الذكر»- بإنشاء مركز حضاري حول بحيرة الأربعين، وتطوير الأراضي حولها، وإنشاء نافورة في وسطها، مع إنشاء حدائق ومساحات خضراء ومقاهي ومطاعم، وأماكن للاسترخاء والتنزه، كل هذا كان يُشكِّل حلمًا من أحلامه -ولم يسعفه الوقت لإنجاز حلمه-، ومنذ مغادرة الفارسي الأمانة لم تكن هناك رؤى أو مخطط استراتيجي للمدينة لمن عقبه؛ إلا عندما تولى المهندس عادل فقيه العمل كأمين لمدينة جدة، فأوجد للمدينة رؤى ومخططا إستراتيجيا شاملا لتنمية وتطوير المدينة خلال العشرين عامًا القادمة، شاملة المحيط الإداري والاجتماعي، والثقافي والاقتصادي والبيئي... وخلافه.. وتم إنشاء شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني، للعمل على تطوير مدينة جدة، لتصبح مدينة عالمية متميزة ومفعمة بالحياة، يتم التنفيذ لمشاريعها عن طريق بناء شراكات متميزة مع القطاع الخاص. استبشر الناس خيرًا، وولد بصيص أمل، عندما أعلن أمين جدة السابق المهندس عادل فقيه عن مشروع تطوير وسط جدة، والمنطقة التاريخية بشراكة استراتيجية بين شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني المملوكة بالكامل لأمانة جدة، والهيئة العليا للسياحة والآثار، مع شركة جدة لتطوير وسط المدن، مع حرية مشاركة ملاك العقارات بالمنطقة، وتم إعداد المخططات والمجسمات التي توضح الرؤى (عما يجب أن تكون عليه المنطقة مستقبلًا)، وجرى لقاء جمع ملاك العقارات بحضور أمير المنطقة ومحافظ مدينة جدة وأمين المدينة شمل شرحًا مفصلًا عن المشروع، مع عرض مجسم للمنطقة المزمع تنفيذها، وأصبح المشروع حلمًا يراود الجميع، عندما أكد العضو المنتدب لشركة تطوير وسط المدن في كلمته التي شرح فيها عن المشروع المزمع إنشاؤه، والمتضمن تحسين البنية التحتية، وتأهيل البحيرات، وتطوير الواجهة البحرية بطول 16 كيلو مترًا، وإلحاق مساحات خضراء بها، ومساحات عامة وممرات للمشاة، ومناطق الترفيه، والمشروع سيُركِّز على إعادة الحياة إلى وسط جدة، الذي هجره السكان بسبب مشاكل بيئية، ومشاكل الصرف الصحي، واندلاع الروائح الكريهة من شواطئ البحر، بسبب التعامل غير الجيد مع الملوثات، كما سيتم تطهير البحيرات «بحيرة الأربعين والشباب»، وأوضح أن مدينة جدةالمدينة الوحيدة في العالم التي يعتبر 40% من الأراضي التي تتوسطها أراضٍ بيضاء. وألقى بعد ذلك الدكتور غسان سليمان كلمة أشار فيها إلى أن العمل بالمشروع سيبدأ عام 2011م وتبلغ تكلفة البنية التحتية 3.5 مليار ريال، وأن تكلفة المشروع 30 مليار ريال.. الأمير خالد الفيصل ألقى كلمة بهذه المناسبة أشار فيها إلى ضرورة التزام الجميع من ملاك ومساهمين بالعمل من أجل المدينة، وأن مشروع وسط جدة يكون شعارنا نحو العالم الأول، وقال الأمير: نحن نريد أن نباهي الأمم بما لدينا من إمكانات، ولدينا الإمكانات المالية والإنسانية، ولدينا المكان والإنسان ولدينا القيادة، من حضر اللقاء اعتبر المشروع نوعًا من الخيال لا يمكن إنجازه عن طريق القطاع الخاص، والبعض الآخر بين مُصدِّق وغير مُصدِّق، والغالبية غير متفائلين.. تم إيقاف البناء بالمنطقة إلا عن طريق التنسيق مع شركة تطوير وسط المدن، وفرضت الشركة رسومًا بتكلفة مالية عالية على من أراد البناء تكلفه ما يوازي 30% من تكلفة مشروعه، تدفع للشركة إذا لم يشارك ويساهم في المشروع، فامتنع الكثير عن البناء، وظلت المنطقة كما هي مرمى لمخلفات البناء، ومصدر للروائح الكريهة، لم تستطع الشركة تنفيذ التزاماتها، ولم تسمح للناس بالبناء على أراضيهم، وتعثَّرت شركة وسط المدن، كما تعثرت شركة خزام وشركة الرويس، وتحولت الأحلام والخيال إلى مزيد من الإحباط الذي لازم أهالي جدة، وأصبح الإحباط عادة تلازمهم. كان الأجدى تقسيم المناطق المراد تطويرها، بحيث لا تزيد على 500 ألف متر، بمشاركة عدد من المطورين، وإنشاء صندوق تمويل للمشاريع العقارية مع تكلف الدولة بالبنى التحتية، فلا يوجد مطور سعودي يستطيع تطوير 16 كيلو مترا، ولا يوجد تمويل للمشاريع العقارية من قبل البنوك، ولا يمكن للقطاع الخاص تنفيذ مثل هذه المشاريع، وعلى الأمانة اتخاذ ما تراه. [email protected]