* في صورة نشرتها صحيفة «المدينة» وسط صفحتها الأولى عدد يوم الخميس الماضي تحت عنوان «المجلس البلدي يرصد تداعيات كارثة جدة جوًّا»، ظهر فيها أعضاء المجلس البلدي وهم متزاحمون بعضًا إلى جوار بعض، وكلهم يشيرون بأيديهم إلى شيء غير واضح من خلال باب طائرة الهليكوبتر التي كانت تقلّهم. * تأمّلتُ الصورة كثيرًا، وحاولتُ فهم دلالاتها وتفاصيلها، وعجزتُ فتساءلتُ: هل إشارات أعضاء المجلس كلهم في وقت واحد على جزء مهم وكارثي يوضح بعضًا من ما حدث لجدة مؤخرًا؟! أم أن إشاراتهم في ذات التزامن دلالة حرص، وتوافق تفكيري لدى كافة الأعضاء على أن ما يرونه هو مشهد دمار وخراب من جرّاء الكارثة؟. * يبدو لي والله أعلم بما في الصدور أن التفسير الدلالي للصورة هو تسابق السادة أعضاء المجلس على أضواء فلاشات كاميرا المصورين الصحفيين ليس إلاّ فكل عضو حرص وهو يرى الكاميرات على أن يبدو وكأنه مهتم بما يراه، حتى وإن أدى ذلك إلى تدافع وتزاحم مع زملائه الآخرين كما أظهرته الصورة. * عالم الصورة اليوم أبلغ الرسائل الدلالية التي لم تعد تُخفي شيئًا، والتي لم تعد في حاجة إلى عقلية متعلمة، أو مثقفة، أو خبيرة لمعرفة دلالاتها ومغازيها. فالعامي كما المتعلم، كما المثقف، كما الخبير يدرك معاني الصورة، ويستوعب مغازيها. وهذا يستدعي بالضرورة أن يدرك أعضاء المجلس البلدي أن الترزز أمام الفلاشات وكاميرات الصحافة والإعلام بقدر ما يتضمنه من انعكاسات إيجابية بقدر ما له من ردود فعل سلبية جدًّا وعكسية تمامًا لما كان يفكر به الحريص عليها. * فالسادة أعضاء المجلس البلدي لم نرَ منهم حتى اللحظة شيئًا مفيدًا، ولم نسمع عنهم أي فعل إيجابي سوى ظهورهم أيام الأزمات وأمام الفلاشات فقط كما حدث مع كارثتي أربعاء جدة الماضية والحالية أما مناقشة مشاريع جدة واحتياجاتها وطرق تنفيذها فهم نائمون في العسل. * وليعذرني أعضاء المجلس على قول الحقيقة بهذه الصورة المجردة، لأن سكان جدة يكفيهم تصريحات مسؤولي الأمانة، ويكفيهم ما يعايشونه من مآسٍ يومية بسبب عدم وجود بنية تحتية تتناسب وحجم ومكانة وقيمة جدة كثاني أكبر مدن هذا الوطن العزيز، وكميناء تجاري هام، وكبوابة للحرمين الشريفين. لذا أرجو السادة أعضاء المجلس أن يدركوا أن فلاشات الكاميرات الإعلامية قد تكون عكسية في كثير من الأحيان، وأتمنى عليهم التفرغ لأداء أدوارهم التي يفرضها وجودهم في المجلس، وكفاية سعي خلف الأضواء، والبرستيج كما هو واضح بدون لبس في صورة «المدينة»، وكما يقوم به بعض الأعضاء من خلال الإنترنت من إرسال رسائل متواصلة للإيحاء بأنهم حريصون على جدة، وسكانها، ومشاريعها، و... و... إلى آخره. فالأعمال الجادة والصادقة وحدها جواز السفر إلى قلوب وعقول الناس.