حب الوطن من الإيمان فكيف إذا كان الوطن هو المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي، ومبعث الرسالة المحمدية، وموئل أفئدة المسلمين التي يتجهون إليها في اليوم والليلة خمس مرات في صلواتهم. لا سيما أن رب العالمين استجاب لدعوة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدًا آمنًا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر...}، فحقق الله للبلد الحرام ولهذا البلد الطيب المباركة الأمن والأمان الذي قل أن يوجد مثيله في بلدان العالم. والأمن مطلب ملح يتيح للبشرية العمل والتقدم والإنجاز. فلا يمكن أن يعمل الإنسان وهو خائف. والأمن إذا فقد في مجتمع كان ذلك نذيرًا بانتشار الفوضى والشغب والتدمير. إن ما تعيشه بلادنا من نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى تستلزم منا الشكر والثناء له وتستلزم تقدير هذه النعم والمحافظة عليها. فإثارة الفتن في مجتمعنا الآمن - بفضل رب العباد - وزعزعة أمنه واستقراره وإشاعة الرعب والخوف في نفوس أهله ومواطنيه تعد من كفر النعمة لأن تلك الأمور ستقضي على كل معاني الأمن والأمان. وتدمر كل جوانب البناء والتنمية وتقضي على الأخضر واليابس والأمثلة من حوالينا واضحة للعيان ولا يدركها إلا حصيف عاقل. وبلادنا تقدم للعالم بأسره نموذجًا في التعامل والتفاعل مع كل القضايا فهي من المسلمين في شتى بقاع العالم حاضرة معنويًا وماديًا. تقف مع المظلوم وتساعد المحتاج وتنقذ المنكوب. وتعالج المرضى وتدافع عن المحروم وأساطيلها الجوية تسبح في الفضاء لتكون لمسة حنان مع كل متضرر، وهي تقوم بكل ذلك دون أن تلحقه منا ولا أذى وادراكًا من قادتها وفقهم الله بالمسؤولية المنوطة بهم تجاه مسلمي العالم، وهي في الداخل أيضًا حققت إنجازات تنموية كبيرة في وقت قياسي يقاس في نظر الأمم الأخرى بالسنوات الطويلة. إن وطننا الغالي يعد جوهرة نفيسة، ولؤلؤة غالية، ترابه مسك، وهواؤه عليل، ومياهه شهد، وشمسه أنوار، وأشجاره قنوان دانية، وأزهاره مرجان، ونخيله أفنان وجنان، زواياه وأركانه منائر ومساجد كعقود اللؤلؤ المنثور، وأنوار النجوم لهداية المسافرين. ونحن في هذا الوطن الغالي لسنا مجتمعًا ملائكيًا أو مثاليًا يخلو من الأخطاء إننا مجتمع بشري يلحقنا ما يلحق البشرية من نقص لأن الكمال صفة اختص بها رب العالمين لنفسه. ومن ثم فإيجابيات مجتمعنا ووطننا كثيرة جدًا إذا ما قورنت ببعض السلبيات المتواضعة ومن هنا فإن المرحلة حاسمة والمتغيرات العالمية متعددة والأحداث الأخيرة تفرض على كل مواطن عاقل سوي يفكر بعقل مستنير أن يكون مواطنًا صالحًا حقًا بكل ما يعنيه ذلك المفهوم. وان يضع نصب عينيه أنه يعيش في مجتمع اسلامي واخلاقي بكل ما تحتويه تلك الكلمة من معان فلا ينجرف خلف تلك التيارات المريضة والمتعثرة والتي تجري خلف احلام الشيطان والتي لا ترى النور وتعيش في ظلمة سوداء كخفافيش الظلام.... ومن هنا جاء واجبنا تجاه وطننا بالجد في طلب العلم واكتساب الخبرة وبالتالي خدمة الوطن في شتى مجالات الحياة ليكون لدينا في المستقبل تقديم ما هو افضل للأجيال المهددة للغزو الثقافي والفكري، ومن واجب أفراد المجتمع ايضًا التعاون في جميع بقاع مملكتنا الحبيبة لتتحد كلمتهم وصفوفهم ويصبحوا كالبنيان المرصوص، كما لا يغيب عن مخيلتنا ما للأخلاق من أهمية بغرس الإيمان في النفوس والالتزام بالخير والحق والعدل والإخلاص في العمل وإتقانه كما قال رسولنا (صلى الله عليه وسلم): (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه). هاني إبراهيم مظهر - المدينة المنورة