مها فتيحي: وجود المرأة في جهاز الإفتاء ضروري.. ونحتاج إلى اعتراف رسمي وجهة رقابية لممارسة الرياضة النسائية

طالبت مها فتيحي سيدة الأعمال ورئيسة منتدى السيدة خديجة بنت خويلد بالاتفاق على تعريف مفهوم الحجاب والاختلاط والخلوة حتى تكون قضية المرأة واضحة وشفافة، مشيرة إلى أنها على استعداد لقبول الاتهامات بتغريب المنتدى إذا كانت السيدة خديجة رمز غربي في نظر المنتقدين، مؤكدة أن الهدف الأساسي لهذا المنتدى يتمثل في إظهار عفاف المرأة في مقابل مروءة الرجل.. مشيرة إلى أن الوعي في المجتمع بعد أحداث 11 سبتمبر تجاوز مثل هذه الأمور بعد غيبوبة امتدت أكثر من 35 عامًا بمسميات دينية، وأشارت إلى أن المملكة هي البلد الوحيد في العالم الذي يبيع فيه الرجال المستلزمات النسائية!!!.
داعية إلى إنشاء ملاعب رياضية للنساء، واصفة ذلك بالأمر الضروري لبناتنا، مؤكدة أن وجود النساء في الملاعب ليس بالشيء الصعب.. كما أبدت فتيحي نقدها للطريقة التي يتم بها اختيار الشخصيات النسائية المشاركة في وفود المملكة الخارجية، مبينة أن أغلب اهتمامات المشاركات في هذه الوفود تكون تسويقية.. وعزت مها غياب المثقفات عن مجالس إدارات الأندية الأدبية إلى غياب معايير الاختيار وضبابية مفهوم الثقافة نفسه، مبينة أنها خرجت من مجلس إدارة أدبي جدة لأنها لم تستطع التحاور مع من يملي رأيه عليها دون احترام.. مطالب فتيحي للمرأة تعدت إلى مجلس الشورى والمجالس البلدية ومجلس الإفتاء، معتبرة أن وجود المرأة في هذه المحافل سيجعلها قريبة من مراكز صنع القرار بما يمكنها من الإسهام فيها..

* الإعلام كتب كثيرًا عن جمعية مرشدات المملكة.. فما هدف هذه الجمعية؟
**أشكرك على اهتمامك بموضوع المرشدات الذي أعتبر أنه جوهر العملية التعليمية في بناء الشخصية وتربية الذات. هذا الموضوع ليس جديدًا وله 103 عامًا في العالم، فعلى مدى المائة عام لم يلحظ على كل من انتمى للحركة الكشفية رجالاً ونساءً؛ إلا أن خدمة المجتمع كان مؤصلة فيهم. لذلك فإن أرواحهم تظل مشغولة بخدمة وطنهم ومجتمعاتهم حتى يصلوا إلى أعمار متقدمة، وقد رأيت بنفسي في مؤتمر الرواد الذي حضرته الشهر الماضي في الأردن أن هناك رؤساء وزراء ووزراء وعمداء جامعات أعمارهم فوق التسعين ولكن تظل أرواحهم الشابة متحمسة لتقديم الخدمة للآخرين أينما كانوا. هذا هو الأصل في هذا النشاط، تأصيل مفهوم الخدمة والتربية الوطنية. إذا أردنا تربية وطنية حقيقية فهي كامنة في التربية الكشفية.
فوقية الإصلاح
* كيف ترين ظاهرة اشتغال المرأة السعودية بهذا النشاط؟
**أنا مرشدة منذ أن كنت في السابعة من عمري في دار الحنان. بعد ذلك تخرجت، وقمنا بتكوين لجنة خريجات دار الحنان، فوجدت أن مجموعة كبيرة من مجلس الإدارة (16 من أصل 18) كن مرشدات. انتماؤنا للمملكة العربية السعودية ولدار الحنان وأسرنا وطريقة تعاملنا في الخدمة ومع المجتمع كانت مميزة. مها الجفالي ولينا أبو زنادة ونشوى طاهر ولمى السليمان كن كلهن في دار الحنان، وكن مشتركات في هذا النشاط الذي أوجد فينا بذرة خدمة المجتمع. المرأة السعودية بحاجة لأن يكون هناك نشاط يوجه جهدها الاجتماعي ويؤصل مفهوم الخدمة.
خدمة وليس ترفاً
* الأسماء التي ذكرتها كلها لسيدات أعمال من مجتمع نخبوي.. ألا ترين أن هذا النشاط نوع من الترف الاجتماعي المترافق مع الظهور الإعلامي؟
**هل في الترف الاجتماعي خدمة للآخرين.. لنا في مجال الإعلام 35 سنة وهو ليس جديدًا علينا وليس هدفًا نسعى وراءه. عملية الخدمة ليست ترفًا، وإنما الترف يكون في البعد عن خدمة الآخرين. لذلك سمى الملك نفسه خادم الحرمين الشريفين لأنه قريب من الآخرين. تسمية الخدمة يقصد منها أن تكون دومًا قريبًا من الآخرين وتسعى لمساعدتهم وإراحتهم. للأسف لدينا خلط في مفهوم الترف الاجتماعي. هذا الترف هو البرج العاجي وأن يكون الإنسان غير ملامس لمجتمعه وواقعه وأن تكون اهتماماته سطحية وغير واقعية ولا يحاول أن يكون لسان حال من لا يستطيعون. في العالم كله جميع النقلات النوعية التي حدثت في المجتمعات قامت على أكتاف من يملكون والذين باستطاعتهم أن يكون لهم دور بارز في المجمع بأن يكونوا لسان حال من لا يستطيع.
عضوية مفتوحة
* تبدو جمعية مرشدات المملكة وكأنها مقصورة على سيدات الأعمال..؟
**أبدًا.. ليس لها علاقة بسيدات الأعمال، فمجالها خدمي بحت، ويصب في إعداد القيادات النسائية من خلال الخدمة وتأصيلها كواقع عملي مُعاَش... وصل العدد إلى 185، وجمعية المرشدات لها مراحل عمرية تبدأ من عمر ثلاث سنوات، وتنتهي إلى ما شاء الله. ليس للجمعية سن معينة، والمراحل العمرية تبدأ من البراعم، ثم الزهرات، ثم فتيات مرشدات، ثم مرشدات متقدمات، ثم جوّالات ثم قائدات، ثم رائدات. الجمعية ليست مقصورة على سيدات الأعمال، بل على المرأة بمختلف مراحلها العمرية المختلفة. في جدة لدينا (12) مدرسة، وفي الرياض (8) مدارس، وفي الشرقية ستكون هناك (6) مدارس في الشهر المقبل، وفي حائل وجازان وأبها والطائف وغيرها.
خدمة ضيوف الرحمن
* كيف كانت تجربتكم في الحج؟
**كانت تجربة ممتعة جدًّا. أجمل شيء هو خدمة الناس وأجمل من خدمة الناس خدمة ضيوف الرحمن. الأطفال التائهون الذين لم يكن ذووهم يتعرفون عليهم أو يجدون مكانًا يبحثون فيه عنهم كان بإمكانهم بكل سهولة أن يجدوهم في مراكز رعاية الأطفال التائهين وهذه التجربة كان وقعها جميل على قلوبنا بأن ندخل الفرحة في قلوب هؤلاء الحجاج.
* هذا يعني أنه كان لكم دور ميداني؟
**نعم.
* كيف رأيت ردة الفعل عند بعض الفئات الاجتماعية؟
** لم تهمني ردود الأفعال بل كنت أهتم بمشاهدة وجوه ذوي الأطفال التائهين وأرى الفرحة فيها. في السابق كان ذوي بعض الأطفال التائهين ييأسون من العثور عليهم ويعودون بدونهم إلى بلادهم. أن يجد شخص طفله الذي تاه منه وسط مليونين ونصف أو ثلاثة ملايين حاج فهذا عمل جبار. هناك حاج صيني تاهت ابنته ووجدناها في حالة مزرية جدًّا حيث كانت حافية وملابسها متسخة وعمرها ست سنوات. عندما نجد أمثال هؤلاء الأطفال نقوم بتصويرهم وغسل أجسادهم بالماء وتوفير ملابس نظيفة لهم. جاء والد هذه الطفلة بعد حوالي ثماني ساعات واحتضن طفلته واندهش عندما رأى الحالة التي كانت عليها والحالة التي أصبحت فيها، فطلب منا أن نحتفظ بها حتى يقوم برمي الجمرات!! إدخال السرور على قلب هؤلاء الحجاج هو الذي كان يشغل بالنا جميعًا. مررنا بمواقف ينفطر لها القلب حقيقة.
العفاف في مقابل المروءة
* بوصفك رئيسة لمنتدى السيدة خديجة بنت خويلد ما هي تصوراتك لهذا المنتدى وما الهدف منه؟
**وضعنا للمنتدى رؤية وهي طرح نموذج وطني عربي مسلم للمرأة الواعية والملتزمة والمسؤولة عن أداء دورها محليًا وعالميًا باتخاذ نموذج السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها التي إذا تمت دراسة شخصيتها وهي التي حملت صفات وخصائص فريدة واستطاعت في ذلك المجتمع الجاهلي أن تكون بهذه الشخصية التي كانت ركيزتها العفاف وكانت رغم جاهلية القوم وتخلفهم بهذه الصفات. هذه هي الشخصية التي نريد أن
نبرزها للجيل الصاعد، وهي أن المروءة عند الرجل يقابلها العفاف عند المرأة. كيف تستطيع المرأة أن تكون في عالم الرجال وتفرض قيمها ومبادئها وتحافظ على دينها وأخلاقها وعفافها؟ هذا هو ما نحاول فعله.
اتهامات مردودة
* لكن هناك من يتهمكن بأن المركز تحول إلى منتدى تغريبي؟
** إذا كانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها رمز غربي فأنا أتفق معهم.
* إنهم يقصدون ما يطرح في المنتدى من قضايا وآلية عمله..؟
**دع الذين حضروا يتحدثون لأن من سمع ليس كمن رأى. ينبغي ألا نحكم على الأمور إلا بعد أن نعايشها ونكون جزءًا أساسيًا فيها، لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: «كفى بالمرء بهتانًا أن يحدِّث بكل ما سمع». يجب أن نرى ونسمع ونعايش ونكون جزءًا من الحدث حتى نتحدث. هل السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها هي نموذج نريد منه تغريب المجتمع؟ هذا يعني أن هناك تجنٍ على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، ولا يرضى الله تعالى ولا رسوله أن يستخدم اسم هذه السيدة التي جاء لها السلام من سبع سماوات وأن يستخدم في مكان غير مكانه. خديجة بنت خويلد رضي الله عنها هي سيدة الأرض وسيدة الجنة شاء من شاء وأبى من أبى. هذا هو نموذجنا الذي وجدنا فيه الصفات التي نريدها ونريد أن نقتدي على هداها. إذا رأوا أنه تغريبي أو كذلك فهي سيدة الغرب والشرق.
تصدق بالعرض
* الاتهامات لهذا المنتدى تعدت الصحف إلى مواقع الإنترنت.. فكيف ترين ذلك؟
**هذه كلها أساليب للتعبير عن الرأي؛ فأنا أحترم كل من يعبر عن رأيه بطريقه التي يراها مناسبة. هناك قاعدة فقهية تقول «الحكم على الشيء فرع من تصوره». فكيفما تصورت حكمت. قالوا لي إن هناك من يهاجمني على الإنترنت فقل لهم إنه ليس لدي وقت، ومتابعة مثل هذه الأمور تحتاج إلى وقت كبير، وهناك أشياء أخرى يمكنني أن أقضي فيها وقتًا أفضل، وأقول لهم إذا كان يهاجموني جزاهم الله خيرًا. لقد تصدقت بعرضي، وأسأل الله تعالى أن يتقبله، كما أنهم ثقلوا من ميزان حسناتي وخففوا من ذنوبي.
من الغيبوبة إلى الوعي
* هل يعتبر العمل الذي تقومين به نوعًا من الحركة النسوية في البلاد؟
*ليست حركة نسوية؛ ولكن بعد أحداث 11 سبتمبر أدركنا الغيبوبة الفكرية التي نعيشها على مدى 35 سنة تحت كثير من الشعارات والمفاهيم الخاطئة، والتي اتّخذت الدِّين غطاءً لها للأسف. فقد بدأ المجتمع يعي أن هناك مفاهيم مغلوطة، وهناك نماذج مشرقة في ديننا وإسلامنا وتراثنا وسيرة رسولنا صلّى الله عليه وسلّم يجب أن تظهر إلى النور. من هذه النماذج السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- وصحابيات أخريات. هناك قصص عديدة، وروايات كثيرة لا يعرفها الجيل الجديد، وليس على اتّصال بها وهي التي تشكِّل كياننا وتكويننا. مصطلح حركة نسوية مصطلح غربي وليست لدينا حركة نسوية إنما لدينا نماذج. نحن منظومة فكرية لها خصائصها التي تميّزها ومنظومتنا أكثر شمولية من المنظومة الغربية؛ ولكن للأسف ونسبة لانهزامنا الداخلي نتجه للمنظومة الغربية حتى نبين أننا جزء من العالم المتقدم، أو ننتقد في المنظومة الغربية حتى نؤكد أننا مختلفون. أي مجتمع يمر بثلاث مراحل أساسية؛ المرحلة الأول هي مرحلة الغيبوبة، ولا يدري فيها بأي شيء عن مشكلاته ويكون كالنائم، يرضى ويسلم بما هو موجود. المرحلة الثانية هي مرحلة الوعي الساذج وتكون عبارة عن مجرد ردود أفعال لكنها ليست أفعالاً. الوعي الناضج تكون فيه مبادرة واقعية يستطيع بها أن يخدم الحاضر وينظر إلى المستقبل. الحِراك الموجود حاليًا هو بداية وجود وعي مجتمعي. المبادرات دلالة على نضوج الوعي. المجتمع بدأ يعي أنه لا بد أن يكون هناك إظهار لحقيقة إسلامنا والنماذج الموجودة في ديننا. نحن متأسون بهذه النماذج. الله سبحانه وتعالى يقول: «محمد رسول الله والذين معه». طالما أن النبي عليه الصلاة والسلام هو نموذجنا فلن نبحث عن غيره. من صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من رجال ونساء وأطفال وغلمان وكهول فإنهم كلهم يكونون ضمن هذه البوتقة. البعد عن هذا المجموع وهذه الكوكبة يجعلنا نغيب. عندما نبتعد نغيب وعندما نقترب نعي. كلما اقتربنا من هذا المفهوم كنا أكثر رحمة في ما بيننا وأكثر فهمًا مما نحن عليه. هذه نماذج نستطيع أن ندير بها حياتنا ومساعدة العالم الغربي الذي يحتاجنا. إذا استطعنا الاقتراب من هذه الكوكبة والتصقنا بها وكنا على علم بها وأظهرناها على السطح بشرط أن تكون محققة لقول الآية: «محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم»؛ لأنه يعني كل من شاهد رسول الله أو حضر مجلسه أو كان في وقته.
مع رياضة البنات
* تنادين عبر تصريحات بأن تكون هناك أندية رياضية للبنات؟
**نعم؛ فالرياضة ينبغي أن كون جزءًا في حياة بناتنا لأننا نعاني من أمراض السكر وضغط الدم والكولسترول والسمنة والخمول بشكل عام. نحتاج للرياضة، ليست لإنقاص الوزن فقط وإنما بصورة عامة. أمهاتنا وجداتنا كانت الحركة جزءًا لا يتجزأ من حياتهن من واقع البيوت الكبيرة التي كن يعشن فيها...
* ما الذي يمنعكن الآن من ممارسة الرياضة في الوقت الحالي.. ؟
**عدم وجود اعتراف رسمي وجهة رقابية تشرف على هذا الجانب النسائي وتنظم مسيرته .
نساء في الملاعب
* هل تنادون أيضًا بالذهاب لمدرجات الملاعب الرياضية لتشجيع الفرق كما صرحت إحدى سيدات الأعمال؟
**حتى الرجال في عائلتي لا يذهبون إلى الإستادات.
* لا أعنيك شخصيًا ولكن كمبدأ تؤمنين به إذا كنت ترين حق النساء في الجلوس على المدرجات، حسب النقد الذي يوجَّه لك بأنك لا تمانعين إذا تم السماح لكن بدخول الملاعب الرياضية؟
**(ضاحكة) يا سيدي في البداية دعهم يسمحون بوجود الرياضة النسائية في المدارس. النساء موجودات في المنتديات والمستشفيات والمحاضرات، حتى وجودهن في الملاعب الرياضية ليس بالشيء الصعب. التشجيع بالطريقة التي تتم من جانب الشباب أو الفتيات ليس بالظاهرة الحضارية. كل ما يزيد عن حده ينقلب إلى ضده. الغلو مرفوض في كل الجوانب.
* ما هو تفسيرك للهجوم الشديد على المنتدى وقضية الحجاب الذي يقال إن الكثيرات لم يلتزمن به؟
**نقول منذ 15 سنة إنه إذا أردنا أن تكون قضية المرأة واضحة وشفافة ينبغي الاتفاق على ثلاثة تعريفات بواسطة الكل وهذه تمثل الحد الأدنى، وهي مفهوم الحجاب ومفهوم الاختلاط ومفهوم الخلوة. إذا اتفقنا على هذه التعريفات نكون قد حققنا الحد الأدنى ويمكن لمن شاء أن يستزيد. هناك حد أدنى متفق عليه. هناك من يريد أن يفرض وجهة نظره على الطرف الآخر ويصل مرحلة تكفيره إذا خالفه. كلنا نقول لا إله إلا الله محمد رسول الله فلماذا هذا التعنت؟ أرجع مرة أخرى وأقول إنه دائمًا ما تصاحب التغيير في أي مجتمع مراحل متعددة؛ المرحلة الأولى هي التجاهل والمرحلة الثانية هي التمرد والمرحلة الثالثة هي التحفيز والمرحلة الرابعة هي القبول.
* أين ترين المجتمع من هذه المراحل؟
**في المرحلة الثانية وهي التمرد.
* هل يعني هذا أنكن متمردات؟
**المعارضون يمارسون الآن عملية التمرد.
رجال للمستلزمات النسائية
* هناك قضية مهمة في السياق النسوي وهي عدم توظيف المرأة في محلات بيع الملابس النسائية.. ما تعليقك؟
**نحن البلد الوحيد في العالم الذي يبيع فيه الرجال المستلزمات النسائية. هل يصح هذا؟ كيف يرضى المعارضون على بناتهم ونسائهم أن يشترين مستلزماتهن الداخلية من رجال؟
إيقاف دون أسباب
* قمت بتأسيس صالون أدبي لكنه توقف.. فما أسباب ذلك؟
**لا أعلم؛ إلا أنه تم بقرار من الأمير مشعل بن ماجد فتم إيقاف الصالون، واعتقدت أن هناك اتجاهًا لوضع لوائح تنظيمية للصالونات الأدبية لأنه كانت هناك استراحات في أماكن كثيرة من المملكة واكتشف أن بها بعض أعضاء الفئة الضالة فتم إيقاف كثير من الصالونات الأدبية ومن بينها هذا الصالون.
* ولكن هذا الصالون الأدبي لم يكن يناقش قضايا سياسية وإنما كان مخصصًا للأدب والفكر؟
**نعم وكانت له أهداف موضوعة ومدرجة وواضحة وهي سبعة أهداف رئيسية منها نشر الحوار حيث بدأنا عام 1999م الموافق للعام 1419ه، وأيضًا تقبُّل الآخر واختلاف وجهات النظر. ليس لنا مكان تلتقي فيه المثقفات لتبادل وجهات النظر بأسلوب حضاري وحواري يطرح قضية معينة وتسمح إدارة الحوار لمختلف الآراء أن تُطرح بشكل راقي. كنت أدير الصالون بنفسي. كانت المدة ثلاث ساعات نخصِّص منها ساعتان ونصف للحوار. في بداية العامين ونصف كانت المشاركة الأولى أو المداخلة لإيصال الفكرة تأخذ من خمس إلى عشر دقائق وفي خلال السنوات الأخيرة تقلصت الفترة من دقيقة إلى ثلاث دقائق. أصبح الناس الذين تتفاوت أفكارهم أقدر على التفاهم. اختلاف الآراء لا يفسد للود قضية أصبح واقعًا معاشًا. في الفترة الأولى كان الاختلاف يدفع البعض للخروج. تطور الوضع إلى أن المختلفات أنفسهن أصبحن يجلس ويتناولن طعام العشاء سوية. هذا هو الهدف الذي سعينا لتحقيقه وهو جعل الاختلاف إثراء وليس افتراقًا.
إعلام مقصّر
* كيف ترين المثقفة السعودية؟
**(ردت على الفور) هائلة. المثقفة السعودية تستطيع مجاراة أكثر المثقفات في العالم العربي. كل من أتين من العالم العربي لمشاهدة السعوديات كن يبدين إعجابهن ويقلن إن الصورة الإعلامية الموجودة غير الواقع الذي رأينه بأنفسهن....
* هل الإعلام متهم بتغييب المرأة؟
**نعم، ولدي حقائق تم عرضها في منتدى السيدة خديجة وأوضحت كيف أن السيدات يعانين من تقصير الإعلام في إظهار الصورة الثقافية الحقيقية للمرأة في انتقائه للشخصيات التي تظهر في وسائل الإعلام أو الوفود التي تسافر. لا توجد معايير على أساسها يتم اختيار السيدات السعوديات. هذا الكلام ذكرته في دولة خليجية قبل ثلاثة عشر عامًا عندما كنا نتحدث عن دور المرأة الخليجية في التنمية. بعد أن انتهى المنتدى الذي استمر لثلاثة أيام ذكرت أن المساحات الموجودة في دول الخليج العربي كبيرة في حين أن الطاقات السعودية في السعودية بحاجة إلى مساحات، في حين أن المساحات في دول الخليج الأخرى موجودة ولا زالوا في طور بناء الطاقات.
* ذكرت أن المثقفة السعودية في طليعة المثقفات العربيات.. إذًا لماذا لم يتم اختيارها عضوًا في الأندية الأدبية؟
**لأن معايير الاختيار لعضوية الأندية الأدبية غير معروفة. هناك بعض المثقفات السعوديات مثل منى خزندار التي ستمثل العالم العربي كله في باريس وتعبر مثقفة من الطراز الأول. المعايير التي يتم على أساسها اختيار المثقفين أو تعريف الثقافة نفسه غير معروفة. كانت لي تجربة في النادي الأدبي بجدة وخرجت...
إملاء دون احترام
* لماذا خرجت؟
**لأني لم أستطع أن أتحاور مع من يريد أن يملي رأيه دون احترام. أول مبادئ الثقافة أن تحترم الذي يخالفك في وجهة النظر. قدمنا خطة متكاملة وطلبنا اجتماعًا مع رئيس مجلس الإدارة ولكن اضطررنا للخروج.
* كيف ترين اختيار نورة الفايز نائبة لوزير التربية؟
**قرار موفق جدًّا لأنه لا يعي مشاكل المرأة وتعليمها إلا المرأة. المنطق يغيب في كل شيء في حياتنا. إذا كنا نقول إن الرجل مختلف عن المرأة ويجب أن نفرق بينهم ونفصلهم في كل الأماكن، فكيف نجعل الرجل مديرًا لشؤون تعليم المرأة؟ دعونا نتفق على سياق واحد نبقى فيه: إما أن نكون منفصلين ويأخذ كل منا أشياءه ولا نسمح للرجال ببيع مستلزمات المرأة، أو أن يشرف رجل على تعليم المرأة، أو نكون في شراكة مع بعضنا البعض ويكون المعيار في الاختيار هو الأصلح والأفضل. لا بد أن تكون المرأة موجودة لأن المجتمع لا يسير على قدم واحدة.
تكليف وعون
* هل تطمحين يومًا في تولي حقيبة وزارية؟
**سئلت هذا السؤال من قبل وقلت: من كُلِّف فليعين ومن عوفي فليحمد الله.
* نريد إيضاحًا أكثر؟
**ولاة الأمر أدرى بمعرفة مسيرة التنمية ولهم السمع والطاعة فإذا كانت هناك مصلحة يمكن للإنسان أن يؤديها. نحن نؤصل مفهوم الخدمة لدى الناس.
* كيف ترين التأخير في تأنيث المناصب القيادية حيث لا توجد لدينا نساء في مناصب قيادية أو وزارية أو حتى في القطاع الخاص الذي جرى فيه التأنيث على استحياء.. كيف ترين هذا التأخير؟
**التأخير في القيادات ربما يعود لعملية التأهيل. لا بد من تأهيل قيادات تكون قادرة على القيام بهذه المسؤولية. كذلك فإن وزارة الخدمة المدنية لا بد أن تستحدث مسميات وظيفية جديدة قادرة على أن تكون لها صلاحيات قيادية إذا تبوأت منصبًا قياديًا. أعلى منصب يمكن أن تتقلده المرأة في الجامعات هو وكيلة العميد، إلا في جامعة الأميرة نورة في الرياض حيث توجد عميدة. لكن لا يوجد مسمى عميدة. حتى في جامعات الملك عبدالعزيز وأم القرى لا زال هناك «شطر الطالبات». الموجودات هناك بدون قرار وهذه الجامعات ليست مستقلة الكيان بل هي تابعة لقسم البنين. كذلك هناك المعوق الفكري. لا زلت أذكر في الحوار الوطني عندما كنا في المدينة المنورة وكان هناك الشيخان المطلق وابن منيع وعندما سمعا أطروحات النساء قالا لو علمنا أن للنساء هذه الأطروحات لأقررنا لهن بالأهلية الكاملة. النساء قادرات على أن يكن موجودات. للأسف ابتعدنا كثيرًا جدًّا عن تراثنا وعن النماذج المشرقة والسيدة خديجة بنت خويلد ووجودها المشرق كقائدة ونموذج. في عصرنا هذا أين المرأة التي حتى لو كانت ثرية ولها أطفال تستطيع أن تذهب وقول زوجوني فلانًا لأنه صادق وأمين؟ أين المرأة التي تستطيع ذلك الآن؟ في كل فترة تجد نساءً لهن بصمات واضحة، معظم المدارس التي فتحت في العالم الإسلامي فتحتها النساء. هناك مجالس أدبية أقامها نساء. سكينة بنت الحسين كانت أو من أقام مجلسًا أدبيًا. تاريخ مكة المكرمة يشهد بذلك. مدرسة السلطانية شادتها امرأة. مدرسة الفلاح التي أقامها زينل ساعدته زوجته في ذلك لأنها كان ثرية وتملك المال. هذه نماذج يجب أن تظهر للمجتمع وأن تتغير الصورة النمطية عن المرأة في ذهنية وذاكرة الرجل. إذا لم تتغير من الصعب إنجاز شيء.
من الأرقام إلى الأسماء
* برأيك لماذا تحمل مدارس البنات في المملكة أسماء أرقام؟
**بشرتني السيدة نورة الفايز أنه اعتبارًا من العام القادم ستكون المدارس بأسماء نساء من التاريخ.
* إلى ماذا تعزين السبب في تسميها بأسماء؟
**نبهنا إلى ذلك قبل 20 عامًا لكن كنا لا زلنا نعيش في الغيبوبة (ضاحكة)، لم يكن بإمكان أحد أن يستوعب أن هذه الظاهرة غريبة.
وفود للتسوّق
* نجد أن مشاركات المرأة في الوفود الخارجية كانت غائبة في السابق لكنها بدأت في الوقت الحالي.. كيف تجدين ذلك حاليًا؟
**وزن المملكة العربية السعودية في العالم كبير جدًّا، شاء من شاء وأبى من أبى. وذلك لأنها تحتضن الحرمين الشريفين ولأنها مهد الإسلام ولأنها تمتلك البترول ولأنها قلب الأمة الإسلامية. الله سبحانه وتعالى منحها أشياء كثيرة تستطيع بواسطتها أن تكون أفضل دولة في العالم. لدينا القيادة الحكيمة و المال والعقول والمنهج والحرمين الشريفين. الأنظار مسلطة على هذه الدولة وأي شيء يصدر منها هو بمثابة منار للعالم أجمع. عندما تكون المرأة أضعف عنصر، في مجتمع عربي ومسلم ومنارة للعالم الإسلامي وهناك تجني أوظلم أو إقصاء لها بسبب غياب الأنظمة أو التخلف في الممارسات الحياتية عن المنهج الرباني والنهج النبوي الشريف، فإن الأعداء والمغرضين يجدون مبررات للتشويه والهجوم تدعم أهدافهم.. لدينا نماذج نسائية موجودة وذكرت ذلك للدكتور بكر باقادر، وقلت له إن معايير اختيار الشخصيات التي تذهب ضمن هذه الوفود لا بد من مراجعتها وتوضيحها لإبراز أفضل ما في المجتمع السعودي حقيقة ولدينا سيدات قادرات على إحسان تمثيل المملكة العربية السعودية فينبغي انتقاؤهن بشكل يتماشى مع الوفد المسافر. لأنه من المؤسف أن ينصب أكبر اهتمام بعضهن على التسوق وزيارة أسواق البلد المضيف أثناء انعقاد جلسات المؤتمر. المعايير مهمة لاختيار من يستطعن تمثيل المملكة العربية السعودية على خير وجه.
حضور بلا دعوات
في منتدى السيدة خديجة بنت خويلد قمتم بإقصاء بعض السيدات اللاتي تختلفن معهن؟
** أبدًا.. كل الأطياف كانت موجودة.
* ولكن من ضمن توجهكن هناك أسماء لم توجَّه لهن دعوة?
**لم يتم توجيه دعوة لأحد، وإنما تم إعلام الأسماء المتوفرة على قاعدة بيانات الغرفة التجارية ومركز السيدة خديجة بنت خويلد وطلبنا منهم الدخول على موقع المنتدى لتسجيل الأسماء، ولم تفرض رسوم بل كان مجانًا لمن ترغب في المشاركة.. المنتدى حضرته النساء وكذلك حضره الرجال، حتى الأستاذة نورة الفايز وهي مشاركة كانت متنقبة، وفضيلة الدكتور أحمد الغامدي وخلفيته معروفة وسعادة الأستاذ الدكتور طارق الحبيب، وكذلك الدكتورة عزيزة المانع والأستاذ إبراهيم البليهي والمشتركات والمشاركين المهتمين بواقعية مشاركة المرأة في التنمية الوطنية..
مشاركة حقيقية
* طالب بتغيير الصورة الذهنية للمرأة السعودية في المجتمع عن سيدات الأعمال مع أن هناك ناشطات وأكاديميات.. فهل نعتبر تغيير الصورة النمطية عن سيدات الأعمال فقط؟
**ليس عن سيدات الأعمال فقط؛ ولكن البوابة الاقتصادية ربما تكون الأنسب لأن الحاجة أصبحت ماسة لوجود المرأة المشاركة بصورة عملية في التنمية الوطنية وازدياد الفقر في المجتمع يعد من المشكلات التنموية التي لا بد من إيجاد حلول لها، الحاجة الاقتصادية تفرض واقعًا يوجب إعادة النظر في أن تعيش المرأة حياتها بشكل يكفل لها الكرامة والعيش الكريم دون أن تكون عالة على الآخرين أو في انتظار إحسانهم.. بعض سيدات الأعمال لسن مشغولات بهذا الأمر وإنما بأعمالهن وتنمية استثماراتهن، ولكن يجب أن تكون هناك فئة «يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» وسنكون بإذن الله ممّن يأمرون بالمعروف، وأن تكون المرأة مشاركة بصورة حقيقية في تنمية المجتمع وتكون شريكة وشقيقة للرجل في بناء هذا المجتمع؛ لأن هذه رسالة وطن ورسالة أمة وليس لأننا سعوديات فقط، وإنما لأننا عربيات ومسلمات نغار على إسلاميتنا وعروبتنا وسعوديتنا.. وأن يكون هناك إيمان بدورها في عملية التنمية فهي جزء لا يتجزأ منها..
عضويات مختلفة
* أنت هنا تطالبين بعضوية نسائية في مجلس الشورى؟
**أتمنى ذلك، هناك بالفعل سبع عضوات، ولكن كمستمعات ومستشارات، و ليس مشاركات .
* ماذا عن عضوية المجالس البلدية؟
**أيضًا.. إذا تغيرت الصورة وصارت النساء شقائق الرجال وأصبحت المرأة شقيقة للرجل تغيرت الأوضاع.
* هناك أيضًا مطالبة بأن تكون المرأة ضمن جهاز الإفتاء العام؟
**نعم، فعندما تصدر فتوى تخص المرأة لا يذهب أحد ويقف على واقع الأمر ويتحدث، ويتعرف على حاجة النساء وواقعهن ويتم تغييب فقه الواقع، فعندما تكون هناك امرأة تطلب إعادة النظر في الأمر وتوضيح آثاره الإجتماعية والنفسية والعملية على المرأة، وبالتالي النشء والمجتمع.. ينبغي أن نكون على بصيرة أن نقدم كل ما فيه خدمة للبلد ومصلحة للناس وتسهيل أمورهم، فعندما توجد المرأة في جهاز الإفتاء تكون على مقربة من مراكز صنع القرار، وبالتالي يمكنها الإسهام والمشاركة حقيقةً وواقعًا.