* غالبية عظمى من أبناء مجتمعنا السعودي تشتكي ليل نهار، وتتذمر صبح مساء من تصرفات وانفلاتية شركات السيارات ووكلائها. ولا يقتصر هذا التذمر، وتلك الشكوى على الارتفاع الدائم في أسعار السيارات بطريقة لا تتناسب وما يحدث في الفضاء المجتمعي العالمي، بل تعدّت الشكاوى إلى الصيانة، وتوفر قطع الغيار. * حالة شوارع كثير من المدن السعودية على غير المواصفات العالمية السليمة ممّا يؤدي إلى انحناءات وانكسارات وتجويفات تجعل السير فيها مصيدة لكل السيارات، كبيرها وصغيرها، فخمها وبسيطها، وهو ما يخلق مشكلات لا حصر لها لمالكي تلك السيارة، ومعاناة لها أول وليس لها آخر. * فمدينة كمدينة جدة تفوقت بحسب أرقام أمانتها على أي مدينة سعودية في عدد الحفر الموجودة في الشوارع في كل الأحياء، وإن لم أكن مخطئًا، ولم تخنّي الذاكرة، فحسب أرقام الأمانة فإن عدد الحفر بلغ أكثر من ثلاثين ألف حفرة. وهذا يعني ببساطة مصائد جاهزة لتفكيك وخراب السيارات التي تسير في شوارع جدة. * هكذا وضعية اتّخذت لها وجهين متضادين كلية، في أحدهما خير وموارد مالية للورش، وشركات الصيانة، وبائعي قطع الغيار، وهو وجه مشرق إيجابي لكل هؤلاء. أمّا الوجه الآخر فهو وجه كالح وبائس لمالكي السيارات يستنزف أموالهم، وأوقاتهم، وجهدهم، وأعصابهم، وصحتهم. * وبحسب التجربة الخاصة والملاحظة لما يحدث في مجتمعنا من متغيرات، فكثير من المواطنين وطّنوا أنفسهم على القبول والرضا بأن ما يحدث إنّما هو قضاء وقدر، ولكنهم في ذات الوقت لم يستطيعوا أبدًا استيعاب حالات الانفلات واللاضبط الذي تمارسه وكالات السيارات، سواء في ارتفاع كلفة الصيانة، أو في عدم توفر قطع الغيار. * عدم توفر قطع الغيار يقضي على وقت المواطن ويستنزفه جهدًا ومالاً ووقتًا، وكأن ذلك غير مهم إطلاقًا لما يسببه من خسائر على المجتمع وحركته التنموية بأسرها. فتراكمات خسائر الوقت تعني تعطيل مصالح آخرين، وهو ما يكلف الوطن خسائر مادية كبيرة. * يحكي لي صديق عزيز عن تفاجئهم بسرقة طقم كفرات سيارة ابنه الأربعة بكاملها. ولأن السيارة ليست رخيصة، فطقم الكفرات يكلف مبالغ كبيرة، ولكن المعاناة ليست في المبالغ فقط، بل عدم توفر ما يُسمّى بجنوط الكفرات والوكيل المعتمد للشركة المصنعة للسيارة سيطلبها من بلدها الأصلي في أوروبا. أي أن ذلك سيستغرق شهرًا على أقل تقدير، وهو ما يعني خسائر مادية، ووقتية، وبدنية للصديق وابنه وعملهما، ومثل هذا المثال مئات. * أتمنى كما يأمل كل المواطنين أن تتدخل وزارة التجارة بحزم بإلزام شركات الصيانة ووكالات السيارات بضرورة توفير قطع الغيار، ووضع تسعيرة مناسبة، وتوفير الناقل البديل لمالك السيارة في حالة عدم وجود القطع المطلوبة، وهذه ليست مثالية، بل حقوقًا كما هو معمول بها في مجتمعات تحترم ذواتها. فاكس: 6718388 – جدة [email protected]