طالب عدد كبير من السينمائيين المصريين ب “إلغاء جهاز الرقابة على المصنفات الفنية”، مشيرين إلى أن هذا الجهاز ظل لسنوات عديدة ماضية سيفًا مسلّطًا على الإبداعات السينمائية، وباعتبار أن مصر الآن تغيّرت بعد زوال حكم نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وهؤلاء السينمائيون المصريون، والمكونون من مؤلفين ومخرجين وممثلين ومثقفين وصنّاع السينما، وبلغ عددهم أكثر من 250، وقّعوا قبل أيام بالقاهرة على بيان طالبوا فيه ب «إلغاء جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بعدما باتت مصر بعد ثورة 25 يناير مكانًا أقل كبتًا وقمعًا وأكثر رحابة وحرية». وقال البيان: «تغيّر عالمنا كثيرًا ولم تتغيّر معه مصر طوال السنين الأخيرة.. فقد ظل سيف الرقابة مسلّطًا على كل من يريد العمل في الحقل الفني بصورة شرعية رغم زوال الرقابة على الوسائط الثقافية المقروءة مما جعل الكتاب المصري سلعة استطاعت تخطّي الحدود لتحقق نجاحات عظيمة في الخارج.. فيما ظل الفن المصري المرئي أسير قيود تحد من انطلاقه لتحقيق نجاحات مماثلة». وأضاف البيان: «أدى التضييق الرقابي إلى ظهور موجة ما يسمى بالأفلام المستقلة وهي التسمية التي تُطلق على الأفلام التي يتم صناعتها خارج نطاق سيطرة الاستديوهات ومقاييس السوق الرأسمالية التنافسية الصارمة في الغرب.. بينما تُطلق هذه التسمية هنا في مصر على الأفلام التي يتم صناعتها بطريقة غير شرعية بعيدًا عن عيون الرقابة وتصاريح وزارة الداخلية.. وهو الأمر الذي نراه عبثيًا ولا يتماشى مع روح العصر». الجدير بالذكر أن قانون الرقابة المصري ينص على التالي: «الحفاظ على الآداب العامة والنظام ومصالح الدولة العليا»، وهي وفقًا للسينمائيين مصطلحات مطاطة تفتح باب التأويلات من قبل الرقباء الذين لا يصح أن يكونوا مفتشين في ضمير الفنان أو رقباء على إبداعه، حيث تم تحويل بعض النصوص والأفلام إلى جهات أخرى مثل وزارة الداخلية، أو أمن الدولة، أو المخابرات، أو الجيش، أو الأزهر أو الكنيسة لإبداء رأيها. وأثار بيان السينمائيين المصريين لغطًا كبيرًا من جانب متشددين اعتبروه محاولة للسماح بالمشاهد الإباحية، مما دعا الفنانة والمنتجة إسعاد يونس لكتابة توضيح حول البيان قالت فيه: «اعتبر البعض أن الرقابة خُلقت للحد من المشاهد الإباحية فقط وهو مفهوم خاطئ من بابه مرده أن المفاهيم الجنسية المغلوطة تسيطر على أفكار المصريين بشكل مرضي بسبب قصور شديد في الثقافة الجنسية التي تجد مقاومة شديدة في المطالبة بتدريسها ذعرًا من ((قلة الأدب))». وأوضحت إسعاد يونس أن المطالبة بإلغاء الرقابة هو قمة الرقابة لأنه في ظل الأنظمة التي كانت قائمة كانت هناك حالات تعتيم شديد على الموضوعات الحقيقية التي يجب أن تناقشها الفنون بشكل عام بصفتها دفتر أحوال الوطن اليومي. وأضافت أنه يجب أن يتذكّر المطالبون ببقاء الرقابة أن أهم أفلام السينما المصرية والتي كانت تضعها في مصاف السينما العالمية هي الأفلام التي منعتها الرقابة من أول «لاشين» و«السوق السوداء» إلى «سهر الليالي» و«بحب السيما» و«ليلة سقوط بغداد» و«رسائل البحر» حيث قامت الرقابة بتغييب السينما عن مناقشة كل قضايا التعذيب والفساد السياسي والاقتصادي ومشكلات العشوائيات الحقيقية وأمراض المجتمع الأخلاقية والجنسية الحقيقية. هذا وقد وقّع على بيان السينمائيين المصريين عدد كبير من بينهم كتّاب السيناريو محمد سليمان وعمرو سمير عاطف ووائل حمدي وتامر حبيب والمخرجون محمد خان وأمير رمسيس ومحمود كامل وهاني خليفة وأحمد صالح وخالد الحجر وعماد البهات وشهيرة سلام وهالة جلال. وضمت المطالب، إلى جانب إلغاء الرقابة، تحويل الجهاز إلى جهة متخصصة في تصنيف الأعمال الفنية عمريًا.