تعرضت فتاتان (25،23 عاما) إلى التدمير النفسي الشامل بعد سجنهما من قبل أخيهما الأكبر لمدة عشر سنوات بجازان، وتعود قصة الفتاتين ( مريم وآمنة) إلى حين جعلت منهما الأقدار دميتين يحركهما أخوهما كيفما يشاء و متى أراد. ولم يتركهما إلا بعد تحطيم حياتهما. عندما أودعهما منذ الصغر في مكان منعزل عن العالم الخارجي طيلة هذة الفترة. رحمة الجيران : وبعد هذا العمر الضائع دبت الرحمة في قلب أحد الجيران، و تحرك إلى جمعية حقوق الإنسان كي يبلغ عنهما وسجنهما دون جرم اقترفاه، فكان لتلك الاستغاثة صدى بين الضلوع التي جدفت نحوهما كي تقوم بانتشالهما من هذا الغرق. وبالفعل تم انتشالهما من هناك، ووضعهما في الصحة النفسية كمستقر مؤقت، ولكنه طال أمده دون عائل يكفلهما فالأب طاعن في السن «ضرير عاجز» يقطن معه ابنه الذي يصغر الفتاتين، أو إدارة حكومية تحتضنهما وترعاهما. «المدينة» توجهت إلى مستشفى الصحة النفسية كي تطمئن على حالتهما الصحية و مدى استقرارهما النفسي، وسألت عن وضعهما. عزلة طويلة: فأكد لها الأخصائي النفسي بالصحة النفسية بجازان، أحمد إبراهيم محمد المسؤول عنهما قائلاً: أدخلت الأختان مريم م م « 25 سنة»، وآمنة م م «23 سنة» سعوديتا الجنسية بموجب خطاب المشرف العام لفرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان رقم 962 وتاريخ 10 محرم 1430 ه . واتضح بعد الكشف الطبي النفسي اللازم أن حالتهما الصحية تظهر عليهما علامات الإرهاق والوهن والضعف العام مع وجود تخلف عقلي بسيط، وكان ذلك ناتجاً عن حالة العزلة التي فرضت عليهما من قبل أخيهما الكبير «أ». واستطرد في سرد تفاصيل حياتهما من خلال سؤاله لأخيهما «أ» عن سبب عزله لهما، فأجابه : «أن أمهما كانت متخلفة، و كانت تتركهما في الشارع مهملتين، و كانت تصرفاتهما غريبة، فوضعتهما في البيت للمحافظة عليهما». ويضيف: بعد مغادرة أمهما إلى ذويها، و عجز والدهما كان أخوهما غير الشقيق هو الوصي عليهما. كما لديهما أخ اصغر منهما يقطن مع والده المسن، وأخت تسمى: (ع)، و هي على أتم استعداد أن تأخذهما و ترعاهما. تحسن حالتهما : ويؤكد أنه مع مرور الوقت الممزوج بالعناية والرعاية الطبية تحسنت حالتهما الصحية والنفسية وخرجتا من دائرة ما كانتا تعانيان منه. وتم مخاطبة عدة إدارات من أجل إيوائهما وتقديم الرعاية الاجتماعية اللازمة لهما، (التأهيل الشامل ودار الرعاية الاجتماعية التابعة للجمعية الخيرية بجازان، ودارة الفتاة ) ومع كل خطاب يعلق الأمل ناقوسه لبداية حياة جديدة. لذلك هما تسألان بين الحين والآخر «متى نخرج من هنا»؟ شروط الخدمة الاجتماعية: كما أن الخدمة الاجتماعية رحبت بهما ولكن بشرطين يتمثلان بتنازل ولي الأمر والحالة الصحية، وتقرير يفيد بأنهما لا تشكلان خطراً على نفسيهما أو على الآخرين. بالنسبة للتنازل تم الحصول عليه من والدهما أما الحالة الصحية أثبتت التقارير الطبية تحسن حالتهما وأنهما مستقرتان حالياً. وكانت آخر مفاهمة مع مدير إدارة التأهيل الشامل بجازان المكلف فيصل عسيري بأنه أمر بالموافقة بقبولهما في الدار وسيتم مخاطبة الإدارة العامة في ذلك ليتقرر قبولهما بالتأهيل الشامل. «المدينة» اتصلت بمدير التأهيل الشامل بجازان فيصل عسيري الذي أفاد بأنه تم رفع أوراق المريضتين عن طريق الشؤون الاجتماعية بجازان قبل أسبوعين، وأضاف «لا زلنا بانتظار موافقة الوزارة من أجل قبولهما في الدار». حقوق الانسان : من جانبه قال مدير مستشفى الصحة النفسية بجازان الدكتور / إبراهيم عريشي: «عندما أثارت حقوق الإنسان الموضوع من الناحية الإنسانية، لم يكن لديهم الآليات والرؤية الواضحة والوسائل المساعدة التي يساعدون بها الناس مشيراً الى أنهم أثاروا الموضوع وحملوا المستشفى الجزء الأكبر»، وقال: «الآن نحن الذين نطالب أن يكون للفتاتين مكان، كون أبوهما رجلا كبيرا في السن وأخوهما غير مؤهل لأن ما قام به ضدهما يعتبر عنفا أسريا. ومن ناحية إنسانية متحفظين عليهما حتى يجدا مكانا يؤيهما فهما بنتان إلى أين تذهبان ؟! وفي الوقت نفسه نخاف عليهما الأذى لأنهما تعيشان مع مريضات نفسيات. و لم تستقبلهما الشؤون الاجتماعية ولا أي إدارة حتى الآن، والسؤال الذي يطرح نفسه إلى متى ؟؟؟ إلى ذلك أشارت ابنة شقيقتهما (شابة جامعية) في اتصال هاتفي معها أن والدتها مستعدة لأخذ الفتاتين للعيش معها لكنها تخشى الدخول في مشاكل مع شقيقها.