أوشك العام الميلادي على الانتهاء ونستقبل عاماً ميلادياً جديداً كما استقبلنا عاماً هجرياً جديداً في ظل ظروف صعبة يعيشها العالم العربي، ويبدو أن الكاسب الوحيد في العام الماضي والأعوام التي سبقته كانت «إسرائيل» التي أوضحت وثائق Kivunim كيفونيم التي نشرت في فبراير 1982م، وترجمها ناشط السلام اليهودي وغير الصهيوني الراحل إسرائيل شاحاك Israel-Shahak، أنها تسعى – أي – إسرائيل إلى تفكيك العالم العربي من داخله مشيرة إلى أنه سبق للاستعمار البريطاني والفرنسي أن قسمه إلى (19) دولة بعد أن كان كياناً واحداً تحت سيطرة الدولة العثمانية. وثائق إسرائيل التي كانت تطبخ منذ زمن بعيد على نار هادئة بين وزارة الخارجية الإسرائيلية وأجهزة استخباراتها لم تخترع سلاحاً فتاكاً لتفكيك عالمنا العربي ولكنها اكتفت بزرع الفتن الطائفية والإثنية بين شعوبه فهي بداية كانت تخطط لتفتيت العراق إلى دويلات طائفية وخصوصاً عندما أحست بقرب امتلاكه لسلاح نووي، وكان ذلك في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات الميلادية وترى هذه الوثائق الهامة أن العالم العربي ومعه الإسلامي قد بني على أرض هشة مشبهة إياه ببيت من الورق. * إن مفردات طائفية مثل شيعي، صوفي، سني، وأخرى دينية مثل متبع ومبتدع، وأخرى قبلية مثل بدوي وحضري، أو أمازيغي وعربي، قد وفرت أرضاً خصبة للكيان الإسرائيلي ليكون هو في النهاية – وبتأييد أمريكي– مطلق اليدين في أرض فلسطين العربية والمسلمة يقطعها أوصالاً ويجزئها جزازاتٍ ليكون المنتصر المتفوق وليطلق فتنة طائفية في العراق على أيدي الجماعات المتشددة وليكون تهجير الأخوة المسيحيين العرب والذين عاشوا على وفاق دائم مع إخوانهم المسلمين آلاف السنين، وليكون – العدو أيضاً – شاهداً على آخر حلقات هذا المسلسل الذي ينجر إليه البعض اختياراً وذلك لأن البناء الداخلي للذات العربية قد بلغ من الضعف حداً كبيراً، ولقد جاءت وثائق ويكيليكس والتي نشرها الأسترالي جوليان أسانج Assange لتبرهن على نجاح خطط وثائق «كيفونيم» الإسرائيلية فيما استهدفته من مقاصد تخريبية، فهذه الوثائق الجديدة – أي – ويكيليكس تكشف عن مدى طمأنينة الكيان الإسرائيلي من جراء تفتت الوحدة الفلسطينية وتراشق الأخوة بالاتهامات تحت مرمى نظر العدو الحقيقي لهذا الشعب الأعزل.