* يمتلك الإنسان مفاتيح أفكاره منذ الصغر، فإن كان ممن يتفاعل معها ويتحاور، أمكنه مع الوقت إنجاز تَطَلُّع حَلَمَ به أو أملٌ سَعَى إليه.. ولئن حِيزت أو سُخِّرت له بعض الأسباب الجوهرية والإبداع الملهم كان التأمل مساراً يأخذه إلى تنمية ثقافة الذات وشحذ الهمة، وبذلك يكون قد أوجد الأساس الضروري «لتفعيل» الطاقات الداخلية أو الكامنة في كيانه.. والغالبية العظمى من البشر يتحاورون مع أفكارهم، فمنهم من ترقى به أفكاره نحو العلا والتميز بما أوجد من إنجاز كان العمل به عملا جمعيا جماعيا من عدة فئات وعدة شرائح وعدة آراء، فاكتسب واشتمل على مجموعة أفكار كوّنت في تحاورها «استراتيجية فكرية» نهضت بالأمة و»أَثرتْ الوطن» بعقول أبنائه، فالنمو المادي أيًّا كان نوعه ومقداره وثرواته وإمكاناته محدود ولابد من توقف أو نفاذ، بينما النمو العقلي والروحي لا تحده حدود، ولا يتوقف عند حواجز، ولا تحول دونه ودون المضي قدماً نحو آفاق شاسعة رحبة وممتدة حائل أو معوق يذكر، مما يعني أن أفكار الإنسان لا تتوقف، بل تنمو وتزيد، وأن تنمية الشخصية تستمر وترتقي حتى في العمر المتقدم للإنسان، في الوقت الذي قد تتوقف فيه أو تتعثر بعض الأنشطة والممارسات، ليظهر لنا من جديد في مجال آخر أكثر نبوغاً وحيوية. * إذاً فالأفكار والأعمال الإيجابية سخر الله لها يد الجماعة، ويد الله مع الجماعة، تلك الأعمال والحوارات والنقاشات التي تتم في النور وبكل الوضوح والشفافية والمصداقية والالتزام، والله قد وهب أصحاب الأفكار القوية في الحق وفي الخير بمعنى الإيجابية، والروح الأمينة الصالحة والنفس الطيبة، أن جعل (الزمن) في صالح أعمالهم النقية وتقدمهم المحمود، وإن اعترت طريقهم الصعوبات، وزرعوا لهم المعضلات، وحفروا لهم العثرات، ولكن قوة الإرادة والثقة في الله تعالى ثم في أنفسهم، وشحذ الهمة والعزيمة تُمكّنهم بحول الله من تخطى كل العقبات. * لفت انتباهي بكثير من التقدير والوطنية أمير منطقة الجوف حيث يأتي (شهرياً) بكل مسؤولي القطاع الخدمي في منطقته، فمثلاً في الشهر الماضي أتى بالأمانة، وفي هذا الشهر سيأتي بكل المسؤولين في الجامعة.. يتكلم معهم بحزم وشدة وأمانة وإخلاص، يُلزم كل مسؤول بمهامه ومسؤولياته ويتابعه (بنفسه)، مستعيناً بعد الله ببعض الرجال المخلصين للدين والوطن.. يؤكد على العمل بأمانة ويوصي بالاهتمام بكل مواطن، ويوجّه بالاهتمام والتركيز على عامة المواطنين، وخص الضعفاء منهم، فهنيئاً لأمة انتصرت لضعفائها، ونحن نسأل الله أن يكون هذا النموذج المتوافق مع منهج عمر بن الخطاب الذي صان الأمانة ونفع الأمة، وكان خير راع مخلص أمين لرعيته مثلاً يُحتذى، وأرجو أن يكون مقالي هذا ورقة عمل أضعها بين يدي كل مسؤول في كل القطاعات الخدمية في الوطن، وأن يتقبلوه بصدر رحب، إذ يفيدنا هذا التوجه الحصيف بعدة أفكار وآراء موثقة بعمل ليعم النفع الجميع. * نشر ثقافة حوار الأفكار البناءة. * نشر مبادئ الشفافية والمصداقية، واستشعار المسؤولية والوطنية ما بين المواطن والمسؤول. * نشر مبدأ وأهمية المراقبة والمتابعة المحاسبة لأي مسؤول، تمشياً مع العدالة وتعاليم الكتاب والسنة. * الاهتمام بالناس، والتعرف على احتياجاتهم بدون موانع ولا حواجز، ولا أبواب موصدة. * أهمية وضع صندوق للاقتراحات والشكاوى (يفعَّل) في كل قطاع حكومي وخاص، ولكل جهة مناط بها شؤون الوطن والمواطن، (ليصل) ما تراه عين المواطن الفاحصة مباشرة للمسؤول وأعوانه. * وضع مرآة أمام المسؤول بحجم الأمانة والمكانة التي وضع فيها، ليرى بوضوح إيجابيات إدارته وسلبياتها، ويُقيّم مستوى رضا الناس عن أدائها، وليعلم أنه شخص مُكلّف بحسن الأداء وحسن الرعاية والاهتمام، وأنه مسؤول عما اؤتمن عليه أمام الله أولاً ثم الوطن، وليس مفضلاً إلا بما يحقق من إنجاز مشرِّف للصالح العام. قال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).