تشهد قاعدة عسكرية سابقة في بنغازي، معقل الثوار الليبيين في شرق البلاد، توافد المتطوعون لتلقي التدريب العسكري، ورغم ان معظمهم لم يحمل السلاح سابقا فإنهم سيرسلون في غضون ثلاثة اسابيع الى خطوط الجبهة لمحاربة قوات العقيد معمر القذافي، فيما ينتظر وصول ناقلة نفط سعة مليون برميل الى ميناء طبرق (شرق ليبيا) لتحميل اول شحنة نفط لحساب الثوار المعارضين للعقيد القذافي كما اكدت نشرة لويدز ليست انتيليجنس المتخصصة في المجال البحري، وقالت ميشيل بوكمان الخبيرة في الاسواق في نشرة "لويدز ليست" الصادرة في لندن : إن "ناقلة نفط ستصل خلال النهار الى مصب نفطي قرب طبرق" في اقصى الشرق الليبي، واضافت ان "حجم هذه الناقلة يوازي مليون برميل بترول"، ويعني هذا ان سعر هذه الشحنة يبلغ حوالى 120 مليون دولار، بحسب الاسعار الحالية للنفط. وهي المرة الاولى التي يقوم فيها الثوار الليبيون، الذين يسيطرون على العديد من المرافئ النفطية في شرق البلاد، بهكذا عملية تصدير. وفي قاعدة عسكرية في بنغازي وفي صفوف غير منتظمة يقف المتطوعون وبينهم طلبة واساتذة وموظفون في قطاع النفط ومتقاعدون كانوا حتى فبراير الماضي يعيشون بهدوء، لكن كل شيء تغيّر حين جوبهت تظاهراتهم المطالبة بالديموقراطية بالنيران والمدفعية من قبل قوات القذافي المدربة بشكل جيد، ما ارغمهم على رصّ صفوفهم بسرعة وتشكيل جيش شعبي للدفاع عن انفسهم. ويقول هاني عبدالقادر وهو استاذ علوم اجتماعية في الاربعين من العمر ويرتدي بزة خضراء للتمويه «اذا مت فسأموت كشهيد في سبيل ليبيا» مضيفا «نحن ندافع عن انفسنا، وندافع عن المدنيين». وعبدالقادر لم يؤد ابدا الخدمة العسكرية ولم يحمل سلاحا سابقا لكنه يقول ان هذا الامر لا يغيّر شيئا حين قامت قوات القذافي قبل اسبوعين بقصف بنغازي وانتاب الرعب عائلته المؤلفة من زوجته وولدين، وقال «حين جاءوا الى بنغازي، قصفوا الجميع. الناس الذين قتلوا كانوا من المدنيين ولم يكن لهم اي علاقة بالانتفاضة». ويحاول الضباط المنشقون من الجيش الليبي الذين يقودون قوات الثوار تنظيم صفوف المتطوعين الذين يفتقرون الى الخبرة وغير المجهزين باسلحة لتحويلهم الى قوة مقاتلة فعلية في الصفوف الامامية للجبهة. وبدأوا يصدرون أوامر للمدنيين والمقاتلين المجهزين باسلحة خفيفة بان يبقوا بعيدا عن الجبهة للحؤول دون حصول ذعر حين تسقط قذائف الهاون على الارض حول موكبهم. وفي بنغازي يقدمون تدريبا يستمر لثلاثة اسابيع للمتطوعين حيث يعلمونهم اسس استخدام الاسلحة الرشاشة واطلاق قذائف الهاون والمضادات الارضية التي صادروها من قواعد عسكرية. لكن حتى بعض المدربين لا يتمتعون بخبرة واسعة، ومصطفى صالح (29 عاما) الذي درب عشرات المتطوعين على جمع قطع المضادات الارضية، اكمل سنة من التدريب العسكري الالزامي في 2007 ولم يشارك ابدا في اي معركة، وقال «هذا التدريب غير كاف، سيكون خطيرا جدا على الثوار». وأحد تلاميذه كان حسن مصطفى البالغ من العمر 14 عاما، وتقول سلطات الثوار ان الذين سيرسلون الى الجبهة هم فقط الاشخاص الذين تفوق اعمارهم 18 عاما ويقدمون مستندات تثبت انهم ليبيون، لكن التدريب مفتوح امام الجميع. ويقول مصطفى «سأقاتل من أجل حرية بلادي» مضيفا «لقد تعلمت كيفية استخدام رشاش كلاشنيكوف واطلاق قذائف الهاون والمضادات الارضية»، ولم يطلق النار من اي من هذه الاسلحة بعد فعليا لان ذلك يأتي لاحقا خلال درس التدريب لكنه يقول انه مستعد للقتال حتى «الانتصار أو الموت». والثوار مدركون بأن قوات القذافي اكثر تدريبا وتجهيزا وأن ثلاثة اسابيع ليست وقتًا كافيا للتدريب لكنهم يعرفون ان ليس امامهم من خيار آخر لان العدو يتقدم!!. وقال مصطفى الغرياني الناطق باسم المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار: «هذه الحرب فرضت علينا ولم يكن أمامنا المجال للتدرب». واضاف : «ثلاثة أسابيع قبل التوجه الى الجبهة، افضل من لا شيء» مشيرا الى ان الشبان يتوجهون الى الجبهة مع او بدون تعليمات للقيام بذلك. والاسبوع الماضي ارغمت قوات القذافي الثوار على التراجع في عدد من المدن النفطية الحيوية التي كانوا سيطروا عليها مرتين سابقا، المرة الاولى لوحدهم والمرة الثانية بدعم من ضربات التحالف الدولي على قوات القذافي. ومنذ ذلك الحين تراوح الحرب مكانها مع تبادل اطلاق الصواريخ وقذائف الهاون بين الثوار وقوات القذافي على طريق صحراوي على مشارف مدينة البريقة. وقال مسؤول عسكري امريكي كبير الاسبوع الماضي : إن قوات الثوار «غير منظمة جيدا» ولذلك فان مكاسبها ستبقى «هشة» رغم الضربات الجوية التي يشنها حلف شمال الاطلسي وفرض منطقة حظر جوي. والتعزيزات ستنطلق من مخيمات التدريب في الاسابيع المقبلة لكنها ستشمل رجالا مثل حسن ابراهيم البالغ من العمر 62 عاما والذي لديه عدة احفاد. وقال: «اذا اعطوني كلاشنيكوف فساستخدمه، واذا اعطوني قاذفة صواريخ فساستخدمها. سأقوم بكل شيء للدفاع عن عائلتي». واضاف : «القذافي سيقتل الجميع، كلنا بحاجة لتعلم كيفية استخدام رشاش كلاشنيكوف حتى النساء».