• صدق العزيز أستاذنا محمد عمر العامودي في مقاله الأربعاء الماضي، حينما قال واصفًا معالي الأستاذ أحمد مطر يرحمه الله: «في الأسبوع الماضي فجعنا بوفاته.. وبوفاته فقدنا قيمة.. فقدنا نموذجًا جميلًا من البشر». • رحم الله أحمد مطر، فهو بحق كان قيمة ونموذجًا قل أن تجدها في أيامنا الكئيبة هذه، فالتواضع كان سمة ملازمة له، ليس في تكلف كما يحاول البعض، بل جزءًا طبيعيًا راسخًا من ذاته، والبساطة رغم رتبته الرفيعة التي كان يشغلها كمدير عام للخطوط الجوية العربية السعودية كانت من أصل معدنه. • لم أعرفه في العمل يرحمه الله بل من خلال (خميسية) العزيز الأستاذ العامودي فشعرت بأنه يحمل نفسًا طيبة، وروحًا إنسانية قل نظيرها، يتحدث في هدوء ويسأل في صوت خفيض، ويحاور وكأنك أنت العالم وهو التلميذ. وحين كتبت عنه مرة وهو في مرضه، وكان خارج المملكة لم اتفاجأ باتصاله الهاتفي، لأن الوفاء ناتج من معدنه الأصيل. • في اتصاله ذلك كان يشكر كما لو أنني صاحب فضل وأنا والكل يعلم أن ما كتبت وما يكتب غيري لن يوفي الكابتن أحمد مطر يرحمه الله ولا جزءًا بسيطًا مما أنعم به عليه الحق سبحانه وتعالى من مزايا وصفات إنسانية ومهنية. فيكفيه أن الجميع مجمعون على ندرته وإنسانيته السامية. • أما مهنيته فحدِّث حتى عنان السماء، ويكفي القول وأنا لم أعمل معه بل مما كنت أعرف وألمس وأتعامل مع الخطوط السعودية إبان إشرافه عليها، أنها كانت نموذجًا في العمل في انضباطية مواعيدها وموظفيها وهيئاتهم الخارجية وشكل الخطوط العام، وكانت زينة يفاخر بها الوطن رغم قلة الإمكانيات مقارنة بأيامنا هذه، وذلك ما يدفع الآلاف الآن إلى الشوق إلى تلك الأيام عسى أن تعود معها (السعودية) لتتربع عرش خدمات الطيران العربي. • ورغم المنصب الرفيع واللقب الفخيم جدًا الذي يحلم به الكل، إلا أن معالي الكابتن أحمد مطر لم يحرص عليهما كثيرًا فلم يكن يهمه أن يناديه الناس والمقربون منه وأصدقائه بأي لقب سوى اسمه، بل كان كما ذكر أبوعلاء يصر عليهم مناداته باسمه فقط، وفي هذا درس بليغ للبعض ممن يصرون على الألقاب إخفاء لضعف أو فوبيا ذاتية. • ورغم هذه الأعمال والمزايا التي كان يتمتع بها الكابتن مطر يرحمه الله إلا أنني أتأسف أن المؤسسة التي عمل من أجلها الكثير لم توفيه حقه وتبادله وفاءً يستحقه وآمل أن تطلق اسمه على أحد منشآتها أو مراكزها، فمثل الكابتن مطر يستحق وفي تكريمه فخر للخطوط السعودية وليس العكس. • رحم الله رجلًا ترك بصمات حب وقيمة رفيعة في نفوس كل من عمل أو تعامل معه صديقًا أو قريبًا أو زبونًا أو موظفًا وإن شاء الله تكون له منزلة الصدّيقين في الآخرة كما كانت له بين محبيه. فاكس: 6718388 – جدة [email protected]