في عام 1814 والعهدة على كتاب الرحّالة السويسري الأصل «بوركهارت» كان في جدة 21 دكانًا لبيع الزبدة، و18 بسطة للخضراوات والفاكهة، و8 بائعي تمور، و4 من صانعي الفطائر، و5 بائعي مربيات وسكاكر، ومتجران للكباب، وبائع سمك واحد، ومتجران يبيعان الجبنة اليونانية واللحمة والفواكه المجففة، و11 متجرًا لبائعي الحنطة، و18 صيدلية يُباع فيها الورق والشمع والسكر والعطورات، و11 متجرًا للثياب التي تُباع كل صباح بالحراج، و4 دكاكين للحلاقين، وهم في نفس الوقت جراحو البلد وأطباؤها، و4 طباخين، و5 من صانعي النعال، وساعاتي تركي واحد.. واليوم نجد كل تلك السوق في متجر واحد من آلاف المتاجر التي تنتشر في طول المدينة وعرضها، وعندما جاء «لورانس» إلى جدة بعد بوركهارت بمائة عام، كان عدد سكان مدينة جدة لا يتجاوز العشرين ألفًا، وتحدث عن شجرة واحدة شاهدها فيها، أمام «سوق الندا» الذي يمثل قلب مدينة جدة اليوم، فكان مركزًا لتجمع الجِمال الآتية من خارج المدينة، واليوم يتجاوز عدد سكان جدة الثلاثة ملايين نسمة، ومئات الألوف من الأشجار، ومئات المدارس والمعاهد والكليات والفنادق والمستشفيات والسيارات ودور الأزياء والمطار الدولي وميناء من أكبر موانئ الشرق. لقد تطوّر كل شيء في هذه المدينة العتيدة، البناء والشوارع والشواطئ والمنتجعات والناس والعادات والتقاليد، لكنها لا تزال عاجزة أمام أزمة المياه والصرف الصحي والنظافة؛ ممّا يسهم في تلويث الجو، ويفسد تسميتنا لها بعروس البحر الأحمر. وهو مظهر لا يتناسب لمدينة طموحة تعيش في كنف أكبر دولة بترولية في العالم. ولو عاد بوركهارت إلى الحياة، وجاء إلى جدة هذه الأيام لانشغل بإعداد إحصاء لعدد «الوايتات» التي تجوب المدينة ليل نهار تنقل المياه إلى المنازل، وتنقل مياه الصرف إلى ..........!!