لم تكن ثلاثة أعوام مدة قصيرة على فئة البنين والبنات من ذوي الحاجات التربوية الخاصة حرمت من التعليم في المرحلة الثانوية، فضلًا عن أسرهم التي كانت تتأمل الآمال في فلذات أكبادها، مهما كانت قدراتهم.. منذ صدور القرار من قبل وزارة التربية والتعليم عام 1428ه، الذي يقضي بإيقاف قبول طلاَّب التربية الفكرية في برنامج الدمج بالمرحلة الثانوية وأن يتم التحاقهم بعد شهادة المتوسَّطة بمراكز التأهيل الشامل التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية وإن سلّمنا بهذا القرار.. السؤال الذي يفرض نفسه: هل كانت الجهات المعنية بوزارة الشؤون الاجتماعية تقدم المأمول وفق رضى أسر هذه الفئة أو كانت مهيأة في حقيقة الأمر لاستقبال طلاَّب التربية الفكرية بعد تخرجهم من المرحلة المتوسِّطة..؟!! ولقد عانى كثيرًا أولياء أمور طلاَّب وطالبات التربية الفكرية ومتعدُّدي العوق من ذلك القرار غير المدروس علميًا وعبروا عن استيائهم؛ كما تحدَّث عدد من أولياء أمور الطلاب عبر وسائل الإعلام المقروءة والمطبوعة والمسموعة عن معاناتهم من ذلك القرار الذي تسبَّب في آثار سلبية بحق إنسان مصيره الجلوس في البيت، وما قد يسببه ذلك من انتكاسات صحية ونفسية له ولأسرته، فيما من المفترض أن يزداد الاهتمام بهذه الجوانب الصحية والنفسية وليس زيادتها. وتتويجًا للجهود المطالِبة بإعادة النظر في إيقاف القرار تنفّس أولياء أمور طلاب وطالبات التربية الفكرية ومتعددي العوق الصعداء بصدور قرار جديد لوزير التربية والتعليم صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله بتاريخ 16/1/1432ه يقضي بفتح المرحلة التأهيلية ما بعد المتوسط في مدارس المرحلة الثانوية ليتسنى للطلاَّب والطالبات مواصلة دراستهم وتدريبهم حيثُ تم تعميمه بجميع إدارات التربية والتعليم لإجراء اللازم من تاريخه؛ لأن المرحلة الثانوية تعتبر مرحلة تهيئة مهنية لهؤلاء وهي من البرامج التي يجب أن تقدم من قبل وزارة التربية والتعليم لا الشؤون الاجتماعية. وعبّر كثير من أسر طلاب وطالبات التربية الفكرية ومتعددي العوق عن فرحتهم بالقرار الجديد الذي يبث الآمال نحو مستقبل أبنائهم وفلذات أكبادهم وقدموا شكرهم للقائمين على إصدار القرار وعلى رأسهم سمو زير التربية والتعليم. بقي إذًا الآن بعد تعميم القرار على الإدارات التعليمية بالمناطق أن نكون مستعدين بشتى الجوانب وهذا ما سيكون هو الفيصل لقراءة المستقبل. وكي نصل للأهداف المأمولة التي ترضي جميع الأطراف سواء “أولياء أمور، أكاديميين، مهتمين، متخصِّصين” علينا أن نسعى جاهدين نحو تحسين وتطوير الوضع أثناء فتح المرحلة التي تلي المتوسِّطة. فعلى سبيل المثال: حينما نُريد تطوير الخدمات التربوية لذوي الحاجات التربوية الخاصة يحتم علينا ذلك قراءة تجارب السابقين والرواد في هذا المجال ولا سيّما تجربتنا التي تعتبر رائدة في المملكة العربية السعودية على مدى 25عامًا من افتتاح برامج الدمج في المدارس التي هي ليست سهلة على الإطلاق ونكون حينها بحاجة جهود مشتركة لمعرفة الإيجابيات وتحديدها لتطويرها والرقي بها والوقوف عند السلبيات لتلافيها وعدم تكرارها. إذًا نستطيع تحقيق ما نأمله ونحقق الطموحات مع إشراك أولياء الأمور في عملية التطوير؛ لأنهم يمتلكون في جعبتهم الكثير والكثير من التجارب السابقة لا سيما معاناتهم خلال فترة توقف ابنائهم عن اكتساب المهارات والمعلومات كما أنه علينا ألاَّ نغفل مقترحاتهم التي تسهم في الرقي بمستوى أبنائهم. نذير خالد الزاير