قدّم الله ( الطائف ) على غيره في القرآن في موضعين من كتابه ، قال سبحانه : ( أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ) (البقرة :) وقال : ( وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ) ( إبراهيم : ) وللعالِم المتدبر أن يفهم من تقديم الطائفين على العاكفين والمصلين أنهم أحق بالمكان الذي هو حول البيت من غيرهم ، إذا ازدحم الناس وضاقت بهم ساحة البيت ، وهم أقرب الناس إلى الكعبة وألصقهم بها ، وهم الذين يلامسونها ، وعبادتهم متعلِّقةٌ بتقبيل ركنها ولمسها والإشارة إليها ولا يكون ذلك إلا بقرب أو رُؤية ، وأما العاكفون فيه فكل مكان فيه صالح للعكوف ، وكذلك الصلاة للقائمين والركع السجود ، والبدء بما بدأ الله في كتابه حين لا يكون موجب آخر يقتضي تركه منزعٌ أخذ به النبي صلى الله عليه وسلم حين أراد السعي ، فإنه بدأ في سعيه بالصفا ، وقال : ( نبدأ بما بدأ به الله ) ؛ لأن الله قال : ( إنَّ الصفا والمروة من شعائر الله ) . ولا يعترض بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمَّ سلمة بأن تطوف من وراء الناس ؛ لأنها رضي الله عنها امرأة ، على راحلة ، والناس يصلون، ولا طائف حينئذ . وأريد أن أصل من خلال ما تقدم في الكلام الأولَّ أن أبعث رسالة في ثوب اقتراح أدعو فيها إلى النظر في توسعة صحن المطاف ؛ لتخفيف التزاحم ، ولأن الطائف أحق بهذا المكان من غيره ، ولا تعارض بين الطواف والصلاة ؛ لأنه لا طواف حين أداء الصلاة ، والطائف بالبيت يمشي وغيره ماكث في مقامه ، وفي اتساع المطاف مصلحة للطائف لا تضر بمصلحة القائم والعاكف ، ومما يتفرع عنه أيضا ويزيده وضوحا : أن الطائفين أولى بما حول المقام حين طوافهم من المصلين خلف المقام ركعتي الطواف . والله أعلم .