كشفت نهائيات كأس آسيا الخامسة عشرة لكرة القدم المقامة في الدوحة حتى التاسع والعشرين من الشهر الجاري هوة شاسعة في المستوى بين بعض منتخبات شرق آسيا ومنتخبات غرب القارة بدليل فشل اي منتخب عربي في حجز مكانه الى الدور نصف النهائي. وهي المرة الاولى التي لا يتمثل فيها العرب في دور الاربعة منذ الدورة الخامسة في تايلاند عام 1972، التي شهدت دخول العرب الى منافسات البطولة. وشكلت دورة تايلاند نقطة تحوّل مهمة في تاريخ البطولة الاسيوية لانها شهدت المشاركة العربية الاولى فيها بعد ان نجحت الاتحادات العربية في ابعاد اسرائيل عن الاتحاد الاسيوي. وخاض منتخبا الكويت والعراق النهائيات لكنهما لم يوفقا في الوصول الى دور الاربعة. وكانت الفرصة مثالية لكي تحقق المنتخبات العربية طموحاتها في البطولة الحالية التي تقام على ارض عربية خصوصا انها جميعها حظيت بمؤازرة جماهيرية جيدة وان كانت متفاوتة بين منتخب وآخر. وكان احد ممثلي العرب طرفا في النهائي في جميع البطولات السابقة التي استضافتها دول عربية بما فيها النسخة التاسعة في الدوحة ايضا. ففي الدورة السابعة في الكويت عام 1980، توجت الكويت بطلة بفوزها على ايران في المباراة النهائية 1-صفر، وفي التاسعة في قطر احرزت السعودية لقبها الاول بتغلبها على كوريا الجنوبية 4-3 بركلات الترجيح بعد تعادلهما صفر-صفر، وفي الحادية عشرة في الامارات عام 1996 توجت السعودية بطلة بفوزها على الامارات بركلات الترجيح 4-2 بعد انتهاء الوقتين الاصلي والاضافي صفر-صفر وفي لبنان عام 2000 خسرت السعودية امام اليابان صفر-1. كما ان احد المنتخبات العربية كان طرفا في المباراة النهائية منذ عام 1980 وحتى 2007 باستثناء الدورة الثالثة عشرة في الصين عام 2004 حين توقف مشوار البحرين مفاجأة البطولة عند الدور نصف النهائي بخسارته بصعوبة امام نظيره الياباني الذي احرز اللقب الثالث في تاريخه على حساب اصحاب الارض 3-1. عاد العرب بقوة في النسخة الماضية عام 2007 عبر منتخبي العراق والسعودية، فأقصى الاول كوريا الجنوبية وتخطى الثاني اليابان في نصف النهائي ليكون النهائي عربيا-عربيا للمرة الثانية في تاريخ البطولة بعد عام 1996، وحسمه المنتخب العراقي للمرة الاولى في تاريخه بهدف لمهاجمه يونس محمود. الطموحات العربية كانت كبيرة جدا في دورة الدوحة 2011 بوجود ثمانية منتخبات عربية ومؤازرة لافتة من جماهيرها، لكن خمسة من الفرسان العرب سقطوا في الدور الاول هم السعودي والكويتي والبحريني والاماراتي والسوري، في حين توقف مشوار الثلاثة الاخرين عند حاجز ربع النهائي هم العراقي والقطري والاردني ولكل منتخب قصة وحكاية في هذه البطولة خصوصا في الدور الاول وكان نجمه المنتخب السعودي الذي يتقاسم مع نظيريه الايرانيوالياباني الرقم القياسي برصيد ثلاثة القاب، اثر تلقيه ثلاث هزائم امام سوريا 1-2 والاردن صفر-1 واليابان صفر-5، فأقيل مدربه البرتغالي جوزيه بيسيرو بعد الخسارة الاولى واسندت المهمة الى ناصر الجوهر الذي لم ينجح هذه المرة في تعديل الامور، كما ادت هذه النتائج الى قرار ملكي بتعيين الامير نواف بن فيصل بدلا من الامير سلطان بن فهد الذي استقال من جميع مناصبه الرياضية. منتخب الكويت المتوج بطلا للخليج للمرة العاشرة في تاريخه خرج بخفي حنين ايضا رغم وجود اسماء توقع لها كثيرون التألق آسيويا خصوصا فهد العنزي، لكنه تلقى ثلاث هزائم ايضا امام الصين صفر-2 (شهدت المباراة اخطاء تحكيمية فادحة) واوزبكستان 1-2 وقطر صفر-3. منتخب البحرين كان ضحية المجموعة الثالثة القوية الى جانب كوريا الجنوبية واستراليا المرشحتين لاحراز اللقب، فخسر امامهما بصعوبة 1-2 وصفر-1 على التوالي وحقق فوزه اليتيم على الهند 5-2 بقيادة مدربه سلمان شريدة، لكنه افتقد خدمات عدد من لاعبيه الاساسيين بسبب الاصابة والابعاد. وبرغم كل ذلك، بقيت الامال العربية معلقة على الثلاثي القطري والعراقي والاردني في ربع النهائي، الاول خرج بصعوبة امام اليابان 2-3 رغم انه تقدم مرتين ولعب نحو نصف ساعة متفوقا بعدد اللاعبين بعد طرد مايا يوشيدا، والثاني كان ندا قويا لاستراليا قبل ان يفقد لقبه بسقوطه بهدف بعد التمديد، والثالث وقع ضحية تألق مهاجم اوزبكي هو اولوغبك باكاييف الذي خطف هدفين في الدقائق الخمس الاولى من الشوط الثاني. قد تكون الدروس كثيرة من مشاركة المنتخبات العربية في هذه البطولة، سوء الاعداد والتخطيط وغياب ذهنية الاحتراف لدى اللاعبين واخطاء المدربين والاصابات وما شابه، لكن الاكيد ان فارق المستوى مع منتخبات شرق اسيا بدأ يتسع ما يتطلب معالجات جذرية لاستعادة الالقب في كأس اسيا وفي تصفيات كأس العالم ايضا. وجاء كلام مدرب منتخب ايران افشين قطبي ليلخص تماما حقيقة الامور بقوله "اعتقد بأنه عندما نرى المنتخبات الاربعة المتأهلة الى نصف النهائي يتضح لنا ان ليس من بينها اي طرف من غرب اسيا، وهذا يعني ان علينا في هذه المنطقة واجبات كثيرة للقيام بها، فدول مثل كوريا الجنوبية واليابان عملت كثيرا على مختلف الاصعدة لتطوير اللعبة وتضمان عددا من اللاعبين في اوروبا، وعلينا ان نتعلم من هذين النموذجين".