هذه خطبة عصماء وجليلة للعالم الجليل الشيخ محمد بن عثيمين (رحمه الله رحمة واسعة) سمعتها قبل وفاته بعدة سنوات في جامع الشيخ ابن عثيمين في مدينة عنيزة، يشرح ويُفصِّل فيها الخصال الخمس عشرة التي حذرنا منها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم التي للأسف لم نتعظ منها ولم نحذر من الوقوع فيها بل أصبح كثير من المسلمين يغوصون فيها إلى ترقواتهم وأكتافهم أعرضها كما سمعتها دون زيادة أو نقصان لعلها تجد آذانًا صاغية وقلوبًا واعية. أيها الناس اتقوا الله تعالى واحذروا أسباب سخطه وعقابه وتوبوا إلى ربكم بالرجوع عن معصيته إلى طاعته وعن أسباب سخطه إلى بلوغ مرضاته، احذروا ما حذركم منه نبيكم صلى الله عليه وسلم فإنه الناصح الأمين المبلغ المبين فلقد حذركم صلى الله عليه وسلم من أمور فيها هلاككم لتحذروها وبينها لكم لتعلموها وجاء عنه صلى الله عليه وسلم التحذير من أمور أصبحتم اليوم واقعين فيها أو في أكثرها. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا اتخذ الفيء دولًا، والأمانة مغنمًا، والزكاة مغرمًا، وتعلم لغير الدين، وأطاع الرجل امرأته وعق أمه، وأدنى صديقه، وأقصى أباه، وظهرت الأصوات في المساجد، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فارتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء وزلزلة وخسفًا ومسخًا وقذفًا وآيات تتتابع كنظام قطع سلكه فتتابع). رواه الترمذي الخصلة الأولى: اتخاذ الفيء دولًا، والفيء ما أفاءه الله على المؤمنين فإذا صرف عن أهله المستحقين له إلى آخرين لا يستحقونه من أهل الشرف والجاه والغنى والقوة فقد اتخذ دولًا قال الله تعالى: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم). الخصلة الثانية: اتخاذ الأمانة مغنمًا، وهذه ذات معان كثيرة منها أن يخون المؤمن في أمانته التي اؤتمن عليها فينكرها أو يتصرف فيها كما يتصرف الغانم في غنيمته. الخصلة الثالثة: اتخاذ الزكاة مغرمًا فيؤديها كأنها غرامة وضريبة خسرها لا يؤديها بطيب نفس واحتساب أجر وتعبد لله عز وجل وقيام بفريضة من فرائض الإسلام، ومن أجل اتخاذ الزكاة مغرمًا تجده يبخل بها ويؤدي ما يؤدي منها بتثاقل ونقص وربما وضعها في غير أهلها. الخصلة الرابعة: أن يتعلم العلوم الشرعية لغير الدين فلا يتعلمها تقربًا إلى الله ولا حفظًا لشريعة الله ولا رفعًا للجهل عن نفسه وعن عباد الله وإنما يتعلمها لنيل المال والشهادة والجاه والرئاسة. الخصلة الخامسة والسادسة: أن يطيع الرجل امرأته ويعق أمه فإذا أمرته زوجته بشيء لبى جميع طلبها سريعًا وإذا أمرته أمه به أعرض أو تثاقل أو أتى به ناقصًا. الخصلة السابعة والثامنة: أن يدني الرجل صديقه ويقصي أباه تجده ملازمًا لصديقه يظهره على أسراره ويستشيره في أموره، أما مع أبيه فتباعد عنه كاتم عنه أسراره لا يأنس بالجلوس عنده ولا ينبسط بالتحدث معه. الخصلة التاسعة: ظهور الأصوات في المساجد حتى تصبح لا قيمة لها ولا احترام يزعق الناس فيها ويصرخون كما يزعقون في بيوتهم وأسواقهم غير مبالين ببيوت الله التي بنيت لعبادته وذكره.. وللحديث بقية. حمود محمد الشميمري - جدة