ساهر.. هذا النظام الذي أثار كثيرًَا من النقاش وكثيرًَا من الانفعال، وألقيت بسببه ملامات متضخمة على إدارات المرور، وعلى نظام المخالفات وعلى آليات الاعتراضات، وعلى مضاعفة الجزاءات، وعلى... من تراه الملوم؟! ومن السبب وراء إقدام الدولة على تطبيق هذا النظام بعد سنوات طويلة من حملات التوعية، ومناهج (التربية الوطنية)، والاستجداءات المباشرة من مسؤولين وصحافيين وكتاب وغيرهم؟ من الذي أزهق الأرواح وأهدر المليارات، واساء إلى سمعتنا؟ في نظري أن الملوم هو كل متهور لم يرع للمجتمع حقه، ولا للطريق آدابه، ولا للسلامة أصولها. هؤلاء هم الذين أزهقوا حياة عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء، وتسببوا في عاهات مستديمة لعشرات الآلاف من الآخرين. وهؤلاء حتى هذه الساعة ما زالوا يمارسون تهورًَا غير مبرر أبدًَا. هؤلاء الذين لا يحسبونها (صح) أبدًَا! خذوا مثلًَا طريق الحرمين السريع، من كوبري الجامعة حتى كوبري بريمان.. هذه المسافة لا تزيد على 10 كيلو مترات والسرعة القصوى المسموح بها سابقًَا كانت 120 كم في الساعة، ومع هذا لم تتسع (حوصلة) هؤلاء للسير بتعقل، وإنما لا بد من اختراق كتف الطريق بكل تهور وجنون وبسرعات تفوق 160 كم في الساعة أحيانًَا! كم سيوفر هؤلاء من الوقت إن بقيت لهم في العمر أوقات! بحسبة بسيطة هي 5 دقائق فقط.. لا تستحق أبدًَا كل تلك المخاطرة بالحياة أو الصحة والمال. هؤلاء هم الذين دفعوا الدولة إلى تبني نظام (ساهر) الذي لا يميز بين مسرع وآخر، وبين متهور ومتعقل. هؤلاء هم الملومون حقًَا وهم المذنبون أصلًَا، وهم الذين استنزفوا جيوب الغارمين من وراء مخالفات ساهر. والمتسببون الآخرون هم أولياء الأمور الذين سمحوا لأبنائهم بهذه العواقب المفزعة في حق أنفسهم وفي حق غيرهم. نحن اليوم نجني حصاد (تربية) فاضت بالدلع (الزائد). وحتى عندما كان أحدهم يقع في قبضة المرور يسارع الأب بتنشيط كل أسلحة (الواسطة) وآلياتها كي لا يمضي الابن المتهور دقيقة واحدة خلف القضبان كي يرتدع مستقبلًَا، وكي يتحمل وزر أخطائه وحماقاته وطيشه. وصدق القائل جل في علاه: (قل هو من عند أنفسكم!!).